بقلم: حمادة فراعنة
سبق ونجحت المستعمرة عام 1948، برمي القضية الفلسطينية، خارج فلسطين، وباتت تداعياتها مسؤولية الدول المضيفة الثلاثة: لبنان، سوريا والأردن، ونجحت الولايات المتحدة في العمل على طمس الأولوية لقراري الأمم المتحدة: 181 و194، الخاصين الأول بحق الفلسطينيين بقيام دولتهم على أرضهم، والثاني بحق اللاجئين في العودة إلى بلدهم، وتم استبدالهما بالقرار 302، المتضمن تشكيل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، وبذلك قلبت مشهد الاهتمام الدولي نحو فلسطين من قضية سياسية تتمثل بالقرارين 181 و194، إلى قضية إنسانية لشعب غلبان، مجسدة بالقرار 302.
اللاجئون الفلسطينيون طوال الخمسينات والستينات، الذين باتوا العنوان والقضية، حولوا مخيماتهم، منذ بدايات السبعينات من مخيمات اللجوء والتشرد والحاجة، إلى مخيمات ترفع شعارات النضال ومطالب العودة، وباتوا هم الثورة وأدواتها، ومنهم ولدت فصائلهم وتنظيماتهم واتحاداتهم الشعبية والمهنية المتخصصة، فأحبطوا المساعي الأميركية الإسرائيلية التي هدفت إلى تبديد تماسك اللاجئين كقضية، وشطب هويتهم الفلسطينية، وكبح جماح تطلعاتهم الوطنية نحو العودة واستعادة ممتلكاتهم وبيوتهم في بلدهم المصادر المحتل: فلسطين.
إحتلال ما تبقى من فلسطين عام 1967، من قبل المستعمرة وفق برنامجها التوسعي التدريجي، حوّل القضية الفلسطينية إلى عنوانين متلازمين: 1- تحرير فلسطين واستقلالها، 2- حق اللاجئين بالعودة، وعمل التفاهم الأميركي الأوروبي الإسرائيلي على إحباط عنواني فلسطين: الاستقلال والعودة، وهذا ما يُفسر العمل على إضعاف الأونروا وجعلها في حالة تراجع، وتجفيف مواردها المالية إلى الحد أن الرئيس الأميركي ترامب، سعى علناً إلى إلغائها، خدمة للبرنامج الإسرائيلي، ولكن مساعيه تم إحباطها، لأن قرار الاستمرارية والإلغاء يحتاج إلى قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة صاحبة الولاية لأن الأونروا تشكلت بقرار منها.
الأونروا غدت عنواناً لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وباتت هي إحدى أدوات التعبير عن حقوقهم: 1- الحياتية المعيشية، 2- الوطنية السياسية، ولذلك يقف الأردن في طليعة البلدان العربية والإسلامية، في رفض المساس بصلاحياتها، أو إجراء أي تغيير على ولايتها، أو الانتقاص من خدماتها، أو نقل هذه الخدمات نحو مؤسسة أو عنوان آخر.
لقد نجح الرئيس الراحل ياسر عرفات في نقل العنوان الفلسطيني من المنفى إلى الوطن، بفعل الانتفاضة الأولى 1987 وتداعياتها اتفاق أوسلو 1993، وباتت فلسطين هي العنوان وهي النضال، وأهلها والمقيمون فيها وعليها هم الأداة وهم الهدف، ليتراجع نسبياً دور اللاجئين وقضيتهم وحقوقهم: 1- المعيشية، 2- السياسية، وهي سياسات مبرمجة هادفة إلى التراخي عن الاهتمام بقضية اللاجئين على طريق شطبها، وهم يمثلون عددياً وديمغرافياً نصف العدد الكلي للشعب الفلسطيني.
اللقاء يوم الأحد 5 حزيران 2022، بين أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء، والمفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني، هدف إلى وضع خارطة طريق وبرنامج عمل من أجل توفير الدعم المالي اللازم لسد العجز المتكرر في موازنتها وتمكينها من استمرار عملها وتقديم خدماتها المحددة وفق تكليفها من قبل الأمم المتحدة، وكيفية بذل الجهود لحشد الدعم المالي للمنظمة الدولية، ودعم الشركاء الدوليين وإسنادهم لها في تغطية احتياجاتها المالية، وإلتزاماتها الضرورية.
إضعاف الأونروا خطة إسرائيلية مبرمجة، تسعى لشطب قضية اللاجئين، وحقوقهم في العودة وتطلعاتهم في استعادة ممتلكاتهم على أرض وطنهم الذي لا وطن لهم غيره: فلسطين.
Comments are closed.