عتب فلسطيني مشروع

بقلم: حمادة فراعنة

النشوة التي عبر عنها خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس على اثر استقبال الرئيس السوري بشار الأسد له، ضمن وفد فلسطيني متعدد الفصائل، سجلها المراقبون انها بمثابة تراجع من قبل حركة حماس واعتذار معلن عن موقفها السابق بالانحياز لقوى تدميرية تخريبية تآمرت على سوريا، بتحريض أمريكي أوروبي، و دوافع من المستعمرة وأطراف اقليمية ، لحساب واشنطن وأوروبا، ويصب لمصلحة المستعمرة وتحريضها، ولو كانت خلافات هذه القوى حقا مع النظام السوري لأسباب سياسية او طبقية او عقائدية لكان أمرا مفهوما له ما يبرره.

خطأ موقف حماس السياسي في ذلك الوقت، ان دوافع خلافها مع سوريا لم تكن لاسباب فلسطينية، أي لم تكن بسبب خلافات سورية فلسطينية، بل لدوافع حزبية، مصدرها حركة الإخوان المسلمين ومرجعيتها ، التي تعارض النظام السوري منذ سنوات ولازالت.

ماذا تعني السياسة الفلسطينية، والاولوية لفلسطين؟؟ تعني بوضوح أن الاولوية للصراع في مواجهة المستعمرة، وليس للخلافات الحزبية أو السياسية أو الفكرية مع هذا النظام أو ذاك، لقد اختلفت منظمة التحرير مع العديد من البلدان العربية، ولكن ذلك كان لأسباب ودوافع فلسطينية حيث اختلفت الأولويات الفلسطينية مع أولويات البلدان العربية المحاذية لفلسطين ، ومجرد انتهاء الخلافات، أو تسويتها، أو قطع نصف الشوط بهدف التوصل إلى القواسم المشتركة، كانت تنتصر المواقف القومية لدى الأردن وسوريا ولبنان ومصر لصالح فلسطين طالما أن الاولوية مواجهة العدو الوطني القومي الديني: المستعمرة الإسرائيلية واحتلالها التوسعي.

استقبال الأسد لممثلي فصائل المقاومة بمشاركة حركة حماس، خطوة جيدة طيبة، تعزز من مكانة سوريا، في الضمير الوطني والقومي، وفي الواقع، أنها مازالت متمسكة بسياساتها المتصادمة مع المستعمرة، والمؤيدة لفلسطين والداعم لقواها السياسية.

استقبال الرئيس السوري لممثلي بعض الفصائل الفلسطينية، لم يكن مكتملاً بغياب حركة فتح المفترض أنها في طليعة الفصائل الفلسطينية حكماً ومكانة وتاريخاً اولا، وثانياً أنها كانت تقف مع سوريا في ذروة ازمتها ولم يُسجل على حركة فتح تورطها في أي عمل مهما كان ضد سوريا، ولذلك كان من الاصوب وبالضرورة أن تكون حركة فتح موجودة في طليعة الحضور و مقدمتهم، خاصة بعد اتفاق واعلان الجزائر، كي يتشكل الانطباع نحو دعم سوريا لهذا الاتفاق والتثنية على نجاحه.

السفير الفلسطيني في دمشق الذي حضر اللقاء ، لم يدع بصفته عضواً في لجنة فتح المركزية بل بصفته سفيراً لفلسطين ومنظمة التحرير في دمشق.

عتب حار سمعته من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، دوافعه وكوامنه الحرص الفتحاوي على العلاقة من قبلهم مع سوريا الوطن والشعب والنظام، ولذلك دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليكون في دمشق، قبل انعقاد القمة العربية، ضرورة تأكيداً من دمشق أنها مع فلسطين كانت ولاتزال، والرئيس الفلسطيني هو عنوان التمثيل وشرعيته، مهما وقع الاختلاف معه أو الاتفاق.

دمشق التي تعرضت لكل المؤامرات أكثر من غيرها تدرك ذلك وتعيه وتفهم مقاصده السياسية على وجه حق.

Comments are closed.