عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الاثنين، اجتماعًا طارئًا لمجلس الأمن القومي الروسي، بحث فيه آخر التطورات السياسية والعسكرية والإنسانية المتعلقة بالأزمة الأوكرانية، في حين تنتظر باريس رده بشأن قمة مرتقبة مع الرئيس الأميركي جو بايدن.
وقال بوتين، في كلمته التي ألقاها أمام أعضاء المجلس: “إن روسيا تواجه “تهديدا جديا وكبيرا جدا” على خلفية الأزمة الأوكرانية، معتبرا أن كييف ليست جاهزة للانضمام إلى حلف الناتو”.
وأفاد بوتين، بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبلغه أن القيادة الأوكرانية جاهزة لتطبيق اتفاقيات مينسك.
وفي السياق ذاته، قال بوتين إنه يدرس طلب الانفصاليين في دونيتسك ولوغانسك بالاعتراف بهما جمهوريتين مستقلتين.
وكان زعيما المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا دعوا يوم الإثنين الرئيس الروسي إلى الاعتراف باستقلالهما وإقامة “تعاون دفاعي”.
وأطلق هذه الدعوة المنسقة -التي بثت عبر التلفزيون الروسي- زعيم “جمهورية دونيتسك الشعبية” دينيس بوشيلين وزعيم “جمهورية لوغانسك الشعبية” ليونيد باسيتشنيك.
وإذا اتخذت روسيا هذه الخطوة، فقد تمهد الطريق أمام موسكو لإرسال قوات عسكرية إلى كلتا المنطقتين، بذريعة أنها تتدخل بوصفها حليفا، لحمايتهما من أوكرانيا.
من جهته، قال مستشار الرئيس الروسي ديميتري كوزاك إنّه “في المفاوضات الدولية تتحدث كييف عن الالتزام باتفاقية مينسك فيما ترفضها في العلن”.
وأكّد كوزاك أنّ “عدم رغبة كييف في تنفيذ اتفاقات مينسك يفتح الباب لإمكانية الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك”.
نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف، أوضح أيضاً أنّ “الغرب يحاول إعادة رسم خريطة العالم ووضع روسيا في مأزق”، مشدداً على أنّه “يجب الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك إذا تطورت الأوضاع بشكل سلبي”.
وأضاف ميدفيديف: “يجب أن لا يتم تجاهل حقيقة وجود 800 ألف روسي في الجمهوريتين”.
رفض مقترحات موسكو
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: “إن الغرب رفض مقترحات موسكو الأساسية، بما في ذلك ضمان عدم توسع الناتو شرقا، قائلا إنه “يتم تجاهل مطلبنا بشأن عدم تعزيز أمن دول على حساب دول أخرى”.
وكشف لافروف عن لقاء مرتقب مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن في جنيف الخميس المقبل.
وفي السياق ذاته، أكّد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أنّ “كييف تزجّ بـنحو 60 ألف جندي على الحدود مع دونيتسك ولوهانسك”، مشدداً على أنّه “لدى أوكرانيا إمكانات لتصنيع أسلحة نووية ووسائل نقلها وهذا تهديد مباشر لأمننا”.
وأضاف شويغو أنّ “الحشود الأوكرانية على حدود دونباس تشير إما الى التحضير للاجتياح أو إلى استفزاز روسيا”.
جمهوريتين مستقلتين
ناشد رئيسا جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، دينيس بوشيلين وليونيد باستشنيك، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للاعتراف باستقلال الجمهوريتين.
وأعلن باشنيك، أن هناك معلومات حول استعداد كييف لهجوم واسع النطاق على نهر دونباس، وأكد أن الجمهورية تمكنت من تجنب كارثة إنسانية فقط بفضل روسيا.
بينما أكد بوشيلين، أن سكان دونباس يشعرون بالروح الروسية، والهدف الرئيسي لهم هو التكامل مع روسيا.
وقال بوشيلين مخاطبا بوتين: “إن قراراتكم السياسية مثل الاعتراف بالوثائق الصادرة لسكان جمهورياتنا، فضلاً عن إمكانية حصولهم على الجنسية الروسية لا تقدر بثمن بالنسبة لنا”.
نقطة صفر
صرح نائب مدير مكتب الرئيس الروسي، دميتري كوزاك، أن عملية التفاوض بشأن تنفيذ اتفاقيات مينسك لم تتجاوز نقطة الصفر منذ عام 2015، وذلك خلال اجتماع لمجلس الأمن الذي يترأسه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال كوزاك ردا على سؤال الرئيس الروسي حول التقدم المحرز في عملية مفاوضات مينسك وما هي حالتها في الوقت الحالي: “لم تتجاوز نقطة الصفر منذ 2015″، بحسب وكالة الأنباء الروسية “تاس”.
وأشار كوزاك كذلك إلى أنه، وفقًا لمجموعة تدابير مينسك، كان من المقرر أن يبدأ الحوار بشأن الوضع المستقبلي لدونباس كجزء من أوكرانيا ما بعد الصراع، وذلك في اليوم التالي لاستكمال سحب الأسلحة الثقيلة، وهذا السحب للأسلحة الثقيلة، بحسب قوله، سُجل رسمياً واكتمل في 8 مارس / آذار 2015.
ونوه نائب مدير مكتب الرئيس الروسي إلى أنه وبحلول نهاية عام 2015، كان من المقرر أن يبدأ الحوار وأن تدخل تعديلات على دستور أوكرانيا، بالاتفاق مع دونباس، والتشريع الدائم بشأن الوضع الخاص، حيز التنفيذ، مضيفا “بعد ذلك – يتم إجراء انتخابات محلية وفقًا لهذا الوضع. وإنهاء الصراع بنقل السيطرة على الحدود الروسية الأوكرانية تحت سيطرة أوكرانيا”.
تسلل حدودي
أعلن الجيش الروسي، إحباط “عملية انتهاك الحدود الروسية من قبل مجموعة تخريبية جاءت من جهة أوكرانيا”، مشيراً إلى أنّ “5 متسللين قُتلوا على يد القوات الروسية”.
وجاء في بيان أصدرته المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية، أنّ “دوريةً لحرس الحدود الروسية رصدت عملية تسلل عبر الحدود قرب إحدى البلدات بمقاطعة روستوف الحدودية”.
وأضاف البيان أنّ “الدورية طلبت إرسال فريق من القوات المسلحة الروسية المكلفة بدعم أداء حرس الحدود في المنطقة إلى مكان الحادث”.
ولفت إلى أنّه خلال الاشتباك “عبرت ناقلتان مدرعتان أوكرانيتان الحدود الروسية بهدف إجلاء المتسللين بشكل طارئ، وتم القضاء عليهما بنيران الوسائل الروسية المضادة للدبابات”. كما أكّد البيان “عدم سقوط إصابات أو ضحايا في صفوف العسكريين الروس”.
أمّا مساعد وزير الداخلية الأوكراني، فنفى المعلومات حول تسلل أوكراني إلى روسيا، واصفاً إياها بـ”الكاذبة”.
وفي السياق، صرّحت هيئة الاستخبارات الخارجية الروسية، بأنّ “الاستخبارات الغربية تجند إرهابيين من الشرق الأوسط للقتال في دونباس”.
قمة أطراف الأزمة
من جهتها، أوضحت الرئاسة الفرنسية، يوم الاثنين، أن عقد قمة بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير لبحث الأزمة الأوكرانية أمر ممكن، لكن يتعين على بوتين أن يتخذ قراره بشأن عقدها.
وأضاف الإليزيه: “أنه من الممكن التوجه نحو عقد قمة تجمع الأطراف المعنية بالأزمة الروسية الأوكرانية، وشدد على أن الوضع لا يزال خطرا جدا”.
كما قالت باريس أيضا:”إن وزيري خارجية البلدين سيحضّران القمة خلال اجتماعهما المقرر الخميس المقبل، على أن تعقب هذه القمة قمة موسعة تبحث قضايا الأمن والاستقرار الإستراتيجي في أوروبا”.
وقد أكد البيت الأبيض قبول الرئيس جو بايدن عقد قمة مع بوتين ما لم يحدث غزو روسي لأوكرانيا.
مسار دبلوماسي
وأردفت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي: “إن واشنطن ملتزمة بمتابعة المسار الدبلوماسي إلى أن يبدأ الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأضافت أنها مستعدة دوما للدبلوماسية، لكنها مستعدة أيضا لفرض عقوبات وخيمة وسريعة إذا اختارت روسيا الحرب.
وقال البيت الأبيض إنه يبدو أن روسيا تواصل الاستعدادات حاليا لشن هجوم واسع النطاق على أوكرانيا في وقت قريب جدا.
في المقابل، أفاد الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، أنه لا توجد أي خطط حاليا لعقد لقاء بين الرئيسين بوتين وبايدن.
ولم يستبعد بيسكوف في الوقت نفسه، إجراء اتصالات بين الرئيسين في أي لحظة عند الضرورة، سواء عبر الهاتف أو عبر لقاء شخصي.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا، دعم بلاده لعقد قمة بين بايدن.
أوروبيا، قال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الاتحاد يؤيد مبادرة عقد محادثات بين واشنطن وموسكو بشأن أوكرانيا.
كما نقلت وكالة “رويترز” عن متحدث باسم الحكومة الألمانية أن المستشار الألماني أولاف شولتس سيتحدث هاتفيا مع الرئيس الروسي.
مناورات عسكرية
وبحسب مينسك، فإن الهدف من المناورات العسكرية يبقى “ضمان الرد المناسب ووقف تصعيد الاستعدادات العسكرية التي يقوم بها أشخاص ذوو نيات سيئة قرب الحدود”.
ويشهد شرق أوكرانيا، حيث تقاتل قوات كييف منذ 2014 انفصاليين موالين لروسيا ومدعومين منها، منذ أيام موجة جديدة من المواجهات المسلحة وسط التوتر المتصاعد بين موسكو والغرب.
وتتّهم روسيا بحشد 150 ألف جندي على الحدود الأوكرانية استعدادا لغزو هذه الجمهورية السوفياتية السابقة. وتؤكد واشنطن من جانبها أن موسكو تبحث عن ذريعة لشن الهجوم وأن العنف في الشرق قد يكون هذه الذريعة.
وتتزايد المواجهات المسلحة على خط المواجهة في شرق أوكرانيا في الأيام الأخيرة، بينما أبلغ مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا عن أكثر من 1500 انتهاك لوقف إطلاق النار بين الخميس والجمعة، وهو رقم قياسي هذا العام.
وتنفي موسكو أي خطة في هذا الاتجاه، لكنها تطالب بـ”ضمانات” لأمنها في طليعتها تعهد بعدم ضم كييف إلى حلف شمال الأطلسي، وقد ضاعفت التدريبات العسكرية.
ولم يذكر الكرملين عدد الجنود الروس المشاركين في التدريبات العسكرية في بيلاروس، لكن واشنطن قدرت عددهم بـ30 ألفا.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.