خلص تحقيق استقصائي أجرته صحيفة “التايمز” The Times البريطانية، إلى أن أحد كبار المانحين لحزب المحافظين البريطاني، قد أقام روابط وثيقة بشركة نفط مملوكة للحكومة الروسية، واستمر في تجارة النفط الروسي خلال حرب أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة في تقرير نشرته يوم الأحد 27 نوفمبر 2022، إلى أن مرتضى لاخاني، تاجر النفط الكندي الباكستاني، كان قد منح حزب المحافظين نحو 603 آلاف دولار أمريكي في عام 2019 من خلال شركته “إم إم” Mercantile & Maritime UK قبل فوز بوريس جونسون بالانتخابات.
ما الذي كشفته البيانات؟
كشفت بيانات تجارية اطلعت عليها الصحيفة البريطانية وفريق الصحافة الاستقصائية SourceMaterial، أن شركة “سيتراكور” Cetracore، وهي شركة نمساوية يملك لاخاني حصة أغلبية فيها، قد اشترت 10 شحنات من المنتجات النفطية في أغسطس من شركة “روسنفت” Rosneft، شركة النفط الحكومية الروسية، أي بعد أشهر من بدء روسيا حربها على أوكرانيا.
كانت شركة Mercantile & Maritime UK، التي تتخذ من سنغافورة مقراً لها، قد استثمرت في مشروع “فوستوك” Vostok الضخم التابع لشركة روسنفت العام الماضي، والذي يهدف إلى تطوير حقول نفط روسية جديدة في شمال سيبيريا.
لا يوجد ما يشير إلى أن تجارة شركة سيتراكور في منتجات النفط الروسية، أو استثمارات شركة “إم إم” في روسيا، قد عرضت أيهما للاتهام بانتهاك أنظمة العقوبات البريطانية أو الأوروبية أو السنغافورية الحالية.
صحيح أن الحظر الذي فرضته بريطانيا والاتحاد الأوروبي على تداول النفط الروسي يدخل حيز التنفيذ بحلول نهاية العام، إلا أن شركات النفط البريطانية الكبرى، مثل “بريتيش بتروليوم” و”رويال داتش شل”، قد أوقفت التجارة في النفط الروسي بعد وقت قصير من بدء الحرب.
لا يقتصر الأمر على كون شركة “إم إم” التابعة لرجل الأعمال لاخاني جهةً مانحة رئيسية لحزب المحافظين، بل إن الشركة تستخدم في علاقاتها الصحفية شركة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحزب المحافظين، وهي شركة “هوثورن أدفايزورز” Hawthorn Advisors، التي تضم قائمة مديريها الرئيسَ السابق لحزب المحافظين، بن إليوت، وقد مثلت منذ مدة قريبة أكشاتا مورتي، زوجة رئيس الوزراء البريطاني الحالي، ريشي سوناك.
علاقات وثيقة مع شركة روسية
وكشفت وثائق مسربة من شركة “آر تي إس ايه” Rosneft Trading SA RTSA السويسرية التابعة لشركة “روسنفت” أن لاخاني كان قد بنى علاقة وثيقة بالشركة الروسية، وتوضح الوثائق بالتفصيل صفقة أجرتها شركة “إم إم” وشركة “آر تي إس إيه”، تقوم بموجبها الشركة التابعة لرجل الأعمال بشحن النفط الذي حصلت عليه الشركة التابعة لروسنفت من فنزويلا، ثم بيعه، وتقسيم الأرباح بين الشركتين بالنصف.
فرضت الحكومة الأمريكية عقوبات على شركة النفط الحكومية الفنزويلية PDVSA في وقت سابق من هذا العام، وحذرت وزارة الخزانة الأمريكية شركات النفط من أنها تحتفظ بالحق في معاقبتها ومنعها من الوصول إلى النظام المالي الأمريكي إذا استمرت في التجارة مع قطاع النفط الفنزويلي، بعد أن رفض الرئيس مادورو، الحليف البارز للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبول هزيمته في انتخابات عام 2018.
الشركة تبرر استمرار تعاملها مع الروس
من جانب آخر، قال متحدث باسم لاخاني وشركة “إم إم” إن الروابط بشركة “آر تي إس ايه” كانت قائمة حين كانت الشركة التابعة لروسنفت تبيع النفط الفنزويلي بطريقة قانونية، ثم تقلصت تلك الروابط تدريجياً بعد أن أعلنت الولايات المتحدة إدراجها في قائمة العقوبات، ومن ثم “فإن الإيحاء بأن (إم إم) تورطت في ترتيبات معينة لإخفاء تجارة روسنفت مع فنزويلا للاحتيال على العقوبات الأمريكية أمر لا أساس له من الصحة”.
تلقى حزب المحافظين تبرع لاخاني من خلال شركته البريطانية “إم إم” وقبِله في عام 2019، وذلك على الرغم من أنه كان من المعروف بالفعل في هذا الوقت أن لاخاني قد ورد اسمه في تقرير للأمم المتحدة عام 2005 ضمن الأسماء المتورطة في فضيحة “النفط مقابل الغذاء” في العراق.
خلص التقرير وقتها إلى أن لاخاني دفع “رسوماً إضافية” لشراء النفط الخام نيابة عن شركة تجارة النفط “غلينكور” Glencore، إلى العراق تحت حكم صدام حسين. وقد جرى ذلك على الرغم من تحذير الأمم المتحدة آنذاك من أن هذه المدفوعات تنتهك قواعد العقوبات المفروضة على العراق.
Comments are closed.