بقلم: رشاد أبو داود
تقريباً، تجاوز العالم أزمة الرغيف باتفاق روسيا وأوكرانيا بوساطة تركية ورعاية أممية بمرور سفن القمح، لكن كيف يتجاوز الأزمة الأكبر للحرب المستمرة منذ ستة أشهر دون غالب أو مغلوب؛ هذه الحرب التي لا تسميها موسكو «حرباً»، بل «عملية عسكرية»، والمرشحة لأن تصبح حرباً عالمية، وربما نووية؟
دول العالم منقسمة الآن بشأن موقفها من حرب أوكرانيا. بعضها، يقف إلى جانب روسيا، علناً أو ضمناً. البعض إلى جانب أوكرانيا علناً، تسليحاً ودبلوماسياً ودعماً في المحافل الدولية. البعض، وهم الأكثرية، يقف محايداً بانتظار من يحسم هذه الحرب التي لا يعرف أحد متى تنتهي ولصالح من؛ النظام العالمي الحالي بقيادة الولايات المتحدة أم النظام العالمي الجديد متعدد القطبية ليضم روسيا والصين بشكل أساسي؟
حتى الآن، أوروبا هي الخاسر الأكبر من الحرب. فسلاح العقوبات الذي رفعته في وجه روسيا ارتد مرحلياً عليها. وها هي تنتظر شتاءً قارساً وصقيعاً يجمد عروق الأطفال والنساء والرجال و.. الساسة وذلك بسبب تراجع إمدادات الغاز الروسي الذي يغذي الحياة والمصانع والمدافع في معظم دول القارة العجوز، ما أدى إلى شبه انقسام بين دول الاتحاد الأوروبي وبالتالي إلى تشقق في بنية حلف الناتو.
فلم يعد مجدياً أوروبياً مقولة «أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب». مصالح الدول في مثل هذه الظروف هي في المقام الأول، والميكيافيلية أفضل الطرق لتحقيق هذه المصلحة «الغاية تبرر الوسيلة» حتى لو كانت هذه الوسيلة الانفكاك عن أمريكا. فواشنطن تمر بمشاكل منها كميات الدولار التي دأبت على طبعها منذ الجائحة، الأمر الذي يهدد بانهيار العملة «العالمية» وتضعضع الاقتصاد الأقوى في العالم، ومنها ما هو غير مسبوق ونعني قضية الرئيس السابق ترامب وملاحقته قضائياً بسبب الوثائق التي أخفاها بمنزله في فلوريدا. ناهيك طبعاً عن الأوضاع المتفجرة مع الصين بسبب تايوان.
أصابع الصين وأمريكا على الزناد فيما العالم يده على قلبه أن يصحو يوماً على خبر الحرب والتي ستكون لها ارتداداتها على كل جسد الكرة الأرضية.
حتى اللحظة تتخذ بكين موقفاً إلى جانب موسكو وعينها على أمريكا وحلفائها في ما يتعلق بحرب أوكرانيا. فجميع سكان الصين دائماً ما يقفون عاطفياً إلى جانب روسيا، بغض النظر عما يحدث في روسيا. لكن ما يحدث الآن بالفعل، يستعصي على بعض الصينيين العاديين. ولذا قررت الحكومة أن تشرح لعامة الناس بلغة يسهل الوصول إليها باستخدام قصة رمزية.
منذ أكثر من 20 عاماً، طلقت أوكرانيا زوجها روسيا. كان من هذا الزواج أطفال. وكان الزوج (روسيا) كريماً وترك لزوجته ميراثاً كبيراً، بل وسدد ديون زوجته – 200 مليار دولار. بعد الانفصال، بدأت الزوجة في مغازلة فتى القرية (الولايات المتحدة) وأصدقاءه (الغرب).
بدأت الزوجة في الاستماع إلى رأيهم فقط، وبدأت في مهاجمة زوجها السابق معهم. ثم غضب الزوج وأخذ منها طفلاً بالقوة – القرم. ثم قالت الزوجة الغاضبة إنها ستتزوج «الناتو» لإجبار زوجها السابق على إعادة الطفل (شبه جزيرة القرم).
كانت الزوجة أماً سيئة، ومن وقت لآخر كانت تضرب أطفالها الآخرين – لوغانسك ودونيتسك. بكى الأطفال وطلبوا المساعدة من والدهم، الذي كان يساعد الأطفال من وقت لآخر مادياً ويتشاجر مع زوجته السابقة.
لكن كل شيء كان عبثاً.. استخدم الفتى الأمريكي، الذي تسبب في هذا الشجار، هذه الزوجة، راغباً في الحصول على ثروتها. وحرضها على الشجار مع زوجها واستعادة أطفالها بالقوة وأعطاها هدايا متنوعة (ألبسة، أسلحة، معدات منتهية الصلاحية).
رفض المتنمر الرئيسي (الولايات المتحدة) الاستمرار في الشتائم مع زوجها السابق، وترك زوجته بمفردها مع زوجها السابق. يتحكم الزوج الآن في الأطفال والممتلكات التي تركها لزوجته.
بعد هذا التفسير، فهم الصينيون كل شيء.
فهل نفهم نحن العرب المعادلة الدولية ونبقى قابضين على مصالحنا كما فعلنا عندما رفضنا طلب أمريكا بتعويضها وأوروبا عن الغاز والنفط الروسيين؟
Comments are closed.