في قضية أثارت غضبا فلسطينياً، وصف محافظ نابلس، شمالي الضفة الغربية، اللواء إبراهيم رمضان، اليوم الأربعاء، أمهات بعض الشهداء بأنهن “شاذات”، ويظهرن للناس أنهن مناضلات، لتطالبه بعد ذلك مجموعات “عرين الأسود” بالاستقالة.
وقال رمضان، في تصريحات لإذاعة “النجاح” المحلية، التي تبث من نابلس: “إن الأم هي من تظهر الحنان والعطف، لكن هنالك أمهات شاذات ترسل ابنها للانتحار، وتظهر للآخرين أنها (المناضلة). هذه ليست أمّاً”.
“عرين الأسود”، وبعد تلك التصريحات، طالبت محافظ نابلس بالاستقالة، وقالت، في بيان لها: “استقل واحفظ ماء وجهك، وما قدمته من سنوات في سجون الاحتلال، فكل شيء في هذا البلد مؤقت “لا نحن والشهداء والأسرى وأمهات الشهداء دائمون، والباقي وهم وسراب”.
ووفق البيان: “لقد سمعنا جميعاً ما وَردَ من إساءة لأمهات شهداء فلسطين، والتي جاءت على لسان محافظ محافظة نابلس، إننا في عرين الأسود ومن خلفنا الشعب الفلسطيني الحر نقول لك بأن أمهات الشهداء نبراس الرؤوس درر التاج، لولاهن لما كان لنا عِلم ولا كان لنا اسم، هؤلاء مناجم الذهب، الضوء الذي نرى فيه نهاية النفق”.
وقالت العرين: “رسالتنا لأمهات الشهداء، نقبل أيديكن وأقدامكن ورؤوسكن ونقبل الأرض التي تطأها أقدامكن، نقول لأمهات الشهداء أنتن القادة ونحن الجنود، أنتن من تأمرن ونحن من ننفذ، نحن بإذن الله سيفكن المسلول على الأعادي، نحن بإذن الله قنابل موقوته تنفجر بأمر منكن، يا أمهات الشهداء، الأمر أمركن والقول قولكن، متى اردتن تبدأ الحرب، أنتن البداية وأنتن النهاية”.
من جانبه قال الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم: “إنّ التصريحات التي تفوّه بها محافظ نابلس إبراهيم رمضان، والتي تعرّض فيها بالإساءة المباشرة للمقاومة ولأمهات الشهداء، تصريحات مُدانة وغير مسؤولة، وخارجة عن الإطار الوطني والأخلاقي الذي يلتزم به شعبنا الصامد المجاهد.
وأضاف برهوم في تصريح صحفي: “إنّ محاولات محافظ نابلس صد المقاومين في نابلس عن طريقهم انطلاقًا من أنّ المقاومة لا جدوى منها، هي رؤية صهيونية لا تعبّر عن قناعات شعبنا المجاهد، الذي اتّخذ من المقاومة سبيلاً للخلاص من المحتل، بعدما أحال نهاره وليله إلى كوابيس متلاحقة، ورأى العالم جيشهم المهزوز أمام بسالة مقاومينا الأبطال.
وتابع: “إنّ إصرار مسؤولي السلطة على التغريد خارج السرب، ومواصلة تقزيم تضحيات أبناء شعبنا، بالتوازي مع مواصلة الأجهزة الأمنية الاعتقالات السياسية والتنسيق الأمني يهدد السلم المجتمعي والحالة الوطنية المنتفضة في وجه الاحتلال وقطعان مستوطنيه الذين يصعّدون جرائمهم بحق أهلنا ومقدساتنا، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.
وبدوره قال المتحدث باسم حركة فتح اقليم نابلس ناصر جوابره : أن حركة فتح تصف تصريحات المحافظ بغير المسؤولة.
وطالبت “فتح”، في تصريحٍ صحفي القيادة الفلسطينية باتخاذ إجراءات فورية والكفيلة بصون عهد الشهداء وأمهاتهم المرابطات.
كما حيت الحركة أمهات الشهداء اللواتي صبرن على فقدان فلذات أكبادهم، ويواصلوا درب النضال حتى إنهاء هذا الاحتلال.
ردود والدات الشهداء على تصريحات محافظ نابلس
وقالت والدة الشهيد إبراهيم النابلسي: “لولا لديه شذوذ، لما وصف أمهات الشهداء بالشاذات، فنحن شريفات عفيفات، وربنا أكرمنا بأن نكون أمهات لشهداء، والشاذ هو الذي ترك ابن شعبه ووطنه تحت القصف ولم يحرك ساكنًا”.
أما والدة الشهيد عبود صبح فقالت: “نحن من أرضعن أبناءنا الكرامة والعزة والشرف، وعدم السكوت عن الظلم، وأن يكونوا فخرًا لكل البلد”.
وتساءلت والدة الشهيد محمد نضال يونس: “ماذا قدم هذا المحافظ لفلسطين؟، الأمهات قدمن أبناءهن وأرواحهن في سبيل الله وفي سبيل الوطن، وبالرغم من يسيء هذا المحافظ إلى أمهات الشهداء!”.
وأشارت والدة الشهيد أدهم مبروك “الشيشاني”: “أبناؤنا هم من رفعوا رأسنا وكرامة الأمة كلها، فنحن نرسل أبناءنا ليس من أجل الكراسي او الأموال، وإنما لوجه الله تعالى”.
وقالت والدة الشهيد محمد عزيزي: “نستنكر ما قاله المحافظ، فلا يوجد أحد يتقبل بهذه الإساءة التي طالت جميع أمها شهداء فلسطين، وهذا المحافظ مس كل أمهات الشهداء، والاعتذار والإقالة هما أقل شيء، بعد ما صدر منه”.
وأكدت والدة الشهيد القسامي أحمد جرار: “إن من يسيء إلى أمهات الشهداء، لا ينبغي أن يكون محافظًا، ولو كان محافظ نابلس يعلم قيمة ومعنى الشهادة، لما تفوه بهذه الكلمات”.
المحافظ رمضان: أمهات الشهداء محط اعتزاز واكبار
وفي بيان صادر عن محافظ نابلس جاء فيه “ان البعض اخرج حديث سابق له عن سياقه ومقصده بغرض الطعن والتشويه” .
وأضاف ابراهيم رمضان البيان المقصود “ان امهاتنا الفلسطينيات الأكثر محبة ومعزة وحرصا على أرواح ابنائهم ودمائهم من جانب والأكثر فخرا ومعزة”.
وعبر المحافظ عن اعتذاره لأي خدش غير مقصود بالمطلق لان أمهات الشهداء محط اعتزاز وفخر دائم.
واضاف “نحن تاريخيا نختزن كل الحب والوفاء لامهات وعائلات الشهداء ليس بالقول بل بالفعل حين امضينا السنوات في سجون الاحتلال على درب الشهداء وأصيب ابنائنا الذين كانوا مشاريع شهداء ولا زالوا، كما ارتقى من الأهل والأصدقاء والانسباء الشهداء فكيف لنا ان نسيء لانفسنا وهؤلاء الأكرم منا جميعا” .
وتابع “مرة أخرى أكرر الاعتذار والاسف عن عبارة لم تكن في مكانها رغم ان الله يعلم بأنها غير مقصودة وحملت خارج سياقها”.
وختتم البيان “بانه لا يعيبنا الاعتذار من ابناء شعبنا وتقبيل جباههم الطاهرة”.
من جانب آخر، أكد محافظ نابلس اللواء إبراهيم رمضان أنه جلس مع المقاومين في المدينة عدة مرات، وقد يجلس معهم مرة أخرى، حيث عرض عليهم حمايتهم، لكن دون جدوى حتى الآن، مشدداً على أنه “لا يوجد سلاح سوى سلاح السلطة”.
وقال محافظ نابلس إن “هنالك سلاحا واحدا وهو سلاح السلطة، شباب البلدة القديمة في نابلس جلست معهم عدة مرات، ولدينا خوف على الدماء الفلسطينية، نحن حريصون على عدم إراقة الدماء، والمقاومة الشعبية التي يجب أن تكون، وليس أن أعطي نفسي دون ثمن”.
وتابع: “لقد عرضت عليهم أن نحميهم ما يمكننا ذلك، ويمكن أن يكون هنالك حل مع الجانب الآخر بشأنهم، وكانت هنالك نقاشات، وبعضهم وافق وبعضهم لا، ومن وافق اتهم بالخيانة أنه يسلم نفسه، وأحرجوه”.
وأردف المسؤول الفلسطيني: “نحن نريد حالة تعفيهم وتعفي الجميع ونابلس من الكثير من الأمور، أنا أخشى على حياة أولئك المقاومين، وهم غير مدركين المعنى الحقيقي لقيمة دمهم، وهي غالية، لقد فتحت معهم الباب، أنتم أولادنا، ولا يجوز أن تراق هذه الدماء، والظرف ليس هو ظرف المقاومة المسلحة، ومن يريد هناك الريف، وأنا أؤكد أنني أستطيع حمايتهم على الأقل بإرادتي، دمهم فلسطيني بامتياز، ويجب إنقاذهم حتى لو لم يكونوا مقتنعين بذلك”.
وفي ما يتعلق بقضية ضبط “عرين الأسود” 4 مستوطنين (سيدتين وطفلين) في البلدة القديمة من نابلس، وعدم إيذائهم، حيث سلمهم المقاومون للأمن الفلسطيني الذي قام بدوره بتسليمهم للاحتلال، قال رمضان: “إن الاستجواب الذي جرى مع الشخص الذي أحضرهم لنابلس (تم ضبط شخص فلسطيني أحضرهم لنابلس)، تبين أنه لم يحضرهم بقصد”.
وقال رمضان: “إنني أنظر إلى الأخلاق الفلسطينية، كيف تصرف الشبان رغم أنهم إسرائيليون، وهي الحالة السادسة التي تجري في هكذا ظروف”. وحينما تساءل المذيع: “لماذا لم يتم حجزهم ومبادلتهم بأسيرات”، أجاب رمضان: “إسرائيل سترفض ذلك”، مضيفاً: “لكن إسرائيل تعدم الشبان ولا تعتقلهم، هناك عداء ما بين حقوق الإنسان والجندي المحتل”.
من جانب آخر، قال رمضان في ما يتعلق بأهمية المقاومة: “لا يوجد أي فلسطيني لا يحبّ المقاومة، حتى الجاسوس يحب من داخله المقاومة، لكن ما هي المقاومة، هي حركة وجدت لتخرجني من الضغط الذي أعيشه، لكن العمل العسكري اليوم لا جدوى منه، وقد يكون هنالك وقت قادم لهذا الأمر، ولتكن مقاومة تحت الأرض”.
وحول قضية رفض الأمن الفلسطيني الإفراج عن المطاردين، مصعب اشتية وعميد طبيلة، أمس الثلاثاء، رغم وجود قرار قضائي من محكمة صلح أريحا بالإفراج عنهما، قال رمضان إن “هذا الموضوع يتعلق بالنيابة العامة، وسمعت بالأمر، ولم أتدخل فيه من قريب أو بعيد”. وأضاف: “لدينا ديمقراطية في البلد توزع على خان يونس ورفح، وعلى حكم حماس بقطاع غزة، لكن هنالك أمور غير قانونية على مصعب اشتية، ولا بد أن يوضحها”.
Comments are closed.