بقلم/ حمادة فراعنة
ما عبر عنه رأس الدولة الأردنية جلالة الملك، لأهالي القدس وممثليهم وأمامهم بحضور الرئيس الفلسطيني وصحبه، بقوله: “إننا معكم” لهو الأدق مصداقية في التعبير عن مشاعر الأردنيين وضمائرهم، وإنحيازهم، ودعمهم في مواصلة العمل والنضال من أجل البقاء والصمود أولاً ومن أجل كنس الاحتلال ثانياً ونيل الحرية والاستقلال ثالثاً.
دوافعنا أن نكون مع أهل القدس، وسائر فلسطين، لهدف جوهري يتمثل بحماية الأردن وأمنه واستقراره في مواجهة سياسات المستعمرة وألاعيبها ومخططاتها ومؤامراتها وأطماعها التوسعية نحو الأردن.
لقد احتلت المستعمرة القدس والضفة الفلسطينية عام 1967، حينما كانتا جزءاً من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية، ولا تزال تحتلهما وتعمل على تهويدهما وأسرلتهما باعتبارهما جزءاً من خارطة المستعمرة التوسعية.
وما خريطة وزير مالية حكومة المستعمرة سموترتش التي أعلنها وأوضحها علناً في باريس أمام مؤتمر مؤيد للمستعمرة سوى تأكيد على هذا التوجه، لإلغاء وجود الشعب الفلسطيني من على أرض فلسطين، والأدهى من ذلك أن خارطة شرق الأردن، وضعها كامتداد لخارطة المستعمرة.
وبذلك نبهنا سموترتش كأردنيين، لتطلعات المستعمرة وأطماعها المستقبلية إما باتجاه طرد الفلسطينيين إلى الأردن، كما حصل عامي 1948 و1967، أو باتجاه التطاول نحو شرق الأردن كما حاولوا في معركة الكرامة عام 1968 لاحتلال الغور وجبال البلقاء الغربية، فاندحروا خائبين وتراجعوا مهزومين.
ونحن مع القدس وأهلها، وسائر فلسطين لتبق العنوان على أرضها، وشعبها كامن متشبث بمساماتها، لا رحيل ولا تشريد ولا تكرار لما وقع عامي 1948 و1967.
الاعتكاف داخل مواقع الحرم القدسي الشريف، لم يعد تقرباً وإيماناً، فقط، بل غدا واجباً وضرورة دينية وعقائدية وتراثية، إضافة إلى كونه واجب وطني بهدف حماية الأقصى كمسجد للمسلمين، وباعتباره مقدساً يوازي حرمة المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة ومثلهما في المكانة والقدسية الروحية والإيمانية.
الاعتكاف لولا أنه الرد العملي الواقعي على محاولات الشراكة في التهويد والأسرلة والعبرنة، الزمانية وصولاً إلى الشراكة المكانية كما فعلوا بالمسجد الإبراهيمي في الخليل لما أقدمت قوات الاحتلال على إخراج المعتكفين من الأقصى عنوة، وعليه إن مجلس أوقاف القدس، وإدارة المسجد عليها أن تتجاوب مع المعتكفين وتدعمهم، لا أن تعمل على تقليص اوقاتهم الاعتكافية، لأن المعتكفين هم الذين كانوا ولا زالوا أدوات وروح حماية الأقصى.
الأقصى قضية دينية مبدئية، لا تحتمل المساومة على طاولات التفاوض غير المتزنة التي تفرض نتائجها موازين القوى، وهذه الحشود بعشرات الآلاف من قبل المسلمين الذين تتوفر لهم فرص الوصول من أهل القدس، أو من داخل مناطق 48، أو من الضفة الفلسطينية، لهو الرد الواعي اليقظ على إجراءات المستعمرة وأدواتها ومخططاتها، وعليه يجب أن ترتقي أدوات العمل السياسي إلى مستوى الفعل المبدئي الذي يبديه عشرات الآلاف للمشاركة وحضور الصلوات المتعددة، لتوصيل الرسائل للعناوين المختلفة، للمسلمين على امتداد خارطة العالم، وللمستعمرة في رفض كل ما تسعى له من تهويد وأسرلة وتوسع.
Comments are closed.