أمضى النائبان ملحم خلف ونجاة عون ليلتهما في القاعة العامة لمجلس النواب، في خطوة غير مسبوقة، مطالبين بعقد البرلمان جلسات متتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان الغارق في أزمة اقتصادية متمادية وشلل سياسي.
وقالت عون، وهي أكاديمية وخبيرة بيئية، في شريط مصور من قاعة البرلمان صباح الجمعة “نمنا الليلة هنا.. نعتقد أنه نهار جديد وأمل جديد” للبنان.
وتمنى خلف، النقيب السابق لمحاميي بيروت والحقوقي المخضرم، في المقطع ذاته أن تؤخذ خطوتهما “بجدية ونذهب باتجاه يوم جديد لوطن يحلو فيه العيش”.
ولم يغادر النائبان، المنضويان في كتلة معارضة انبثقت عن الاحتجاجات غير المسبوقة التي شهدها لبنان ضد الطبقة السياسية خريف 2019، قاعة البرلمان إثر انتهاء جلسة كانت مخصصة ظهر الخميس لانتخاب رئيس للبلاد.
واعتبر خلف في رسالة إلى اللبنانيين الخميس أنّ انتخاب “الرئيس الإنقاذي أضحى أمراً ملحّاً أكثر من أي وقت لإعادة انتظام المؤسسات الدستورية وانطلاق قطار الإنقاذ”. وأكد بقاءه داخل البرلمان “دفعاً لانتخاب رئيس للجمهورية بدورات متتالية من دون انقطاع”.
وبعد انتهاء الجلسة، لم يُسمح للصحافيين بالبقاء في البرلمان الذي أغلق أبوابه الرئيسية وأطفأ أنواره بعد انتهاء الدوام الرسمي. وسُمح للنواب فقط بالدخول عبر مدخل فرعي.
وانضم اليهما مساء الخميس عدد من النواب المعارضين. ونشر بعضهم مقاطع مصورة تظهر انقطاع الكهرباء ليلاً داخل القاعة واعتمادهم على أضواء الهواتف الخلوية للإنارة.
وقال النائب فراس حمدان في مقطع مصور ليلاً من قاعة البرلمان على ضوء الهاتف الخلوي “نحن في مجلس النواب شأننا شأن كل اللبنانيين في العتمة لأن البلد وصل اليوم الى الحضيض والانهيار”.
ورأت النائبة حليمة قعقور التي زارت البرلمان متضامنة مع زميليها “كافة أدوار البرلمان معطلة: في المساءلة والتشريع لصالح الناس، كما في انتخاب رئيس/ة”.
ورغم انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، فشل البرلمان الخميس للمرة الحادية عشرة في انتخاب خلف جراء انقسامات سياسية عميقة، خصوصاً أن أي فريق سياسي لا يملك أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشح.
وتجمّع العشرات ليل الخميس قرب مدخل يؤدي الى ساحة البرلمان دعماً لخطوة النائبين. وتداول ناشطون على مواقع التواصل الجمعة دعوات لاعتصام مماثل بعد ظهر الجمعة.
وقال المحامي عماد عمار، أحد الناشطين الذين شاركوا في التجمع الخميس لوكالة فرانس برس إن اعتصام “النائبين شكل من أشكال المواجهة المفتوحة مع المنظومة السياسية للضغط باتجاه تفعيل عمل المؤسسات المعطل بقرار واضح بانتظار تسويات أو أوامر خارجية”.
وتابع “يجب أن يعود اللبنانيون إلى الشارع وأن يدعموا اعتصام النواب من أجل ممارسة الضغط من داخل المؤسسات وخارجها وإلا الخسارة ستكون أكبر بكثير”.
وتزامن فشل البرلمان الخميس مع تسجيل الليرة تدهوراً قياسياً، إذ تجاوز سعر الصرف عتبة الخمسين ألفاً في مقابل الدولار، في مؤشر على عمق الأزمتين السياسية والاقتصادية اللتين لا تلوح أي حلول لهما في الأفق.
وفشلت السلطات حتى الآن في تنفيذ إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزف الحاصل. وأعلن صندوق النقد الدولي في نيسان/أبريل توصله إلى اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات. لكن تطبيقها مرتبط أيضاً بالتزام السلطات تنفيذ إصلاحات مسبقة، بينها توحيد أسعار الصرف.
Comments are closed.