بقلم: جیمس زغبي
في محاولة لفھم كیف فقد «الدیمقراطیون» الناخبین البیض من الطبقة العاملة، یتبادر إلى الذھن أربع قصص.الاولى دارت وقائعھا عام 1984 ،حیث ظھر كل من الرئیس رونالد ریجان الذي كان یترشح لاعادة انتخابه، ومنافسه، نائب الرئیس السابق والتر موندیل، في عشاء للمؤسسة الوطنیة الایطالیة الامیركیة. وكان موندیل برفقة مرشحته لمنصب نائب الرئیس، عضو الكونجرس، جیرالدین فیرارو، وھي أمیركیة إیطالیة. وكان خطاب موندیل عبارة عن سلسلة من عبارات توضح موقفه من بعض القضایا. وقوبل الخطاب بقلیل من الحماس، ولم یحظ بالتصفیق الا حین كان یذكر مرشحته لنائب الرئیس. وبدأ ریجان حدیثه بالقول للحاضرین إنھم یمثلون «بیان محبة للتشبث بالاحلام التي بدت مستحیلة أحیانا للذین یغیرون العالم ممن أتوا إلى ھنا واخترعوا أمیركا». وركز مجمل حدیثه على تجربة المھاجرین الایطالیین الامیركیین مثل، المصاعب التي تحملوھا والقیم التي حافظوا علیھا وإنجازاتھم التي یفخرون بھا. وحین انتھى من حدیثه كانت كل عیون الحضور في الغرفة مغرورقة بالدمع لان ممثل ھولیوود أخبرھم أنه یتفھم قصتھم. وغادرت وأنا أشعر بالقلق. فقد ألقى ریجان الخطاب الذي طالما ألقاه «الدیمقراطیون»، وأظھر «موندیل» أهھ، مثل كثیرین من «الدیمقراطیین»، نسي كیفیة التواصل مع الناخبین الذین كانوا في یوم من الایام العمود الفقري لحزبھم. وثاني ھذه القصص، خلال إدارة كلینتون حین دعیت للتحدث مع الرئیس. وأخبرته عن مسقط رأسي في شمال ولایة نیویورك. وكان معظم السكان إیطالیین أمیركیین ومھاجرین، وھناك عاشت ثلاثة أجیال في مساكن بنیت بعد الحرب العالمیة الثانیة وكان یتقاسم كل منزل عائلتان. وكان لدى معظمھم وظائف نقابیة جیدة في مصانع القطن المحلیة. وحین نقلت المصانع عملیاتھا إلى الخارج، فقد الالاف مصادر رزقھم واضطروا على الانتقال بحثا عن عمل بدیل. وتقطعت العلاقات الاسریة الممتدة حیث ُترك كبار السن ھناك. ُوھجرت المنازل ُوتركت في حالة سیئة. وانخفض عدد سكان المدینة من 100 ألف إلى 58 ألف نسمة في بضعة عقود. وحین سألت كلینتون عما یمكن عمله، أجاب. والقصة الثالثة، تتعلق بانتخابات عام 2008 ،وعن ناشط «جمھوري» محافظ بارز في برنامجي التلفزیوني. فبعد الاستماع إلى حججه «الجمھوریة» التقلیدیة مثل، خفض الضرائب، وتقلیص حجم الحكومة واللوائح التنظیمیة للنشاط الاقتصادي، سألته قائلا «إذا كان ھذا ھو برنامجك، فلماذا یقضي مرشحوك الكثیر من الوقت في الحدیث عن معارضة الاجھاض والھجرة والعدالة العرقیة؟». فأجاب «ھذه أشیاء براقة نلوح بھا للناخبین الغاضبین لكسب دعمھم، حتى نتمكن من الفوز بالانتخابات من أجل متابعة سیاساتنا الاقتصادیة». والقصة الرابعة كانت في عام 2014 ،بعد الخسائر الفادحة التي ُمني بھا «الدیمقراطیون» على امتداد البلاد. فقد كنت في اجتماع لقیادة الحزب حیث قدم قائم باستطلاعات الرأي النتائج للحزب. وجادلت بأن الانتخابات لم تكن سیئة كما یعتقد البعض. فقد فاز «الدیمقراطیون» بأغلبیة كبیرة من «قاعدة تصویتھم» المتمثلة في الشباب والنساء المتعلمات وذوي الاصول الافریقیة والاتینیة والاسیویة. وتمثلت المشكلة في أنه على الرغم من الفوز بھذه المجموعات، كان یتعین خروج المزید من أفراد ھذه الكتل للمشاركة في التصویت حتى یفوز «الدیمقراطیون». وبصفتي رئیس مجلس في الحزب یمثل الناخبین من أصول أوروبیة ومتوسطیة، أشرت إلى أنه بتجاھل ھؤلاء الناخبین، خسرنا الانتخابات التشریعیة في ولایات الغرب الاوسط، مما كان له تأثیر مدمر على جمیع الناخبین في تلك الولایات. وبالاضافة إلى التركیز على «قاعدتنا»،
ألا یستطیع الحزب توجیه المزید من الموارد للفوز بالناخبین من البیض؟ وكان الرد ھو «لا یمكننا تبدید الاموال على المجموعات التي لن تصوت لنا أبدا». وفقد «الدیمقراطیون» الاتصال بالناخبین ذوي الاصول العرقیة البیضاء وواصلوا طریقتھم الخاصة في سیاسة الخیارات غیر التوفیقیة. وباقتصارھم على توجیه خطابھم إلى «قاعدتھم»، ترك «الدیمقراطیون» المجال مفتوحا لـ«الجمھوریین» لاستغلال احتیاجات ناخبي الطبقة العاملة البیضاء وشعورھم بعدم الاكتراث لھم. وفي تشرين الثاني المقبل، لدى «الدیمقراطیین» فرصة لتغییر ھذا الوضع. فھناك في بنسلفانیا وأوھایو، یتحدث مرشحان لمجلس الشیوخ، وھما جون فیترمان (بنسلفانیا) وتیم رایان (أوھایو) عن إحباطات وتطلعات الناخبین البیض من الطبقة العاملة. ُينظر إلى فیترمان على أنه أكثر تقدما سیاسیا إلى حد ما عن رایان. وكلاھما یتناول وعلى الرغم من اختلالف سیاساتھما، مباشرة احتیاجات الذین یجدون صعوبة في التعامل مع اقتصاد یمر بحالة تغیر. ودون التخلي عن القضایا الحاسمة مثل حقوق المرأة والمساواة العرقیة، یقدم المرشحان ھذه القضایا في سیاق السیاسات التي تخدم جمیع الامیركیین. وھما یدلان الحزب على طریق یستطیع فیه «الدیمقراطیون» إلحاق الھزیمة بتوجه ترامب السیاسي وأیضا تحویل حزبھم إلى حزب أغلبیة حاكم.
Comments are closed.