جنرال إسرائيلي يحذر من تداعيات غياب الأفق السياسي في التعامل مع القضية الفلسطينية

حذر جنرال إسرائيلي، من تداعيات غياب أي أفق سياسي واستراتيجية إسرائيلية مرتبة في التعامل مع القضية الفلسطينية، مما قد يؤثر على مكانة “إسرائيل” الدولية.

وأوضح ميخائيل ميلشتاين، الرئيس السابق لدائرة الشعبة الفلسطينية في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، في مقاله بصحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن “إسرائيل في الأسابيع الأخيرة تصطدم بمصاعب متزايدة، كي تشرح للعالم سياستها في الموضوع الفلسطيني، وهي تتطلع لتنال الموافقة أو الإسناد من جانب الأسرة الدولية”.

وتابع: “قد وجد الأمر تعبيرا بارزا له في تأييد واسع من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة – بما في ذلك أصدقاء قدامى في أوروبا – في الإعلان الذي أعربت فيه الدول عن قلق عميق في ضوء العقوبات التي فرضتها إسرائيل على السلطة عقب المساعي التي عملت عليها مؤخراً حيال محكمة العدل الدولية في الضفة الغربية”.

 

وأضاف: “يعيد كثيرون المصاعب الإسرائيلية إلى الإعلام، ويعتقدون بأنه لو تطور فقط لكان يمكن لنا أن نحظى بالتفهم بل وبالدعم من جانب العالم تجاه السياسة في المسألة الفلسطينية، أما عمليا؛ المشكلة أعمق بكثير وترتبط بعدم وجود أي أفق سياسي في السياق الفلسطيني، والأخطر من ذلك، بغياب استراتيجية إسرائيلية مرتبة وبعيدة المدى في الموضوع، الأمر الذي ينبع من خليط من انعدام رغبة السياسيين وغياب اهتمام الجمهور الغفير بذاك السياق”.

ولفت الجنرال، إلى أن الحكومة اليمينية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو “مثل سابقتها تجد صعوبة في أن تعرض صورة واضحة في المسألة الفلسطينية، وحزب “الليكود” مزود بقول عمومي حول التطلع لتحقيق حل بروح خطة بيغن التي جوهرها منح حكم ذاتي في المجالات المدنية ولا تترافق وتقسيم إقليمي لإسرائيل أو لإقامة دولة فلسطينية، ولكن إلى جانبه تطرح تلميحات واضحة من جانب الشركاء في الحكومة وعلى رأسهم بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية) بالنسبة للتطلع لفرض السيادة على قسم أو على كل الضفة الغربية وتساؤلات عن الحاجة لاستمرار وجود السلطة والتي يحتمل أن تعكس أجندة خفية”.

وقال: “الفلسطينيون في مثل هذا الوضع يجنون ربحا سياسيا وإعلاميا، والرواية الإسرائيلية حول جوهر النزاع والرفض الفلسطيني تآكلت وبالمقابل يتعزز اعتبار إسرائيل كمن تحاول تغيير الواقع على الأرض بشكل يضع حدا لحل سياسي في المستقبل”. 

ونبه ميلشتاين بأن “السلطة التي تعاني من ضعف عميق وصورة جماهيرية سلبية، ترى في الوضع السياسي المتشكل ذخرا استراتيجيا يسمح بصرف الانتباه عن مشاكلها الداخلية، رص صفوف الشعب حولها ونيل شرعية خارجية، كما أن هذا الوضع يخدم “حماس” وحركة المقاطعة الدولية “BDS” التي تؤكد أن الهدف الإسرائيلي بعيد المدى هو تسوية تقوم على أساس منطق أبرتهايد؛ الأمر الذي يفرض ضغطا دوليا متعدد الأبعاد”.

ورأى أن “الحكومة الجديدة تحسن صنعا إذا ما بدأت بسرعة ببحث عميق في الموضوع الفلسطيني، في إطاره تبلور استراتيجية واضحة، ومثل هذه المهمة تفترض تقليص الانشغال بجهود ذات بعد رمزي، بما في ذلك ملاحقة من يرفعون أعلاما فلسطينية، والتركيز على مسائل وجودية بعيدة المدى في سياقات الأمن، الديمغرافيا والمكانة الدولية”.

وفي هذا السياق، تبرز بحسب الجنرال “مسألة وجود السلطة، التي اختفاؤها من شأنه أن يولد بدائل كوابيس في شكل فراغات سلطوية ستملؤها محافل عنيفة أو تجبر إسرائيل على العودة لتقوم بالمهمة التي حملتها كصاحبة السيادة (سلطة احتلال) في المناطق حتى إقامة السلطة – بالثمن الاقتصادي، السياسي والأمني الجسيم الذي ينطوي على ذلك – في ظل الاقتراب الدراماتيكي من واقع الدولة الواحدة، حتى دون إرادة أو تخطيط مرتب”.

وبين أن “مجرد طلب البحث العميق في الموضوع الفلسطيني، كفيل بأن يكشف فجوة تفسير داخلية في الحكومة الحالية، بين الحزب الحاكم الذي يتطلع قسم كبير من ممثليه لحفظ أو تعديل ما هو قائم، انطلاقا من اعتبارات خارجية، وبين قسم من شركائها الساعين إلى تقويض عميق للواقع وخلق واقع جديد”.

وذكر ميلشتاين، أنه “من زاوية نظر استراتيجية، فإن استيضاحا كهذا سيسمح لإسرائيل بأن توجه أساس الإنصات والجهد للتحدي القومي المركزي من ناحيتها اليوم؛ وهو النووي الإيراني”.

Comments are closed.