وفقاَ لمعهد “إسرائيلي” .. رؤى وتوصيات لواقع الأزمة الروسية الأوكرانية على المنطقة

نشر معهد السياسة والاستراتيجية “IPS” في جامعة رايشمان الإسرائيلية، رؤى وتوصيات للواقع العالمي الجديد في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، بعنوان “الواقع العالمي الجديد – التداعيات على إسرائيل”.

جاء ذلك في حديث رئيس جامعة رايشمان، رافي ملنيك: “يبدو أن العالم يُواجه نظاماً قديماً جديداً، حيث يُمكن التعرف على براعمه قبل الحرب في أوكرانيا في مواجهة تعزيز القومية المحلية على حساب العولمة المحلية: أمريكا ترامب أولاً، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وباء كورونا يضرب سلاسل التوريد العالمية ويقلص اقتصاديات العالم، وأخيراً الحرب في أوروبا التي أعادت التنافس بين التكتلات في القرن العشرين إلى مركز المسرح العالمي، ومعها الحواجز والعقوبات، وفصل الشعوب والاقتصادات”.

ورأى ميلنيك، أنَّ الاتجاه الناشئ هو أنّ التجارة العالمية ستستمر في الانكماش وأنَّ المنافسة على الموارد الأساسية مثل الطاقة والغذاء ستشتد، وسيؤدي هذا الوضع إلى ارتفاع حاد في مصادر الغذاء والطاقة، وتراجع معدل النمو، والتضخم، وركود حاد بطريقة مثل ما حدث في الأزمة العالمية الناجمة عن الحظر النفطي لعام 1973.

وتابع: أنَّ التقدير السائد بين الخبراء هو أنَّ العالم يواجه تباطؤاً، وعلى هذه الخلفية بالتحديد اندلعت الحرب التي سرعت الاتجاه الحالي، مُضيفاً “العالم يُواجه “معضلة السجين”، ما الذي يجب معالجته أولاً ؟ في الركود العالمي أم في تسارع التضخم؟، مع مرور الوقت، يمكن أن نفهم أن التضخم ليس نتيجة عمليات مؤقتة، بل هو مستمر، وله طاقة تتطلب، وبالتالي من الضروري “مكافأة العالم” من العيش في “بيئة معدل فائدة صفري”، وتعديل سعر الفائدة تدخل جذرياً مع الواقع الجديد الذي تم إنشاؤه”.

ما التداعيات على إسرائيل؟
وبحسب ورقة التوصيات، فإنَّ الحرب في أوكرانيا تتسع وأصبحت أخطر أزمة عالمية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث في الأشهر الأخيرة بدأ نظام عالمي جديد يتشكل ويتمحور حول تشكيل كتلتين: من جهة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، ومن جهة أخرى، أنظمة استبدادية بقيادة الصين وروسيا.

وجاء في الورقة أنَّ الرتل المدرعة الروسية والقصف العنيف للسكان المدنيين، وموجات اللاجئين الفارين من البلاد، وصور المقابر الجماعية في بوشا وماريوبول، تُوضح فظائع الحرب وأسعارها الباهظة، ومن الممكن بالفعل تحديد تغيير جوهري في النظام العالمي يتحول إلى سباق تسلح شامل، وإعادة بناء التحالفات وتوازن القوى بطريقة تؤدي أيضاً إلى تصعيد شامل.

واحتوت الورقة على عدة رؤى وتوصيات من بينها:
أولاً: نجحت سياسة “إسرائيل” فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا واشتداد التنافس بين الكتل حتى الآن في مناورة استراتيجية بطرقة متوازنة نسبياً بين التوترات والضغوط، بطريقة تتوافق مع الاعتبارات العملياتية الواسعة لإسرائيل في المنطقة، ومع ذلك بينما تكثف الولايات المتحدة خطواتها تجاه روسيا وتُطالب حلفاءها بموائمة سياساتهم مع هذا الخط، ستجد إسرائيل صعوبة في الحفاظ على التوازن الحالي في مواجهة مركزية التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.

ثانياً: نشأت أزمة اقتصادية حادة نتيجة للحملة في أوكرانيا، مما أدى إلى تلف سلاسل الإمدادات العالمية، وارتفاع تكلفة المعيشة، وتقويض الأمن الغذائي لدول الشرق الأوسط، ويصب تقويض النظام الإقليمي في مصلحة القوى الرجعية مثل إيران، ويضر بالبنية الأمنية الشاملة، البجعة السوداء” للانهيار الاقتصادي والإضطرابات الإقليمية، تلزم إسرائيل بصياغة سياسة مساعدة للأنظمة العربية، خاصة مصر والأردن، وهما مركزان الأمن القومي لإسرائيل، بشكل مباشر وعبر التأثير على واشنطن، بالإضافة إلى ذلك، يفتح هذا الوضع فرصة لتوسيع التعاون الاستراتيجي مع العالم العربي، ولإنشاء أصول القدس للنظام الإقليمي.

ثالثاً: هناك عدد من الدروس العسكرية المهمة للجيش الإسرائيلي التي يتم شحذها في أعقاب الحملة في أوكرانيا، خاصة في ظل التهديد الأمني المحيطي المتزايد الذي تشكله إيران على إسرائيل، الدرس الرئيسي للجيش الإسرائيلي في هذا السياق هو أنه في الحملة القادمة سيتعين عليه كسب حرب قصيرة قدر الإمكان، وإظهار التفوق العسكري، مع نقل الحملة إلى الجانب الآخر، وتحييد خطر إطلاق النار وتقليل الإضرار التي تلحق بالجيش الإسرائيلي والجبهة الداخلية، إلى جانب تعزيز الردع على أساس القدرات الحقيقية والكفاءة المهنية.

رابعاً: لا يمكن تحقيق هذا الإنجاز المنهجي إلا من خلال تعريف واضح لأهداف الاستراتيجية وهو ما يُترجم إلى خطة تشغيلية مفصلة وواضحة تسمح بحرية العمل التشغيلية بكامل الأبعاد، إلى جانب حرمان العدو من القدرة على تحقيق الإنجازات.

خامساً: إن أهمية الشرعية في الداخل، والشرعية العالمية لشن حملة قوية للحفاظ على حرية العمل السياسي والعسكري، أصبحت أكثر وضوحاً في أعقاب الحملة في أورو با، إن ميزان القوى المنحاز لصالح الجيش الإسرائيلي، والضرر الذي يلحق بالمدنيين في ظل الخصائص القتالية للعدو، قد يخلق تحدياً كبيراً للشرعية على الساحة الدولية، والذي يجب معالجته من خلال إدارة جهد وطني متزامن للمستويات السياسية والأمنية والعسكرية، بما في ذلك في فضاء الوعي، هذه مهمة إستراتيجية ذات أهمية قصوى للأمن القومي، حيث سينعكس ثمن الفشل في إدارة الحرب ونتائجها على مكانة إسرائيل في النظام الإقليمي وفي المجتمع الدولي.

الـواقـع الـعـالـمـي الـجـدبـد – الـتـداعـيـات على إسـرائـيـل

Comments are closed.