حذر نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، سعادة الشامي في بيان اليوم (الجمعة) ، من أن “أي تأخير في المضي بالإصلاحات الاقتصادية سيؤدي إلى زيادة حدة الأزمة وسيزيد من الوقت اللازم للخروج منها”.
وقال الشامي الذي يقود فريق لبنان في مفاوضاته مع صندوق النقد في بيانه إن البلد على مفترق طرق ويبرز مساران هما الاعتراف بالواقع وبالأزمات العميقة التي يعانيها لبنان أو ترك الأمور مما سيدفع بالبلد إلى المزيد من الانزلاق إلى الهاوية.
ورأى أن التقاعس عن القيام بما يجب القيام به ليس خيارا ، ولم تعد المسألة شراء الوقت التي اتسمت بها معظم السياسات المالية والنقدية على مدار السنوات الماضية لأن الوقت أصبح نادرا جدا.
وأضاف الشامي “لن ينقذنا أحد إذا لم نحاول إنقاذ أنفسنا ومشاكلنا كبيرة لدرجة أن القليل من المساعدة من الأصدقاء المتبقين لنا في العالم لن يؤتي بالنتائج المرجوة، مشاكلنا أكبر من أن ينقذنا الآخرون”.
وأكد أن “اتخاذ الإجراءات الصحيحة بمساعدة المجتمع الدولي سيمكن لبنان من أن يخطو أولى الخطوات على طريق التعافي”.
وقال إن “الحكومة رسمت خارطة طريق الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي من خلال الاتفاق على صعيد الموظفين مع صندوق النقد الدولي، والذي حدد بشكل واضح ما يجب علينا فعله على مدى السنوات الأربع المقبلة”.
ودعا إلى المضي بتنفيذ جميع الإجراءات المسبقة ضمن الخطة للوصول إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد، لافتا إلى أن الاتفاق يمكن أن يعدل لاحقا بعد أن يوضع موضع التنفيذ وعلى ضوء التطورات التي ستحصل عند التطبيق.
وفي 7 أبريل الماضي كان صندوق النقد قد أعلن توصله إلى اتفاق مبدئي مع بيروت لتمويل بقيمة 3 مليارات دولار يصرف على مدى 4 سنوات، وفق برنامج يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد واستعادة الاستدامة المالية.
ويشترط صندوق النقد لتوقيع الاتفاق النهائي مع لبنان اتخاذه عددا من الإاجراءات بينها إقرار مشروع قانون موازنة العام 2022 ومشروع قانون “الكابيتال كونترول”، إضافة إلى إقرارتشريعات تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل القانون المتعلق بالسرية المصرفية.
ودعا الشامي إلى إقرار موازنة 2022 على أساس سعر صرف للدولار الأمريكي ينسجم مع سعر الصرف الحالي ، كما دعا إلى رفع سعر الدولار المطبق على الجمارك ليتساوى مع سعر السوق تفاديا لحرمان الموازنة من الحصول على الإيرادات.
ودعا البرلمان إلى إقرار قانون الكابيتال كونترول (ضبط رأس المال) المقدم من الحكومة سريعا بهدف وضع قيود وضوابط على التحاويل والسحوبات للحفاظ على ما تبقى من الاحتياطات الأجنبية وتحسين وضع ميزان المدفوعات.
وحول مشروع القانون لإعادة هيكلة المصارف، أشار إلى أن لجنة الرقابة على المصارف والمصرف المركزي يعملان مع صندوق النقد الدولي على إعداد المشروع لإحالته إلى البرلمان .
وشدد على توحيد سعر صرف الدولار وتحريره ليعكس حال الأسواق والعرض والطلب، لافتا إلى أنه من المفضل أن يأتي ذلك من ضمن حزمة إصلاحات تؤدي إلى تحسين سعر الصرف واستقراره.
ويبلغ سعر الصرف الرسمي للدولار في لبنان 1515 ليرة لبنانية، فيما يصرف بقيمة 8 آلاف ليرة لدولار الوديعة المصرفية وبنحو 24 ألفا على منصة “صيرفة” التابعة للمصرف المركزي فيما يتجاوز 30 الفا في السوق السوداء.
وشدد على أن “متابعة الإصلاحات المطلوبة تتطلب إرادة سياسية جامعة من صناع القرارللمضي قدما حتى من دون إجماع كل فئات المجتمع”، لافتا إلى أن “القادة في الأزمات الاقتصادية الكبيرة هم عرضة للانتقادات ولكنه عليهم اتخاذ القرارات الجريئة والصعبة وتحمل وزرها ونتائجها”.
وأكد أنه “ما زال بإمكاننا انتشال البلد من أزمته العميقة (…) ونستطيع أن نتجاوز خلافاتنا السياسية والطائفية والمذهبية القاتلة لنعمل معا من أجل ما يهمنا جميعا وهو إنقاذ لبنان من هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ الحديث”.
ويحول الانقسام السياسي والخلافات في وجهات النظر دون إقرار الإصلاحات المطلوبة كما تعيق خلافات القوى السياسية حول تقاسم الحصص والحقائب الوزارية عملية تشكيل حكومة في البلاد برغم تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة منذ 23 يونيو الماضي.
ويشهد لبنان منذ عام 2019 انهيارا اقتصاديا صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي، حيث يعاني البلد من أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وصحية تجسدت في شح العملة الأجنبية وانهيار قيمة الليرة اللبنانية وفرض قيود على سحب الودائع المصرفية وتوقف الحكومة عن سداد الديون الخارجية والداخلية.
وقد أدت انعكاسات الأزمات المتشابكة إلى ارتفاع معدل الفقر في البلاد إلى 82% وازديداد البطالة والتضخم ونقص الوقود والأدوية وحليب الأطفال.
Comments are closed.