بقلم: حمادة فراعنة
لم تتمكن الاتجاهات والعناصر المتطرفة من تقويض الوضع الداخلي، وتفجير “الثورة” في بلادنا طوال مرحلة الربيع العربي، وهذا يعود لعدة أسباب:
أولاً يقظة الأجهزة الأمنية في متابعة الخلايا الكامنة والنيل منها، إضافة إلى يقظة الخطوط الأمامية من قواتنا المسلحة الجيش العربي، وإحباط عمليات التسلل من الحدود الشمالية مع سوريا والشرقية مع العراق.
ثانياً غياب الرعاية الدولية للفصائل والخلايا والعناصر الجهادية المتطرفة، فالعامل الدولي يقف مسانداً للدولة الأردنية، بعكس مواقف الولايات المتحدة وأوروبا وأطرافاً إقليمية شكلت سنداً ورافعة لداعش والقاعدة والإخوان المسلمين، ودعمهم لإسقاط الأنظمة في العراق وسوريا وليبيا واليمن.
ثالثاً الإدراك الشعبي الأردني، والاستفادة من تجارب الآخرين وأوجاعهم، جعلت الأردنيين لا يطيشون على شبر تحريض، ولم تجد ادعاءات “الخلافة”، والعودة إلى التراث والأصول آذاناً صاغية، أو رغبة في البحث عن البديل عما هو قائم ومستقر في بلدنا.
لهذا كله وللعوامل الثلاثة، لم تجد القوى المتطرفة حاضنة أردنية يمكن الاتكاء عليها لتفجير “ثورة” في بلادنا، أو أداة “جهادية” تستهدف تغيير النظام واستبداله.
نحن شعب له مقومات وتاريخ وتراث، نتوسل الغد الأفضل، ونعمل من أجله بهدوء وروية، رغم أن قوى الشد العكسي موجودة وقوية، لها جذور في المواقع والمؤسسات وداخل مسامات شعبنا، مما يؤدي ذلك إلى حالة تجاذب بين القوى والاتجاهات الديمقراطية والتقدمية والعصرية، وبين القوى الرجعية المتخلفة الموصوفة بقوى الشد العكسي، التي ما زالت متشبثة بما لديها من نفوذ وتأثير وصوتها العالي.
وجود خلايا كامنة، مرصودة، وتكاد تكون معروفة، ولكن نفسها قصير، تستجلب لنفسها التعرية في أول تجربة عمل ميداني لها، وهذا ما حصل في الكرك وفي اربد، وفي البقعة، وإن كان تم تصفيتها، ولكنها تملك الامتداد والرخاوة، والغرور في نفس الوقت مما يدفعها للقفز إلى الأمام، فتنكشف كما حصل خلال الأيام القليلة الماضية في معان، وحصيلتها تصفية الخلية التي تمادت على رجال الشرطة والأمن العام، ونتيجتها القتل والاعتقال.
لسنا نموذجيين، ولكننا نملك القدرة والإمكانات لأن نكون، أولاً على مستوى الانتخابات العامة، لدينا ثلاث محطات: 1- المجالس البلدية، 2- مجالس المحافظات، 3- مجلس النواب، وهي تتيح المجال لمن يتطلع ويرغب في التغيير لأن يشغل موقعاً قيادياً عبر المحطات الانتخابية العامة.
ولدينا النقابات المهنية التي تمثل على الأغلب الطبقة الوسطى: من الأطباء والمحامين والمهندسين وغيرهم، وهم حاضنة مهنية ونقابية لفرز القيادات، وما يماثلهم من النقابات العمالية وإن كانت مقيدة وغالباً ما تلعب الهندسة دوراً في التأثير على هندسة الانتخابات العمالية وإفرازاتها، ولدينا مؤسسات المجتمع المدني النشيطة، مما يشير إلى إمكانية من يملك الرؤى والمواقف للوصول إلى مؤسسات صنع القرار بديلاً عن العنف والانقلابات وتدمير الذات.
Comments are closed.