مع دخول الحرب الروسية في أوكرانيا أسبوعها الثاني، يواصل الإسرائيليون انشغالهم في بحث تبعاتها، سواء على الصعيد الدخلي البحت، أو الإقليمي خاصة فيما يتعلق بإيران وسوريا، وصولا الى فرضية احتلال أوكرانيا كلها من قبل الجيش الأحمر، وهي مسألة تعيد إلى أذهان الإسرائيليين تورطهم في جنوب لبنان وغزة في حروب سابقة.
مع العلم أن القراءة الإسرائيلية من الهدف الروسي من الحرب الدائرة أن تبقى أوكرانيا جزء من دائرة نفوذها، ولذلك فإن هذه الحرب مستمرة، دون أن تظهر نهايتها بعد، على اعتبار أن أوكرانيا ليست مثل أي دولة أخرى في نظر روسيا، إنها جزء من روسيا التاريخية، ولن تكون جزء من حلف الناتو، وهذا ما يقوله بوتين منذ سنوات، وهذا ما فعله في جورجيا وكازاخستان وبيلاروسيا.
ولذلك، تقدر المحافل الإسرائيلية أن بوتين قد لا يضطر لغزو أوكرانيا بأكملها، بل سيتعين عليه تغيير الحكم فيها، وفي النهاية لن يستسلم الروس حتى يحققوا هدفهم، حتى لو كانت الأثمان صعبة.
الجنرال إيغال سلوفيك القائد السابق للقوى البشرية في سلاح المشاة، قال في مقابلة مع صحيفة “معاريف” العبرية، إن “الروس رغم قوتهم، فإن لديهم عيوبا على الأرض، والتحدي الحقيقي أمامهم يكمن في كيفية نجاحهم بالبقاء في المناطق السكنية، صحيح أن الحرب الروسية الأوكرانية ربما لم تنته بعد، لكن التوثيق المقلق لقوافل القوات الروسية الممتدة لمسافة تزيد عن 64 كيلومترا وهي متجهة نحو كييف بهدف تطويقها، يضع اليد على ثغرات قتالية ميدانية للجيش الروسي”.
وأضاف أن “تحليل الزاوية العسكرية في الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة تشير إلى أنه إذا قرر الروس أن يحدث أمر ما على الصعيد القتالي، فإنه سيحدث، من خلال نشر الدبابات في شوارع كييف نفسها، ولكن بعد ذلك سيبدأ التحدي الحقيقي أمامهم، ويتمثل في كيفية الحفاظ على مساحة حضرية كثيفة مع عدد كبير من المدنيين الأوكرانيين، هذا التحدي الكبير يكمن في كيفية إدارة الروس للخدمات اللوجستية لمثل هذه العملية العسكرية القتالية”.
وتظهر القراءة الإسرائيلية ليوميات الحرب الأوكرانية الروسية نوعا من الاستهانة بما لدى كييف من قدرات عسكرية، من خلال اعتبار أن الجهد الأوكراني لوقف الغزو الروسي ليس كافيا إلى الآن، انطلاقا من فرضية أن قنابل المولوتوف لا تنتصر على الدبابات، وفي الوقت ذاته يطرح الإسرائيليون سؤالا سألوه لأنفسهم حين قرروا مهاجمة جنوب لبنان وغزة، ويتعلق بالمدى الذي يستطيع فيه الجيش الروسي خوض حرب في مناطق سكنية مأهولة، وإلى أي مدى يبدو الأوكرانيون جاهزين للقتال على هيئة حرب العصابات.
وفي الوقت ذاته، تتوقع المحافل العسكرية الإسرائيلية أن يستمر القتال الروسي في أوكرانيا على النحو الذي مضى عليه الأسبوع الأول، بحيث قد لا تتمكن روسيا من الإفلات من التحدي المشار إليه أعلاه حول المكوث فترة طويلة في المناطق السكنية المأهولة، مما سيضطرها في النهاية للاعتراف بحدود القوة، لأن الضغط الدولي، وربما المحلي أيضا، سيزداد كلما زاد عدد القتلى الأوكرانيين، وهو ذات الإشكال الذي واجهه الاحتلال الإسرائيلي حين شن عدوانا على الفلسطينيين.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.