يورونيوز: كان غافياً في فراشه حين اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلته في مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس بالضفة الغربية الساعة الثالثة من صباح السابع من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وما هي إلا لحظات حتى وجد نفسه ملقىً على الأرضَ بينما كانت لكمات الجنود تنافس رفساتهم فوق جسده.. إنه الفتى يوسف مشّة ابن الخمسة عشر ربيعاً.
يقول يوسف إن أحد الجنود وخلال عملية اقتحام المنزل وجّه ضربة عنيفة بكعب بندقيته إلى صدر أمّه وقام بإدخالها عنوة إلى إحدى الغرف وأغلق خلفها الباب وتركها حبيسة فيما أخذت صرخات خوفها على أبنائها تبدد سكون تلك الليلة التي شهدت اعتقال الجنود ليوسف وشقيقه الأكبر وائل (16 عاماً) واقتيادهما إلى خارج المخيم.
يوسف كان تمّ الإفراج عنه لاحقاً، فيما لا يزال شقيقه رهن الاعتقال، ويقول الطفل يوسف عن تلك الليلة، “لا زلت خائفاً وأفكر كثيراً في ما حدث، إنه أمر مروّع للغاية”.
ويكشف تقرير، من المقرر أن تصدره منظمة حقوق الإنسان في إسرائيل “هموكيد” يوم الاثنين المقبل، أن الجيش الإسرائيلي اعتقل وحقق مع المئات من الفتية الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة خلال العام 2022، من دون أن يصدرَ أي استدعاء رسمي لهم أو حتى إخطار عائلاتهم.
وحسب التقرير، فإن ثمة أطفالاً لم تتجاوز أعمارهم الـ14 عاماً تمّ سحبهم بعنف من فراشهم ووضعهم في سيارات جيب عسكرية، وتم استجوابهم مطولاً من دون أن يُسمح لهم بالنوم، وفي هذا السياق، يؤكد محامون وحقوقيون أن مثل هذه الإجراءات تتعارض مع وعود إسرائيل بالتزامها القوانين التي تفرض عليها أن تخطر الآباء بالتهم الموجهة إلى أطفالهم.
الجيش الإسرائيلي من جانبه، يزعم أن لديه السلطة القانونية لاعتقال القاصرين خلال المداهمات التي تتم في وقت متأخر من الليل، وذلك حسب ما في جاء في التقرير.
وتقول مديرة منظمة “هموكيد” جيسيكا مونتيل: “حقيقة أن الجيش لا يبذل أي جهد للحد من هذه الاعتقالات الليلية المرعبة، تشير إلى أن الصدمة (المفزعة) هي جزء من الموضوع (سيناريو عمليات الاعتقال)”.
منونتيل التي تسعى بكل جدٍ ومثابرة من أجل مساعدة المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، تضيف قائلة: “يبدو أن التخويف والإرهاب ضد الأسر هو في الواقع جزءٌ من السياسة” في إشارة إلى أساليب عمليات المداهمة والاعتقال التي يقوم بها جنود الاحتلال بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
ورداً على طلب للتعليق، يقول الجيش الإسرائيلي إن سياسته تقوم على استدعاء الأطفال الفلسطينيين المشتبه في ارتكابهم جنح بسيطة والذين لم تتم إدانتهم سابقاً بأعمالٍ جنائية خطيرة، لكنّ هذا الجيش يرى بأن تلك السياسة لا تنسحب على مرتكبي “الجرائم الخطيرة” أو “حين يضر الاستدعاء للتحقيق بهدفه”.
الجيش الإسرائيلي رفض التعليق على اعتقاله الفتى يوسف، إلا أنه (جيش الاحتلال) ادعى بأن وائل (شقيق يوسف) يواجه العديد من التهم المتعلقة بـ”جرائم خطيرة”، بما في ذلك “الاتصال مع العدو” و”جلب الأموال بشكل غير قانوني” وتقديم المساعدة لـ”منظمة غير قانونية”، وهذه تهم نفيها عائلة مشّة جملة وتفصيلاً.
ويجدر بالذكر أن مؤسسات حقوقية فلسطينية من بينها هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز وادي حلوة–القدس قالت في تقريرها السنوي الذي صدر مطلع العام الجاري أنه “في بعض الحالات استخدمت (إسرائيل) أفراد العائلة كدروع بشرية، ونفذت عمليات اعتقال، بهدف الضغط على المطاردين، لتسليم أنفسهم، وطال ذلك أشقاءهم، وأصدقاء لهم، وأمهاتهم، وزوجاتهم، وأبناءهم”.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت في العام 2022 أكثر من 700 طفل فلسطينياً وقدّمتهم للمحاكمة، وفقاً لتقديرات المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال، التي تؤكد أن الجيش الإسرائيلي قام باعتقال عدد كبير من الأطفال الفلسطينيين الذين تمّ إطلاق سراحهم لاحقاً من دون أن توجّه لهم أية تهمة.
ومن جهتها، تؤكد مؤسسات حقوقية فلسطينية أن إسرائيل اعتقلت 7000 فلسطيني من الضفة الغربية، بما فيها القدس، وقطاع غزة خلال العام الماضي من بينهم 882 طفلاً و172 امرأة.
وتفيد المنظمة الحقوقية الإسرائيلية “بتسليم” أن قوات الاحتلال قتلت العام الماضي 146 فلسطينياً على الأقل، ومن بينهم 34 طفلاً، مما يجعل من العام 2022 الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة خلال الـ18 عاماً الماضية.
Comments are closed.