قال رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، اليوم الجمعة، إنّ رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “يتلقى توبيخات محرجة في كل عاصمة من عواصم العالم”.
وأوضح لابيد أنّ “التوبيخات المحرجة التي يتلقاها نتنياهو في كل عاصمة من عواصم العالم ليست فقط إهانة لإسرائيل، بل هي ضرر أساسي لقدرتنا على تجنيد المجتمع الدولي ضد إيران، والمجتمع الاقتصادي للاستثمار في إسرائيل، وللجالية اليهودية للإرتباط العميق بإسرائيل”.
وتأتي تصريحات لابيد بعد أن عقد نتنياهو لقاء مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بعيداً عن الأضواء، في زيارة طغت عليها إلى حد كبير المشاكل الداخلية في “إسرائيل”، بحسب الإعلام الإسرائيلي.
وذكر موقع “تايمز أوف إسرائيل”، أنّ “الاحتجاجات ألقت بظلالها على لقاء نتنياهو مع سوناك بعيداً عن الأضواء”، حيث كان في استقبال موكبه بضعة مئات من المتظاهرين “الإسرائيليين” الذين رددوا هتافات ضده وضد خطة التعديل القضائي التي تدفع بها حكومته.
وأظهر مقطع فيديو من المكان نتنياهو وهو يسير في اتجاه مقر رئيس الوزراء البريطاني في “10 داونينغ ستريت” بينما كانت تتردد هتافات “عار” في الشارع.
وسُمعت أيضاً أصوات المتظاهرين وهم يهتفون: “نتنياهو اذهب إلى السجن، لا يمكنك التحدث باسم إسرائيل”. وقد أحاطت بهم الشرطة البريطانية والحواجز المعدنية.
أمّا على الجانب الآخر من الشارع، فقد احتشد متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين خارج اجتماع سوناك-نتنياهو، مطالبين باحتجاز نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وبحسب الإعلام الإسرائيلي، فقد “كانت هناك محاولة كما يبدو لعدم إبراز اللقاء مع سوناك ففي خطوة غير معتادة، لم يدلِ الزعيمان بأي تصريحات عامة”.
وأفاد موقع “تايمز أوف إسرائيل” بأنّ سوناك واجه ضغوطاً في الأيام الأخيرة للتعليق علناً على خطة التعديل القضائي، ممّا “أثار تكهنات بأنّه اختار التخلي عن أي تعليقات عامة مع نتنياهو من أجل عدم الاضطرار إلى اتخاذ موقف”.
وفي أعقاب الاجتماع، قال مكتب نتنياهو إنّ “محادثته مع سوناك تركّزت حول التهديد النووي الإيراني، وضرورة ممارسة المزيد من الضغوط على طهران”، كما دعا نتنياهو سوناك، خلال الاجتماع إلى زيارة “إسرائيل” في المستقبل القريب.
غير أنّ البيان الإسرائيلي لم يذكر أي نقاش مع سوناك بشأن خطة الحكومة للتعديل القضائي، في حين لم يصدر بيان فوري بشأن الاجتماع من جانب المملكة المتحدة.
ومن المقرر أن يلتقي نتنياهو في وقت لاحق من اليوم بوزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان، كذلك دون الإدلاء بتصريحات عامة أو عقد مؤتمر صحفي.
يُشار إلى أنّ نتنياهو وصل إلى لندن في نفس الوقت الذي أصدرت فيه المدعية العامة الإسرائيلية جالي باهراف، بياناً حاد اللهجة، أبلغت فيه نتنياهو بأنّه “انتهك اتفاق تفادي تضارب المصالح الذي يسمح له بالحكم أثناء محاكمته الجارية في تهم فساد”.
وقالت باهراف إنّ نتنياهو “انتهك القانون بقوله إنّه سيتدخل شخصياً” في خطة تعديل النظام القضائي.
وجاءت الرسالة من باهراف بعد أن أعلن نتنياهو، أمس الخميس، أنّه سيتجاهل من الآن فصاعداً الاتفاق لتفادي تضارب المصالح ويشرك نفسه بعمق في التشريعات لتعديل القضاء.
عشرات الطيارين الاحتياطيين سيتغيبوا عن الخدمة الأسبوع المقبل
ومنذ أن بدأت حكومة الاحتلال العملية التشريعية، كانت إحدى التهديدات الرئيسية التي كانت محور المحادثات بين رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية ونتنياهو هي الدعوات المتكررة إلى رفض الخدمة التي دعا إليها جنود وقادة في “جيش” الاحتياط، بما في ذلك دعوات الطيارين في سلاح الجو وقدامى المحاربين والمحاربين السيبرانيين والوحدة 8200.
وفي هذا الإطار، ذكرت وسائل اعلام إسرائيلية أنّ وزير الأمن يوآف غالانت يخشى حدوث “هزة في الجيش الإسرائيلي”، إذ أعلن عشرات الطيارين الاحتياطيين أنّهم لن يلتحقوا بالخدمة الأسبوع المقبل ولن يحضروا الطلعات الجوية التدريبية، منذ خطاب نتنياهو أمس.
وبحسب موقع “يديعوت أحرونوت”، فقد “أخبر وزير الأمن مقربيه أنّه سينتظر ليرى المخطط النهائي لنتنياهو، الذي أعلن الليلة الماضية، أي المضي قدماً في التشريعات القضائية”.
ولفت موقع “يديعوت أحرونوت” إلى أنّ “التقدير في محيط غالانت هو أنّه لا يزال محتمل أن يلقي خطاباً ويحذّر من العواقب، وهو مستعد لدفع ثمن شخصي”.
وذكر مراسل الشؤون العسكرية في “القناة 13″، أور هيلر، أنّ “الاحتجاجات في الجيش الإسرائيلي الاحتياطي تتوسع في أعقاب كلمة نتنياهو أمس إذ أبلغ نحو 200 طيار حربي ونقل ومروحيات، قائد سلاح الجو اللواء تومر بار عن تجميد خدمة الاحتياط”.
وأشار هيلر إلى أنّ “الحديث يدور عن طيارين ناشطين”، مؤكداً أنّ “هذا الأمر له تأثير كبير على سلاح الجو الإسرائيلي، إضافةً الى 100 ضابط احتياط توقفوا عن الخدمة في مقر العمليات”.
أمّا في سلاح البر لدى الاحتلال الإسرائيلي، فإنّ “الاحتجاجات تحدث في وحدات مختلفة مثل المظليين وغيرهم”، وفق هيلر.
وأفاد المراسل الإسرائيلي بأنّ “ويوم الأحد، يُفترض تجنيد كتيبتي احتياط، الأولى للعمل على الخط في الضفة، والثانية من أجل التدريبات، فيما هناك قلق في الجيش الإسرائيلي بشأن من سيلتحق وعددهم”، على خلفية الاحتجاج ضد التعديل القضائي.
نتنياهو: رفض الخدمة خطر رهيب على “إسرائيل”
في غضون ذلك، نقلت وسائل اعلام إسرائيلية عن نتنياهو طلبه من المؤسسة الأمنية “موقفاً حازما ضد رفض الخدمة”.
وعلى خلفية إعلان عشرات الطيارين في الاحتياط أنهم لن يأتوا الى الطلعات الجوية التدريبية في الأسبوع المقبل، أكّد نتنياهو أنّ “الاستسلام لرفض الخدمة خطر رهيب على إسرائيل وتجاوز لكل الخطوط، إذ لا يمكن أن تقوم إسرائيل بدون الجيش”.
هذا الأمر تحدّث عنه محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “معاريف” طال ليف رام، قائلاً إنّ “الأرض تشتعل، والتهديد المتعدد الساحات ملموس، والأزمة في الجيش تتعمق، لكن الحكومة لديها أولويات أخرى”، مضيفاً أنّ “صورة الوضع الأمني خطرة، وهذا ما يقوله مسؤولو المؤسسة الأمنية والعسكرية”.
وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أنّ التوتر يرتفع في شهر رمضان عادةً، وهذه المرة “المؤسسة الأمنية والعسكرية مقتنعة بأنّ الوضع هش والتهديد الأمني ملموس، إذ إنّ عدد الإنذارات الأمنية مرتفع بوجهٍ خاص”.
وفي السياق ذاته، قال رئيس شعبة العمليات السابق، اللواء في احتياط الاحتلال الإسرائيلي، إسرائيل زيف، إنّ “الموضوع الأمني وعملية التفكك الداخلي لوحدات الاحتياط في الأيام الأخيرة يشكلان أزمةً لم تواجهها إسرائيل من قبلُ، ولا حتى في حرب يوم الغفران”، في إشارة إلى حرب أكتوبر عام 1973.
بدوره، قال وزير الأمن الأسبق، أفيغدور ليبرمان، إنّ نتنياهو، “يتصرف كالأرنب أمام الأمين العام لحزب الله (السيد) حسن نصر الله ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة يحيى السنوار، ويقوّض قدرة الردع لإسرائيل”.
وتستمرّ الاحتجاجات ضدّ التشريعات القضائية، ورفض نتنياهو لتأجيلها، بالتزامن مع تصديق الهيئة العامة للكنيست، الخميس، في القراءتين الثانية والثالثة، على مشروع “قانون أساس: الحكومة”، والذي يمنع عزل رئيس حكومة من منصبه، والإعلان عن تعذّره عن القيام بمهمّاته، وهو القانون الذي يُحصّن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يُحاكم بتهم فساد وخيانة الأمانة.
Comments are closed.