شرم الشيخ كما العقبة: لا جديد تم إنجازه

بقلم: حمادة فراعنة

جدّد اجتماع شرم الشيخ الخماسي، ما تم الاتفاق عليه في اجتماع العقبة للقاء نفس الأطراف: فلسطين والمستعمرة، مع الولايات المتحدة ومصر والأردن، بدون أي إضافة باستثناء إعادة التأكيد على الاجتماع مجدداً في نيسان بنفس المكان واستمرار عقد الاجتماعات في إطار هذه الصيغة الخماسية: أمنية سياسية.
لم يلتزم طرفا المواجهة: فلسطين والمستعمرة بما تم الاتفاق عليه في العقبة يوم 26 شباط فبراير 2023، فقد واصلت المستعمرة وأدواتها كافة إجراءات القمع والبطش والاستيطان وفق البرامج السابقة قبل الاتفاق، مع عمليتي اغتيال تمتا لقيادات ميدانية من حركتي حماس والجهاد، فلا جديد يمكن تسجيله نحو الهدف المتفق عليه وهو:
1- الالتزام بتحقيق التهدئة، والحيلولة دون وقوع مزيد من العنف.
2- إتخاذ إجراءات لبناء الثقة.
3- التعاطي مع القضايا العالقة عن طريق الحوار المباشر.
أجهزة الأمن من الشاباك الداخلي والموساد الخارجي، لم يتوقفا عن تنفيذ برامجهم ضد فصائل المقاومة، ولم يتوقف المستوطنون المستعمرون عن ممارسة نشاطاتهم العدوانية الاستفزازية ضد الفلسطينيين.
كما لم يلتزم الفلسطينيون وفصائلهم بأي اتفاق، فقد تم تنفيذ عملية ضد الإسرائيليين في حوارة يوم التوقيع على اتفاق العقبة، وتم تنفيذ عملية مماثلة يوم التوقيع على اتفاق شرم الشيخ.
وهكذا لم تُسفر اجتماعات العقبة وشرم الشيخ عن تبدل حقيقي في مواقف طرفي الصراع ضد بعضهما البعض، لأن مجمل الاجتماعات تبحث القضايا الإجرائية، ولم يقتربوا من أي نقاش أو حوار أو مفاوضات تتعلق بقضايا المرحلة النهائية وهي: 1- القدس، 2- اللاجئين، 3- الاستيطان، 4- الأمن، وغيرها من القضايا الحيوية إن لم نقل إنهاء الاحتلال كاملاً للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
لم تأت مفاوضات شرم الشيخ بأي جديد حيوي، فالقضايا العالقة منذ مفاوضات العقبة بقيت كما هي:
– إنهاء الإجراءات الأحادية لفترة من 3 إلى 6 أشهر.
– وقف مناقشة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر.
– تحسين الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني طبقاً لاتفاقيات سابقة، بما يُسهم بشكل كبير في تعزيز الوضع المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية.
– استمرار عقد الاجتماعات في إطار هذه الصيغة.
الولايات المتحدة تمكنت من “جلب” ممثلي حكومة المستعمرة إلى الاجتماع مع الجانب الفلسطيني، منذ نيسان 2014 في عهد الوزير الأميركي جون كيري، وقد تكون مرغمة على ذلك، مع أن المستعمرة لن تخسر شيئاً من قناعاتها التوسعية، باستثناء تأجيل الإجراءات لعدة أشهر وهذا تأكيد على أن الإجراءات مطلوب تأجيلها فقط، وليس التراجع عنها أو وقفها.
الجانب الفلسطيني لم يخسر شيئاً من مشاركته في مثل هذه الاجتماعات، فهو لم يقدم اي تنازل عن حقوقه أو عدم التمسك بما يراه أنه حق له، وواجب أن تلتزم به حكومة المستعمرة.
والمكسب المعنوي الذي يستفيد منه الجانب الفلسطيني الإقرار والاعتراف أنه “السلطة الوطنية الفلسطينية”، وأن الاتفاقات المعقودة سابقاً يتم التذكير بها، وضرورة تنفيذها، ولو كان ذلك شكلياً أو إجرائياً.
المكسب الجوهري الذي حققه الجانب الفلسطيني التعرية لمزيد من مضمون المستعمرة وكشفها أمام المجتمع الدولي، ودفعها نحو المزيد من القناعة أن المفاوضات وحدها غير مجدية، إن لم تكن مصحوبة بالنضال في مواجهة الاحتلال، حتى يكون الاحتلال والتوسع للمستعمرة الإسرائيلية مكلفاً، يجعل الإنحيازات الإسرائيلية تدريجية في المطالبة لإنهاء الاحتلال، كما حصل في مظاهرات ضد استمرار الاحتلال لجنوب لبنان.
الاحتلال يشكل مكسباً للإسرائيليين ليس فقط لأسباب أيديولوجية توسعية نحو “إسرائيل الكبرى” بل هو مكسب اقتصادي وسوق رائجة لدى ثلاثة ملايين فلسطيني على الأقل.
النضال، والنضال وحده هو طريق الكلفة على الاحتلال، وهو الذي يُرغمه على الرحيل، وليس ذكاء وفلسفة وهدوء ونموذجية الأداء الفلسطيني في الالتزام من طرف واحد بالتهدئة والدعوة للمفاوضات واستمرار التنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب، والتهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب.

Comments are closed.