تحدث الضابط الإسرائيليّ السابق، الجنرال المتقاعد زئيف بلوخ، والشاهد على مجزرة حرق حوالي 80 جنديًا مصريًا من جنود الصاعقة المصريين بالقرب من القدس إبان حرب 1967، تحدّث عن تفاصيل المعركة، وقال لقد قمنا بدفن أمورٍ مكروهةٍ، وتستّرنا على القضيّة، مثلما نتستّر على أمورٍ كريهةٍ، كما قال.
وقال العسكري الإسرائيليّ السابق، في حديثٍ أدلى به لمركز (عكيفوت)، وهو معهد لبحث الصراع الإسرائيليّ-الفلسطينيّ، إنّ الجنود المصريين دخلوا للمنطقة دون تخطيط مسبق ولم يكن لديهم أيّ خرائط للمنطقة صحيحة، ولم نكن نعلم بوجودهم، طبقًا لأقواله باللغة العبريّة.
وأشار العسكريّ السابق، وهو من مؤسسي مستوطنة (نحشون)، التي نفذّت فيها المجزرة الرهيبة بحقّ الجنود المصريين، أشار إلى أنّه في يوم المعركة تحركت قافلة دبابات إسرائيلية، وفوجئت بضربات مقذوفات من طراز “آر بي جي” مباغتة في الليل، وتابع قائلاً:”في صباح اليوم التالي علمنا بوجود مجموعة من القوات التابعة لدولة أخرى تهجم علينا”، على حدّ تعبيره.
وشدّدّ خلال حديثه الموثّق بالصوت والصورة في الفيديو الذي نشره المعهد الإسرائيليّ على موقعه الالكترونيّ، وأيضًا على حساباته في وسائط التواصل الاجتماعيّ، شدّدّ على أنّ الجنود المتواجدين قاموا بفتح النار وضربهم إلّا أنّهم انقسموا، حيث توجهت مجموعة إلى إحدى القرى وتمركزت هناك، ومجموعة أخرى دخلت إلى الأراضي المهجورة، وهذه هي المجموعة التي تعرضت للحرق، وفق ما أكّده.
بالإضافة إلى ذلك، أشار إلى أنّ الجنود المصريين تعرضوا للحرق نتيجة الضرب المكثف تجاههم، وبعد احتراق الجثث قمنا بحفر حفرة كبيرة ودفنهم فيها، على حدّ تعبيره.
إلى ذلك، كشف المعهد الإسرائيليّ المذكور أعلاه عن وثيقةٍ سريّةٍ للجيش الإسرائيليّ صادرة في الـ2 من شهر كانون الأوّل (ديسمبر) من العام 1949، أيْ بعد حوالي السنّة من نكبة الشعب الفلسطينيّ، تناولت كيفية التعامل مع مَنْ أسمتهم إسرائيل بـ(المُتسللين)، وهو المصطلح الذي تمّ التعامل به في بداية العام 1950، حيثُ كان المصطلح الجديد يشمل جميع الفلسطينيين، الذين تمّ اعتقالهم لدى محاولتهم الدخول لإسرائيل، إنْ كان بهدف العودة لمنازلهم التي هُجّروا منها، أوْ زيارة أقاربهم الذين بقوا في فلسطين بعد النكبة، وإنْ كان من أجل فلاحة أراضيهم التي اضطروا لتركها.
ويتبيّن من الأمر العسكريّ الصادر عن قيادة منطقة المركز في الجيش الإسرائيليّ أنّه شمل آلية وكيفية التعامل مع هؤلاء (المتسللين)، الأمر الذي أدّى، بحسب المعهد الإسرائيليّ، قتل العديد منهم بعد إطلاق النار عليهم. وجاء حرفيًا في الأمر، الذي عُرّف بالسريّ جدًا والمستعجل، وتمّ تعميمه على الجنود ووقع عليه قائد منطقة المركز آنذاك، جاء أنّ المسؤولية عن معالجة جثث هؤلاء (المتسللين) ودفنها ملقاة على عاتق قائد الوحدة في المنطقة، أوْ قائد الكمين، وأنّ الجثث يجِب أنْ تُدفن تحت الأرض وعليها التراب، ولكن يُمنع منعًا باتًا رمي القبر بالحجارة كي لا يُفهَم أنّه تمّ التنكيل بها. وتابع الأمر العسكريّ، أنّه في منطقة المثلث، وهي منطقة تتواجد فيها مجمعات عربيّة كثيرة (مدن وقرى)، يقوم الحاكم العسكريّ بالتنسيق مع السكّان العرب المحللين لنقل الجثث، كي يقوم السُكّان بأنفسهم بعملية الدفن، كما جاء في الوثيقة، التي تمّ الكشف عنها قبل أيّامٍ وكانت في أرشيف الجيش الإسرائيليّ.
علاوةً على ما ذُكِر أعلاه، أوضح معهد (عكيفوت) أنّه في العقود الأولى بعد إقامة إسرائيل لم تكُن هناك سياسة منظمّة لمعالجة جثث جنود الأعداء، وهذا الأمر ينطبِق على الفلسطينيين أيضًا، الذي كانوا من سُكّان البلاد، أيْ فلسطين، وقُتلوا في العام 1948، حيث أنّه على الأغلب تمّت عملية دفن الفلسطينيين بالقرب من مكان قتلهم، على حدّ تعبير المعهد الإسرائيليّ.
وأوضح المعهد أيضًا أنّ إعادة جثث جنود الجيوش العربيّة، الذين قُتِلوا خلال حروب دولهم مع إسرائيل، تمّت بطريقةٍ متقطعةٍ، وأنّ منظومة إعادة جثث الأعداء من قبل إسرائيل، بدأت رسميًا بعد حرب تشرين (أكتوبر) من العام 1973، بعد إقامة شعبة تحديد أماكن الضحايا، أوْ البحث عن المفقودين في الجيش الإسرائيليّ، وفق ما أكّده معهد (عكيفوت).
على صلةٍ بما سلف، دعت منظمة العدل والتنمية السلطات المصرية والخارجية المصرية بإعادة فتح ملف إعدام الأسرى المصريين على يد الجيش الإسرائيلي خلال عام 1956 وعام 1967، وتأتى تلك المطالبات بعد كشف وسائل الإعلام الإسرائيليّة عن مقبرة جماعية لجنود من الجيش المصري مدفونين في مستوطنة (نحشون) بالقرب من القدس.
وطالب المتحدث الرسمي للمنظمة والباحث السياسي زيدان القنائى الخارجية المصرية بفتح ملف إعدام الجيش الإسرائيلي لأسرى عسكريين ومدنيين مصريين خلال حرب 56 وحرب 67 على يد الجيش الإسرائيليّ، وأكّد أنّ جرائم إعدام إسرائيل للأسرى المصريين خلال الحروب التي خاضتها مصر مع إسرائيل جرائم لا تسقط بالتقادم داعيًا لمقاضاة إسرائيل دوليًا بسبب هذا الملف، كما جاء في البيان الذي أصدرته المنظمّة، وتلقّت (رأي اليوم) نُسخةً منه.
وخلُص البيان إلى القول، إنّ إسرائيل قتلت الأسرى المصرين في 49 في ميناء أم الرشراش، التي سمّتها إسرائيل بـ”إيلات”، وقتلت كل أهالي القرية وقوات الشرطة المصريّة، على حدّ تعبيره.
Comments are closed.