نشرت شعبة الصادرات الأمنية في وزارة الأمن الإسرائيلية إعلانات في الصحف، الأسبوع الماضي، دعت فيها تجار الأسلحة الإسرائيليين إلى المشاركة في مناقصة لبيع أسلحة ثقيلة قديمة ويبدو أن خرجت من الاستخدام، بينها قذائف مضادة للمدرعات وقذاف مدفعية ودبابات، خرجت من استخدام الجيش الإسرائيلي، لكن بإمكانها التسبب بارتكاب مجازر حول العالم.
ووصف إعلان شعبة الصادرات الأمنية الأسلحة المعروضة للبيع بأنها من “فوائض” سلاح البرية في الجيش الإسرائيلي. وجاء في الإعلان أن هذه الذخيرة “مُعدة لاستخدام جيوش أجنبية، وبيعها بواسطة مصدرين/شركات تكون خاضعة لتقديم مصادقة مستخدم نهائي موقعة من قِبل مسؤول حكومي في دولة الهدف” التي تشتري هذه الذخيرة.
يشار إلى أن صفقات بيع الأسلحة الإسرائيلية إلى دول ليست استبدادية أو ديكتاتوريات لا تتم من خلال إعلان في الصحف عن مناقصة كهذه، من شأنها أن تثير شكوكا حول مصير هذه الأسلحة. وأشار موقع صحيفة “هآرتس” الإلكتروني اليوم، الخميس، إلى أن “التاريخ الطويل لتصدير الأسلحة الإسرائيلية في الماضي والحاضر، إلى أوغندا أو ميانمار على سبيل المثال، لا يشجع على ثقة كبيرة في هذا المجال”.
وبين أنواع الذخيرة التي تعرضها إسرائيل للبيع في هذه المناقصة، قذائف مدفعية دقيقة من طراز Accular، المزود بنظام توجيه يستند إلى GPS أو ملاحة ليست متعلقة بمنظومة أقمار اصطناعية، ويسمح بإصابة دقيقة لأهداف في مدى 35 – 40 كيلومترا.
وتشمل قائمة الذخيرة المعروضة للبيع قذائف هاون وقذائف بقطر 105 مليمتر تستخدم في الدبابات من طراز “مركفاه” التي خرجت من استخدام الجيش الإسرائيلي قبل سنتين. وكذلك صواريخ موجهة بالليزر مضادة للدبابات من طراز LAHAT التي تسمح لدبابات “مركفاه” بإطلاقها إلى مدى أطول بكثير. وبالإمكان إطلاقها من مروحيات ومركبات وزوارق بحرية.
وتعرض إسرائيل في هذه المناقصة بيع “ألغام”، ووصفت الصحيفة ذلك بأنه البند الأكثر إشكالية. ولا يوضح الإعلان نوع هذه “الألغام”، لكن إسرائيل لا تزال تستخدم ألغاما ضد البشر، كتلك التي نشرها الجيش الإسرائيليعلى طول خط وقف إطلاق النار في هضبة الجولان المحتلة، في العام 2011، في أعقاب مسيرتي عودة في ذلك العام، وبعد مقتل 20 ناشطا شارك فيها بنيران القوات الإسرائيلية.
ورغم أن إسرائيل وقعت على البرتوكول الثاني للمعاهدة الدولية ضد الألغام والكمائن ضد البشر، لكنها ترفض التوقيع على معاهدة أوتاوا لحظر الألغام واستخدامها ضد البشر. ولفتت الصحيفة إلى أن إسرائيل اختارت بحرص المعاهدات التي توقع أو لا توقع عليها. وترفض إسرائيل، على سبيل المثال، التوقيع على البروتوكول الثالث الذي يحظر استخدام أسلحة حارقة ضد المدنيين، مثل القذائف الفوسفورية التي استخدمتها بشكل واسع في الحروب التي شنتها في قطاع غزة.
كذلك ترفض إسرائيل التوقيع على البروتوكول الخامس، من العام 2003، المتعلق بمخلفات الذخائر التي لم تنفجر بعد إطلاقها، والحرص على وسائل حذر من أجل حماية مدنيين من احتمال انفجار ذخائر كهذه. وخلال حرب لبنان الثانية، عام 2006، أطلق الجيش الإسرائيلي عددا هائلا من القذائف العنقودية، التي تشمل كل واحدة منها مئات القنابل الصغيرة، باتجاه الأراضي اللبنانية.
ونقلت الصحيفة عن جندي إسرائيلي أطلق قذائف عنقودية في تلك الحرب قوله إنه تلقى أمرا عسكريا بإطلاق “فيض” من القذائف العنقودية باتجاه الأراضي اللبنانية ومن دون تحديد هدف معين لها. وقال ضابط إسرائيلي أنه “تلقينا أمرا بإغراق مناطق (لبنانية)، وغطّينا قرى كاملة بالقذائف العنقودية. وما قمنا به كان جنونيا ووحشيا”. وبحسبه، أطلق الجيش الإسرائيلي على الأراضي اللبناني قرابة 1800 قذيفة عنقودية، احتوت على 1.2 مليون قنبلة صغيرة، وذلك إضافة إلى قذائف كهذه أنزلتها طائرات حربية إسرائيلية على الأراضي اللبنانية.
وكان تقرير لمنظمة العفو الدولية (أمنستي)، صدر حينها، قد أفاد بأن حوالي مليون قنبلة صغيرة في هذه القذائف لم تنفجر لدى سقوط على الأرض، وتسببت بمقتل وإصابة أكثر من 200 مواطن لبناني في السنوات التالية. ولم يذكر إعلان المناقصة هذه القذائف.
وبدا لافتا في الإعلان عن المناقصة أن “الذخيرة المعروضة للبيع هي بكميات مختلفة وبمستويات صلاحية مختلفة”، وأن التفاصيل موجودة في وثائق المناقصة، وأنها “في وضعها الحالي ‘AS IS, WHERE IS’”. ويصعب معرفة معنى ذلك، إلا أن الصحيفة أشارت إلى أنه إذا كانت الذخيرة قديمة وليست مخزنة كما يجب، فإن هذا سيؤدي إلى أخطاء خطيرة أو بقائها كمخلفات بعد إطلاقها وتكون قابلة للانفجار لاحقا.
ومن أجل معرفة طبيعة وتفاصيل الذخائر الفائضة عن استخدام الجيش الإسرائيلي ينبغي الاطلاع على وثائق المناقصة، لكن وثائقا كهذه ليست موجودة وليست متاحة في الموقع الإلكترونية لشعبة الصادرات الأمنية، وزارة الأمن أو موقع المناقصات الحكومية الذي وجه الإعلان المهتمين بالمناقصة إليه.
Comments are closed.