د.عاطف سلامة
تقع النوفيلا في 200 صفحة من القطع المتوسط، يحاول الكاتب خلالها وبطريقته الذكية وبأسلوبه الأدبي الشيق، الذي لا يخلو من الفكاهة، أن يضع القارئ فيما يجرى بغزة ، بعدما أشتد حصارها وتكشف حالها وتغلغل الفقر بين أهلها، واستشرى العوز، فشحبت الوجوه أكثر وأصابها الوجوم ولم يعد لساكنيها المقدرة على توفير أدنى متطلبات الحياة، جراء حالة الضنك الشديد التي أصابت الجميع.
حالة الفراغ أثرت على الشباب أكثر من غيرهم، فعدا عن قلة – بل انعدام – العمل شعروا بالتهميش، ما أحدث قلقاً حيال مستقبلهم المجهول، فكانت أعمارهم تجري بسرعة الريح، دون تحقيق شيء، فدب الإحباط في نفوسهم، وازداد شعورهم بالنقمة، ما نتج عنه تعاطي المخدرات من الأنواع الرخيصة، كحبوب الهلوسة، الترامادول والسعادة، وغيرها، ما زاد من الاعتداءات والسرقات والنصب والاحتيال، وكثرت النزاعات والمشاكل العصبية، فكممت الأفواه، وأصبح الهروب مناصاً، والهجرة أو اللجوء إلى أوروبا حديثاً عاماً، ولم يعد الشباب يعبئون بالموت في سبيل البحث عن العيش الكريم
تجري أحداث النوفيلا في المدينة المنكوبة فيجد القارئ نفسه بطلها ليتحسس ما أصابه جراء ويلاتها، بما تكشفه النوفيلا من حالة الضنك الشديد والظروف المادية الصعبة من خلال أبطالها وهم من عائلة فلسطينية تجسد الحالة بمجملها في محافظات غزة بعدما كثرت فيه حالات المرض ، وازدادت نسبة هجرة الشباب وكثرت حالات الطلاق بين الغزيين وارتفعت نسبة العنوسة
من النوفيلا: ” تقول أم عبدالله: كانت الساعة الثانية عشر ليلا، وكان المطر “كب من الرب”، حين جاءني المخاض، فأسرع أبو عبدالله لجارنا أبي أكرم “الشوفير” – سائق تاكسي – أيقظه واستدعاه على وجه السرعة، وحملني إلى الكرسي الخلفي، وانطلقنا للمشفى، لم نصل لمنتصف الطريق حتى كان وسام يصرخ، فقد وُلد على عجل، كانت ولادته هي الأسهل، لم يتعبني قط كما إخوته وأخواته، لقد جاء متعجلاً، لم يصمد حتى وصولنا، كنت سعيدة به، لكن أبا عبدالله كان متوتراً جداً، حتى أنه قفز من السيارة بلمح البرق بمجرد وصولنا المشفى، وسحب الأطباء من الداخل عنوة؛ كي يساعدوني، وما هي إلا بضعة ساعات حتى عدنا للبيت.
الجدير بالذكر أن د. سلامة إلى جانب أنه روائي وعضو الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، فإنه أيضا فنان كاريكاتير وكاتب صحفي وسيناريست، فقد صدر له العديد من الكتب والمؤلفات أهمها: رواية “ندبة المرايا” التي صدرت في العام 2020 عن دار موزاييك للدراسات والنشر والتوزيع في اسطنبول، تركيا ، وكذلك “الصحافة والكاريكاتير” غزة 1999، ألبوم كاريكاتير “حنظلة يعود من جديد” 2003، والكاريكاتير.. سلطة السخرية والفن المشاغب صدر في حيفا عن دار كل شيء للنشر والتوزيع 2018، وكذلك الكاريكاتير.. فن اختراق التابوهات حيفا/ دار كل شيء للنشر والتوزيع 2018، وألبوم كاريكاتير “المقص” غزة/ دار الكلمة للنشر والتوزيع 2018، مشهد من غزة “4 مسرحيات” غزة / دار الكلمة للنشر والتوزيع 2019
وكتب سيناريوهات عديدة لمسرحيات أهمها: مسرحية “آخر العنقود” ، مسرحية ” فرج” ، مسرحية “أبو جنط يتحدى ترامب” ، مسرحية “عكاز” ، مسرحية “بقايا وطن” ، مسرحية “فضاء أزرق” ، مونودراما “التحدي الأكبر” ، مسرحية أطفال “المرآة والأشقياء” و مونودراما “الحقيبة”، مونودراما “صراع أخير”
وأقيمت له معارض خاصة، أهمها: معرض كاريكاتير “حنظلة يعود من جديد” عام 2003، ومعرض كاريكاتير “المقص” عام 2018
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.