على الرغم من بدء وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مشروع الأرشفة الإلكترونية للمواد الخاصة باللاجئين قبل عشر سنوات، فإن المرحلة الثانية من المشروع فجرت جدلاً واسعاً حول أهدافه، في ظل محاولات “لتفكيك الوكالة تمهيداً لشطب حق عودة اللاجئين”.
وبهدف الحفاظ على الملايين من وثائق أكثر من سبعة ملايين لاجئ فلسطيني وحقوقهم، لجأت “أونروا” إلى تحويل أرشيفها التقليدي إلى رقمي، خشية تعرضه للتلف أو الإحراق أو القصف.
وتحتفظ الوكالة بملفات عائلية كاملة لكل لاجئ من فلسطين مسجل لديها، للحفاظ على وضع اللاجئين وحقوقهم. ويتوزع وجود أرشيف “أونروا” بين غزة والقدس وعمان، ويعود إلى عام 1950، ويضم كل ما يتعلق باللاجئين من وثائق ولادتهم ووفاتهم، وأماكن الولادة والعائلات التي ينحدرون منها، والمراسلات والصور ومقاطع الفيديو الخاصة بهم.
وخلال اجتياحه العاصمة اللبنانية بيروت عام 1982 سرق الجيش الإسرائيلي نسخة ورقية من الأرشيف كانت بحوزة منظمة التحرير الفلسطينية، حصلت عليها من “أونروا”.
وتمكنت الوكالة من الأرشفة الإلكترونية لأكثر من نصف مليون صورة، والمئات من مقاطع الفيديو، إضافة إلى 24 مليون وثيقة، وتوفيرها عبر موقعها على الإنترنت.
وشدد المستشار الإعلامي للوكالة، عدنان أبو حسنة، على أن مشروع الأرشفة الإلكترونية يهدف إلى “الحفاظ على الذاكرة الجمعية للفلسطنيين”، مشيراً إلى أن المشروع “أهم من الأكل والشرب”.
وتجرى حالياً عملية إنشاء الأرشيف الرقمي على الإنترنت لملفات اللاجئين في مقر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب (إسكوا) في بيروت، بعد نقل جزء من الأرشيف التقليدي من عمان.
منظمة التحرير تحتج
وعقب ذلك، تصاعدت ردود الفعل المحذرة من المشروع، مع بدء المرحلة الثانية منه، الخاصة بنقل الأرشيف من الأردن إلى لبنان. وعبر مسؤول رفيع في دائرة شؤون اللاجئين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطيينة عن موقف حذر ومشكك بالمشروع، مشيراً إلى ضرورة “وجود تنسيق مسبق بين الوكالة والمنظمة قبل بدء أي مشروع خاص باللاجئين”.
لكن مسؤولاً سابقاً في الدائرة كشف، لـ”اندبندنت عربية”، عن موافقة دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير على المشروع قبل سنوات، باعتباره يحافظ على وثائق اللاجئين من التلف أو الضياع، مضيفاً أن المشروع بحاجة إلى دعم مالي.
وفي رده على ذلك، عبر أبو حسنة عن استغرابه من الحذر الفلسطيني حول الملف، واصفاً مشروع رقمنة الأرشيف بـ”الأهم في تاريخ الوكالة”.
بدورها، حذرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين من العبث “بالكنز الوطني، وضرورة التنبه لكي يبقى أرشيف لاجئينا بعيداً من أيدي الجهات التي تتربص بالشعب الفلسطيني”.
واعتبر المفوض العام للوكالة، فيليب لازاريني، أن عملية الأرشفة الحالية “امتداد للعملية التي بدأت منذ أكثر من عشر سنوات”، معبراً عن أسفه من وصف المشروع بأنه “جزء من خطة لتدمير سجل لاجئي فلسطين”.
وقال لازاريني، إن المشروع “لا يكشف عن ملفات اللاجئين الخاصة، ولا يغير وثائقهم ولا المعلومات التي خزنتها الوكالة منذ أكثر من 70 عاماً”، مشيراً إلى أنه “يركز على حماية الملفات وحقوق اللاجئين”.
وحول الأزمة المالية الأكثر تهديداً لـ”أونروا”، أشار لازاريني إلى أنها “لا تحدث من فراغ”، حيث “تأتي وسط تحول الاهتمام العالمي إلى مكان آخر، والإرهاق العام مما يراه البعض على أنه صراع طويل مزعج وغير محلول”.
وأوضح أنه “ليس من قبيل المصادفة، في ظل الافتقار إلى الآفاق السياسية، أن تستمر المحاولات لشطب لاجئي فلسطين والوكالة التي تمثلهم”.
Comments are closed.