هآرتس: لو تواجدت “توكا” لما تم الكشف عن 30 عميلا من الموساد شاركوا في اغتيال المبحوح

طوّرت شركة السايبر الإسرائيلية “توكا” تكنولوجيا قادرة على رصد مواقع كاميرات مراقبة وشبكة كاميرات في منطقة جغرافية معينة، واختراق برامج الحماية فيها ومشاهدة البث الحي لهذه الكاميرات، وتغيير البث الحي وتضليل الذين يشاهدونه، وبعد ذلك إجراء عملية مونتاج لتسجيلات هذه الكاميرات.

ويتبين من وثائق داخلية لهذه الشركة، التي تُكشف لأول مرة من خلال تقرير نشرته صحيفة “هآرتس” اليوم، الجمعة، أن القدرات التكنولوجية التي طورتها الشركة تتجاوز ذلك بكثير. وأسس شركة “توكا” رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود باراك، في العام 2018.

وللشركة مكاتب في تل أبيب وواشنطن. وهي تبيع القدرات التي طوّرتها لأجهزة شرطة وجيوش ووكالات إنفاذ القانون والأمن القومي وأجهزة استخبارات في أنحاء العالم. وتبيع هذه الشركة وتصدّر منجاتها تحت إشراف وزارة الأمن الإسرائيلية. وإسرائيل بين زبائنها. فقد أبرمت صفقات مع وزارة الأمن بمبلغ 6 ملايين دولار، ويجري التخطيط لصفقة أخرى، بمبلغ مليون دولار، وتوصف أنها “توسيع لأنشطة جارية”.

 

وكان قراصنة إنترنت (هاكرز) إيرانيون قد نشروا في أعقاب التفجيرين في القدس، الشهر الماضي، مقاطع من مشاهد من هذين التفجيرين بعدما تمكنوا من اختراق كاميرات في موقعيهما. وأفاد تقرير لهيئة البث العامة الإسرائيلية “كان 11″، هذا الأسبوع، فإن الهاكرز الإيرانيين تمكنوا من اختراق هذه الكاميرات قبل سنة. إلا أن قدرات “توكا” تتجاوز ذلك بكثير.

ولو كانت قدراتها موجودة في العام 2010، وفقا للصحيفة، لما تمكنت شرطة دبي من كشف نحو ثلاثين عميلا للموساد شاركوا في اغتيال القيادي في حركة حماس، محمود المبحوح، بعد التعرف عليهم من خلال كاميرات المراقبة في الفندق الذي نزل فيه وفي مجمع تجاري مجاور.

وتعمل تكنولوجيا “توكا” في مجال أوسع من التكنولوجيا التي طورتها شركات سايبر هجومي إسرائيلية، مثل NSO و”كانديروا” المتخصصتين باختراق الهواتف الذكية والتجسس على حامليها. بينما تعمل تكنولوجية “توكا” عند “التماس بين السايبر الهجومي وبين جمع معلومات استخباراتية مكشوفة ومراقبتها”.

وتظهر وثائق الشركة أنها تستخدم أدوات خاصة تسمح “باختراق مجسات مرتبطة بالإنترنت، من أجل جمع معلومات استخباراتية لأغراض عملياتية”، مثل تحديد منطقة جغرافية معينة في خريطة ورصد الكاميرات المنصوبة فيها، ومشاهدة بث الفيديو في الكاميرات والتحكم به، والارتباط بأجهزة ذكية في سيارات لتستدل على موقعها ومسارها وجمع معلومات استخباراتية أخرى.

وحسب هذه الشركة، فإنه بإمكان زبائنها أن يشاهدوا من الكاميرات، ببث حي وبأرشيف الفيديوهات، بشكل سري، وكذلك إجراء تضليل فيهما “من أجل إخفاء عمليات ميدانية”. وكاميرات المراقبة منتشرة اليوم في كل مكان – مثل مفترقات طرق، شوارع، مجمعات تجارية، فنادق، مطارات، صالونات بيوت – وجميعها تبث صورا حية يمكن مشاهدتها من خلال هواتف ذكية.

وبمقدور تكنولوجيا “توكا” أن تمحو أي ذكر له من تسجيلات الكاميرات وإعادة مونتاج التسجيل المصور، وتشويش البث الحي والمضمون المصوّر، من دون إبقاء أي أثر رقمي. وذلك خلافا لاختراق الهواتف الذكية ببرامج مثل “بيغاسوس” و”بريداتور” التي تبقي وراءها أثرا للاختراف يمكن من التعرف على هوية منفذه.

ونقلت الصحيفة عن المحامي ألون سبير، المتخصص بقوانين حقوق الإنسان، قوله إن “هذه قدرات لم يكن بالإمكان تخيلها في الماضي. ومجرد وجودها يطرح أسئلة صعبة، لأن هذه التكنولوجيا بإمكانها إنتاج أوضاع بائسة في انعكاساتها على حقوق الإنسان. ويمكن تخيّل وضع يتم فيه إدانة مواطن بجرائم لم يرتكبها، وإخفاء جريمة تم ارتكابها لأن السلطات أو أفراد لا تريد كشفها، أو إعادة مونتاج أحداث موثقة بشكل يحدم أيديولوجية أو زعيم ما”.

وحذر سبير من أن الشرطة الإسرائيلية تجمع معلومات استخباراتية حساسة عن مواطنين من دون أن تلائم صلاحياتها. وذكر في هذا السياق استخدام الشرطة لمنظومة “عين الصقر”، وهي شبكة واسعة من الكاميرات التي توثق السيارات والمتواجدين فيها، من دون غطاء أو إشراف قانوني.

وشدد سبير على أن الوضع في الضفة الغربية مختلف، لأن حقوق الإنسان الفلسطيني فيها ليست محمية. ويستخدم الجيش الإسرائيلي في الضفة منظومة “ذئب أزرق”، التي يوثق من خلالها الجنود صور لوجوه الفلسطينيين بكاميرات هواتف ذكية، أثناء توقيفهم بشكل عشوائي أو مرورهم من حواجز عسكرية، وذلك بهدف السيطرة الكاملة على جميع السكان الفلسطينيين.

وقال سبير إن “الضفة الغربية هي مختبر التجارب للصناعات الأمنية الإسرائيلية”، لكن “إمكانية استخدام سري لبرنامج مثل توكا مخيف أكثر. ورأينا حالات في الماضي التي تناقضت فيها صور فيديو مع إفادات مستوطنين وجنود وأنقذ فلسطينيين من السجن لبقية حياتهم. كما رأينا حالات لمحاولات إجراء مونتاج للواقع بعد أحداث وقعت وتم محو توثيق من جانب قوات الأمن، ويجري النظر فيها في المحاكم اليوم”.

وشارك في تأسيس “توكا” إلى جانب باراك، كل من الرئيس السابق لهيئة السايبر في الجيش الإسرائيلي، يارون روزين، وضابطين من وحدة السايبر الدفاعي، كفير فالدمان وألون كنتور. ويستثمر في هذه الشركة رجل الأعمال أندرسون هوروفيتش، وصندوق رأس مال الذي كان بين المستثمرين في “فيسبوك”.

وتكشف وثائق “توكا” أنها أبرمت صفقات مع إسرائيل والولايات المتحدة وألمانيا وأستراليا، وكذلك مع سنغافورة وهي دولة ليست ديمقراطية. كذلك أجرت الشركة اتصالات مع قيادة العمليات الخاصة في الجيش الأميركي وجهاز استخبارات أميركي.

وجاء في تعقيب الشركة أنه “ليس بإمكان توكا الكشف عن هوية زبائنها. وبالإمكان القول إن توكا تبيع للولايات المتحدة فقط وحليفاتها الأكثر قربا. وقائمة زبائنها المحتملين أقل من خُمس من دول العالم. وتوكا لا تبيع منتجاتها لجهات خاصة”.

Comments are closed.