الاسرى يصدّرون لنا أعظم درس رمضانيّ

بقلم: وليد الهودلي

يدرك أسرانا أكثر من غيرهم مدى الرعب الذي يقذفه شهر رمضان في قلوب أعدائنا، وقد كانت بداية الحرب المعلنة من جديد على اسرانا يوم تقلّد “بن غفير” منصب وزير الامن القومي، وكانت له أوّل زيارة إلى سجن نفحة، حيث أعطى تعليماته بتشديد القبضة على الاسرى وسحب الكثير من استحقاقاتهم، ثم إن تصريحات كثيرة صدرت عن رموز هذه الحكومة المتطرفة تدعو الى تجاوز شهر رمضان لما كان له من سوابق أوجعت الاحتلال كثيرا ولأنهم يريدون تجنّب ويلات هذا الشهر عليهم.
أسرانا يقرأون المشهد جيّدا فقرّروا الاستفادة من بركات رمضان هذه، فتوحّدوا على أن تكون فاتحة الشهر الفضيل اضرابا مفتوحا عن الطعام، هم يهربون من رمضان واسرانا يستدعونه بكل ما يحمل من روح وقوّة وعنفوان.
وشهدنا في اليوم الاوّل لرمضان أعظم درس رمضاني، كان درسا عمليا، علمنا فيه أسرانا: أن شهر رمضان يبقى هو شهر الانتصارات ليس ماضيا فحسب وإنما حاضرا ومستقبلا.
وعلّمونا بأنّه شهر الارادات الحرة القوية العزيزة الكريمة التي لا ترضى بالدنيّة أبدا، فأن تجمع بين الاضراب والصيام فهو أمر عظيم يحتاج الى رجال عظام أصحاب إرادة لا تلين وعزيمة لا تضعف أبدا .
علّمونا كيف يكون الانتصار: فبوحدتهم وحسن تخطيطهم وقوة حشدهم استطاعوا أن يحقّقوا انتصارا عزيزا، رغم قلّة حيلتهم وانعدام إمكانات المواجهة سوى أمعائهم الخاوية.
بالفعل صدّروا لنا درسا عظيما: مفاده أنّ لدينا القدرة على تحقيق الانتصار فما علينا إلا أن نجيد استخدام الاوراق التي بأيدينا وأن نثق بأنفسنا جيّدا. علينا أن نمضي قدما دون تردّد أو شعور بالضعف والهزيمة، بعد الاستعانة الكاملة بالله على ضعفنا، علينا حشد عناصر قوّتنا وخبرتنا بشكل كامل وبإدارة ناجحة.
علّمونا بأن شهر رمضان ليس شهرا للنوم والعجز والكسل والغرق في الملذّات والمسلسلات وكلّ ما يريده الاعداء وإنما هو شهر القوة والحركة وتحقيق الانجاز.
علّمونا بأن شهر رمضان فرصة عظيمة لأن ننتصر على النفس والشيطان والاعداء معا وأن ذلك ممكن ويسير لمن أراد أن يتحرّر وسعى لحريته .
علّمونا بطريقة فذّة كيف تشنّ الحرب النفسية على الأعداء وكيف تكسب المعركة في جولاتها الأولى.
علّمونا كيف يكون العمل بفريق واحد. كيف ينجح الحوار وما هي آليات العمل معا وكيف نتجاوز خلافاتنا أمام خطر داهم وكيف نتّخذ القرارات المصيرية بطريقة جماعية ديمقراطية بعيدا عن الفردية والنمط الديكتاتوري والاستحواذي السائد في عالمنا العربي اليوم.
علّمونا كيف نختار زمن المعركة نحن ونفوّت على عدوّنا هذه الفرصة،… لقد انتقلوا بنا من حالة ردود الفعل الى حالة مسك زمام المبادرة ودفع الأعداء الى ردّات الفعل على خطواتنا.
وعلّمونا كيف يكون التفاوض مع الأعداء ؟ فكما كان القرار ببدء المعركة جماعيا كان أيضا إنهائها جماعيا وبصورة لا تترك مجالا لأحد أن يخترق أو يخلخل هذه الروح الجماعية الرائعة.
لقد كان درسا عمليا بليغا قويا بالفعل. اقوى من كل الخطب والدروس التي يشهدها رمضان.

Comments are closed.