“إجراء الصمت”.. تعديلات جديدة على مسودة إدانة الاستيطان في مجلس الأمن

أضاف مجلس الأمن الدولي بعض “التعديلات” على نص المسودة الأولى حول مشروع القرار الذي يُدين الاستيطان الإسرائيلي، الجمعة، وتم وضعها تحت ما يعرف “بإجراء الصمت”، حتى يوم السبت الساعة الثالثة بعد الظهر بتوقيت نيويورك، بحسب ما صرح مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في مجلس الأمن الدولي لصحيفة العربي الجديد.

وحصلت الصحيفة على النسخة “المعدلة” من المسودة، التي تم التفاوض حولها بعد أن عُقدت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك جلسة مشاورات مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن.

يُذكر أنه في حال لم تعترض أي من الدول الأعضاء على النص، فمن الممكن بحسب نفس المصدر، وضعه بـ”الأزرق”، مما يعني أن هذه الصياغة ستكون النهائية للتصويت عليها يوم الإثنين القادم، لكن ما زال ذلك غير مؤكداً بعد.

 

ومن الناحية المبدئية، من المفترض طرح المشروع للتصويت عليه، الإثنين القادم، في مستهل الجلسة الشهرية لنقاش الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي سيقدم فيها تور وينسلاند، مبعوث الأمين العام لعملية السلام في الشرق الأوسط، إحاطته الشهرية.

وأكد مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في مجلس الأمن  في نيويورك، أن “الجانب الأميركي أعرب عن عدم رضاه من طرح المشروع للتصويت، واقترح بدلاً من مشروع القرار بيان رئاسي يأخذ بعين الاعتبار بعض النقاط التي احتوت عليها المسودة”، وهو ما أكده مصدر دبلوماسي آخر في الأمم المتحدة.

ومن اللافت للانتباه أن الموقف الأميركي يأتي على الرغم من أن مشروع القرار المطروح، من ناحية الفحوى، لا يتضمن أي تغيير جوهري على قرارات تبناها المجلس حول الاستيطان، وما زالت ملزمة، بما فيها القرار 2334 عام 2016. وتمكن المجلس في حينها من الموافقة على القرار لأن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما قررت عدم استخدام “الفيتو”، وحصل القرار على تأييد 14 دولة، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، ولكن بعد أن أقدمت إدارة أوباما آنذاك على تلك الخطوة، تسلم بعدها بأسابيع دونالد ترامب الرئاسة في البيت الأبيض.

أبرز ما جاء في المسودة “المعدلة”
وتنص المسودة المعدلة، بعد التفاوض مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، على تأكيد مجلس الأمن “من جديد على أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، ليست له أي شرعية قانونية، ويشكل انتهاكاً صارخاً بموجب القانون الدولي، وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل والدائم والشامل”.

وجاء في المسودة أن مجلس الأمن “يكرر مطالبته إسرائيل بالتوقف بشكل فوري وعلى نحو كامل عن جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم جميع التزاماتها بموجب القانون الدولي (…) احتراماً كاملاً”.

وتؤكد المسودة على أن المجلس “يُدين جميع محاولات الضم، بما في فيها القرارات والتدابير التي تتخذها إسرائيل والمتعلقة بالمستوطنات، والتي تشمل البؤر الاستيطانية، ويدعو إلى التراجع الفوري عنها”.

وتدعو المسودة إلى التمسك بالوضع التاريخي الراهن في الأماكن المقدسة في القدس “قولاً وعملاً”، وكذا إلى احترام القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

كما “يدعو كلا الطرفين إلى أن يتصرفا وفقاً للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، والاتفاقات والالتزامات السابقة بينهما، والامتناع عن جميع الخطوات أحادية الجانب، والالتزام بالتهدئة وضبط النفس، والامتناع عن أعمال الاستفزاز والتحريض والخطابات الملهبة للمشاعر، بهدف تحقيق جملة أمور منها تهدئة الأمور على أرض الواقع، مما يفضي إلى إعادة بناء الثقة، والعمل على إظهار التزام حقيقي بحل الدولتين، وتهيئة الظروف اللازمة لتعزيز السلام”.

هذا وتؤكد “على الحاجة إلى تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، دون تأخير، على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومرجعية مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، وخريطة الطريق التي وضعتها المجموعة الرباعية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967″، ويدعو المشروع كذلك الدول الأعضاء إلى “الوفاء بالتزاماتها ذات الصلة”، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقراراتها ذات الصلة، كما “يقرر بحث السبل والوسائل العملية الكفيلة بضمان التنفيذ الكامل لقراراته ذات الصلة”.

وفي حين أن النص أنف الذكر يتطابق إلى حد كبير مع المسودة الأولى، إلا أنّ المسودة الجديدة شملت بعض التعديلات المهمة، إذ أُضيف إلى النص المعدل البند التالي: “يدعو المجلس إلى اتخاذ خطوات فورية لمنع جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب، وكذلك جميع أعمال الاستفزاز والتدمير، ويدعو إلى المحاسبة بهذا الصدد، ويدين جميع أعمال الإرهاب”.

ومن الجدير بالذكر أن القرار 2334 آنف الذكر حول الاستيطان، والذي تبناه المجلس عام 2016، يشمل في الفقرة السادسة صيغة مشابهة حول “الإرهاب”، كما في البند الذي أُضيف للمسودة الأخيرة.

وجاء في المسودة المعدلة، أن المجلس يدعو “إلى الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية السكان المدنيين، ويكرر الحاجة إلى اتخاذ الخطوات المناسبة لضمان سلامة ورفاه المدنيين”، وتتطابق هذه الفقرة في بدايتها مع الصيغة الأولى التي وزعت، لكن مع حذف الإشارة إلى “المدنيين الفلسطينيين وحمايتهم”.

وشدّد المجلس في النسخة المعدلة على “احترام مبادئ التمييز والتناسب والحيطة”، ويكرر “التأكيد على الحاجة إلى اتخاذ الخطوات المناسبة لضمان سلامة ورفاه المدنيين، ولا سيما الأطفال، وحمايتهم”.

وتشمل المسودة كذلك إعادة التذكير بالقرارات السابقة التي تبناها مجلس الأمن الدولي حول الاستيطان والاحتلال، وأبرزها القرار 242 للعام 1967، والذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلها في حربها في يونيو/ حزيران للعام 1967، بالإضافة إلى القرار 2334 المتعلق بالاستيطان وعدم شرعيته، والقرارين 476 الذي صدر عام 1980، وكذا القرار 478 الذي صدر عام 1980، حول القدس والإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب وغير الشرعية فيها، إضافةً إلى عدد من القرارات الأخرى

Comments are closed.