يحلم الطفل الفلسطيني محمد شعبان (8 سنوات) بالعودة مجددا لمقاعد الدراسة مع افتتاح العام الدراسي الجديد في قطاع غزة بعد أن فقد بصره خلال النزاع الأخير مع إسرائيل.
خاضت إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة في أيار/مايو الماضي نزاعا داميا استمر 11 يوما، شنت خلالها إسرائيل مئات الغارات الجوية على قطاع غزة الذي أطلقت منه آلاف الصواريخ باتجاه الدولة العبرية.
الإثنين، توجه أكثر من مليون طالب فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى مدارسهم مع انطلاق العام الدراسي الجديد وسط تدابير احترازية للحد من تفشي فيروس كورونا.
وأكدت وزارتا التربية والتعليم في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة أن التعليم في العام الدراسي الجديد سيكون وجاهيا بالكامل.
اعتاد محمد في كل عام دراسي الذهاب إلى مدرسته في بلدة بيت لاهيا شمالا برفقة أبناء عمومته وأبناء الجيران، لكن أمس الإثنين ذهبوا وذهب أخوه الأكبر معهم ليبقى هو وحيدا في المنزل مع أخيه الأصغر الرضيع.
أصيب محمد في اليوم الأول من التصعيد في العاشر من أيار/مايو جراء قصف إسرائيلي على قطاع غزة على ما يقول والده هاني.
ويضيف الأب “تم استهداف السوق (سوق غزة المركزي) بقصف إسرائيلي وكان محمد هناك مع والدته لشراء الملابس وأصيب في عينيه وفقدهما وأصبح أعمى تماما”.
يتابع الأب “يسألني أحيانا متى سأرى أو متى سأعود إلى المدرسة مع الأطفال أو متى سأخرج إلى الشارع بمفردي”.
أسفر النزاع عن مقتل 260 فلسطينيا بينهم 66 طفلا ومقاتلون، في حين قضى في الجانب الإسرائيلي 13 شخصا بينهم طفل وفتاة وجندي، على ما أعلنت السلطات لدى الجانبين.
بعد إصابة محمد، اضطرت العائلة للتوجه إلى مصر بحثا عن علاج، إلا أن الأمل باستعادته بصره يبدو بعيد المنال بحسب والده الذي يقول إن “حياته انقلبت تماما، صار يرى الدنيا بلون واحد”.
أما سمية والدة محمد فتأمل أن تتمكن العائلة من تسجيل ابنها في مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة. وتتوفر بعض المدارس المتخصصة في المجال في القطاع.
تقول الأم لوكالة فرانس برس “طلب مني محمد الذهاب إلى المدرسة لكنني لم أتمكن من السماح له بسبب ظروفه الصحية وحرصا مني على نفسيته”.
تأخذ سمية دفترا وقلما من حقيبة ابنها الزرقاء وتضعهما بين يديه وتقول “لن أجعله يشعر بأي نقص، أريد أن أساعده لكني لا أعرف كيف أفعل ذلك”.
وتتابع الأم قبل أن تنهمر الدموع من عينيها وهي تضم ابنها بين ذراعيها “سأدرسه في المنزل حتى نجد له المدرسة المناسبة لكن ذلك ليس جيدا لنفسيتي أو لنفسية محمد”.
– “متقلب المزاج” –
يساور الأبوان هاني وسمية القلق بشأن استقرار حالة طفلهما النفسية، ويوضح الأب كيف أن الإعاقة الجديدة جعلته متقلب المزاج.
في شوارع الحي الضيقة يسير الطفل برفقة والده وهو ممسكا بيده مطأطئًا رأسه نحو الأرض.
وفي المنزل يرشد الأب ابنه للجلوس على الوسائد الموزعة على الأرض.
اتهمت منظمة هيوتس رايتس ووتش إسرائيل وحركة حماس الإسلامية الحاكمة في قطاع غزة بارتكابهما هجمات “ترقى إلى جرائم حرب” مطالبة بفتح تحقيقات دولية.
واستندت المنظمة في تقريرها إلى مقابلات شخصية أجرتها مع فلسطينيين في قطاع غزة وزيارات إلى مواقع أربع غارات وتحليل لصور الأقمار الاصطناعية ومقاطع الفيديو.
تفرض إسرائيل منذ أكثر من 14 عاما حصارا بريا وبحريا وجويا على قطاع غزة حيث يعيش نحو مليوني نسمة في فقر ومع معدلات بطالة مرتفعة خصوصا في صفوف الشباب.
يقول محمد “أتمنى أن أذهب إلى المدرسة وأرى الأطفال، وأتمنى أن أرى إخوتي، وأتمنى أن أرى أبي وأمي وأن ألعب مع رفاقي”.
ويوم الثلاثاء، اصطحبت الأم محمد إلى المدرسة في زيارة خاصة ليكون بجانب زملائه علها تخفف عنه بعض الحزن.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.