الاحتلال ينتهك حق التعليم ويقرر إغلاق 6 مدارس في القدس

بقلم: المحامي علي أبوهلال*

في إطار سياسة انتهاك حق التعليم في القدس المحتلة أصدرت وزارة المعارف الإسرائيلية، يوم الخميس ‏الماضي 28/7/2022 قرارا يقضي بسحب تراخيص 6 مدارس فلسطينية في مدينة القدس، بحجة ‏‏”التحريض عبر المناهج الدراسية‎.‎‏ والمدارس هي: الكلية الإبراهيمية، وكافة مدارس الإيمان “للبنين والبنات” ‏الابتدائية والثانوية‎

.‎
وذكرت الوزارة انه تم استدعاء مديري المدارس إلى جلسة استماع، وفي نهايتها تقرر، بتوجيه من وزير ‏التربية والتعليم شاشا بيتون، سحب ترخيص “التشغيل الدائمة”، وبدلاً من ذلك اعطاء المدارس ترخيصًا ‏مشروطًا لمدة عام واحد، من أجل تصحيح محتويات الكتب، وبعد التصحيح سيتم منحهم الترخيص الدائم‎

.‎
وفي بيان للوازرة كشفت الأمثلة التي تتضمن “التحريض في المنهاج”، ومنها الحديث عن الاسرى ‏الفلسطينيين، عراقيل الاحتلال لمركبات سيارة الاسعاف ومنع الوصول الى المصابين، أزمة المياه والسيطرة ‏على مصادر المياه من الاحتلال، وعن النكبة والنكسة للشعب الفلسطينيين، وللعلم فان الأمثلة التي ذكرتها ‏الوزارة تعتبر انتهاكات جسيمة متواصلة ومستمرة للاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في القدس وفي سائر ‏الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا تشكل تحريضا، بل هي وصف واقعي للممارسات وانتهاكات الاحتلال.‏

إن اغلاق هذه المدارس في القدس، تشكل استمرارا لانتهاكات سلطات الاحتلال ضد التعليم، وسياساتها ‏المتواصلة لتهويد المدينة المقدسة، وأسرلة التعليم فيها، وهي سياسة جديدة قديمة، بدأتها منذ السنوات الأولى ‏لاحتلال المدينة.‏
وفي إطار هذه السياسة أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيليّ في أواخر شهر تشرين الثاني عام 2019 ‏مكتب مديريّة التربية والتعليم في القدس، ومؤسسات فلسطينيّة أخرى تعمل في المجال الإعلامي والخدمات ‏الطبيّة. بذريعة تنفيذها أنشطة غير قانونية، حسب ادعاءات سلطات الاحتلال. وقبل ذلك بسنوات أغلقت ‏سلطات الاحتلال عدد كبير من المؤسسات الفلسطينية العاملة في القدس، من بينها بيت الشرق، والغرفة ‏التجارية، وغيرها من المؤسسات العاملة في القطاعات الحقوقية والصحية والاقتصادية والاجتماعية ‏والإعلامية والثقافية، ولا تزال هذه المؤسسات مغلقة حتى الآن، وفيما يتعلق بسياسة الاحتلال التي تنتهك ‏حق التعليم في القدس ينتهج الاحتلال أساليب مختلفة بغرض أسرلة المنهاج الفلسطيني، من ذلك حذف كل ‏ما له علاقة بالانتماء الوطني الفلسطيني وإضافة مواد تتماشى ومخططاته الاحتلالية من خلال تغيير أسماء ‏المدن الفلسطينية وتجريم اللغة والتراث الوطني، وحذف الأبيات الشعرية والآيات القرآنية التي تتحدث عن ‏الجهاد والشهداء‎.‎‏ أما الأسلوب الثاني الذي تلجأ إليه سلطات الاحتلال، فهو تخصيص أكثر من 20 مليون ‏شيكل لتطوير التعليم في القدس الشرقية على مستوى المرافق التربوية والبنية التحتية بشرط أن تدرس ‏المنهاج الإسرائيلي، علماً أن حكومة الاحتلال خصصت في العام 2018 مبلغ ملياري شيكل لأسرلة القدس ‏الشرقية، رصدت منها 445 مليون شيكل لأسرلة قطاع التعليم خلال السنوات الخمس القادمة، ضمن خطة ‏خمسية تهدف إلى رفع نسبة التعليم بالمنهاج الإسرائيلي إلى 90% في صفوف الطلاب المقدسيين خلال ‏السنوات الخمسة القادمة، والتهديد بسحب تراخيص المدارس الأهلية التي ترفض تطبيق هذا المنهاج، وتقديم ‏حوافز للطلبة المقدسيين وتسهيل قبولهم في الجامعات الإسرائيلية حال اختيارهم التعلم به، ويتلازم ذلك مع ‏إغلاق الاحتلال لمديرية التربية والتعليم الفلسطينية في مدينة القدس، والتضييق على البنية التحتية للمدارس ‏الفلسطينية في القدس ومنع توسعها، مقابل افتتاح الاحتلال لمدارس جديدة تابعة له، واشتراط منح الترخيص ‏لأي مدرسة حديثة بالتزامها بالبجروت الإسرائيلي، واستهداف المدارس الخاصة عبر محاولة ابتزازها ‏بالميزانيات للضغط عليها في هذا الجانب‎

.‎
إن مواجهة سياسة الاحتلال ضد التعليم في القدس تتطلب جملة من السياسات التي ينبغي أن تتبناها وزارة ‏التربية والتعليم الفلسطينية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن أهمها تخصيص ميزانيات دعم ‏للمدارس الفلسطينية الخاصة في القدس، للصمود أمام سياسات الاحتلال وعدم رضوخها للابتزاز المالي من ‏قبله، ودعم التعليم المهني وتخصيص موازنة لتطويره وتوسيعه، ورصد منح جامعية كاملة من قبل الجامعات ‏الفلسطينية لطلاب التوجيهي في القدس، قد تتكفل بنفقتها وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، بتنسيق مع ‏صندوق ووقفية القدس واتحاد رجال الأعمال، واستخدام المدارس الفلسطينية كمراكز أهلية لدعم الشباب ‏الفلسطيني وتثقيفهم وطنياً ضمن أنشطة لامنهجية بعد ساعات الدوام المدرسي، وينبغي التأكيد على أنّ ‏موضوع التعليم في القدس يعتبر قضية وجودية، الأمر الذي يتطلب من دولة فلسطين ووزارة التربية والتعليم ‏إعطاء اهتمام خاص للقدس، ورصد الميزانيات والبرامج والمشاريع التي تدعم صمود المدارس في المدينة ‏المقدسة، إضافة إلى أهمية رفع رواتب المعلمين الفلسطينيين في القدس، بشكل يتناسب مع مستوى المعيشة ‏للحفاظ على الكادر التعليمي وتطويره، والقيام بتحرك شعبي ضد فرض المنهاج الإسرائيلي وامتحان البجروت ‏على المدارس، ومواجهة ظاهرة اقتحامات المدارس وتفتيشها واستدعاء مديراتها ومدراءها للتحقيق وهي ظاهرة ‏باتت لافتة في سياق تعامل الاحتلال مع مؤسسات التعليم والعاملين فيها‎

.‎
‏*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.‏

Comments are closed.