توالت الأسبوع الحالي تهديدات كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين بمهاجمة إيران وحرب مع حزب الله، إلى جانب التهديدات الدائمة والمتواصلة ضد الفصائل في قطاع غزة وخاصة حماس، في موازاة تقارير متكررة حول “تقدم” اتصالات بين إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، وولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، حول اتفاق تطبيع علاقات مع إسرائيل.
ومن شأن هذه التهديدات والاتصالات أن تنقذ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وفقا لمحللين في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الخميس. ووفقا للمحلل العسكري في “هآرتس”، عاموس هرئيل، فإن “التطبيع بين إسرائيل والسعودية بوساطة أميركية، لن يكون إنجازا أكبر من اتفاقيات أبراهام فقط، وإنما سيكون بإمكان نتنياهو أن يبيع الجمهور ثروة اقتصادية كأنها تنتظر إسرائيل في الأفق نتيجة لاتفاق التطبيع”.
وأضاف هرئيل أن “هذا سيكون ردا قاطعا، بالنسبة لنتنياهو، على أحد أكثر الادعاءات الجوهرية ضد حكومته، بأن خطة الانقلاب القضائي، والاتفاقيات الائتلافية السخية لدرجة الاستحالة التي وقّعها مع شركائه، تدمر الاقتصاد الإسرائيلي”.
ورأى هرئيل أن “نتنياهو ينظر بالتأكيد إلى اتفاق تطبيع كهذا على أنه الأرنب الذي سيستله الساحر من القبعة في اللحظة الأخيرة، وينقذه من السقوط إلى الهوة. وهذا سيكون ذريعة لائقة من أجل لجم شركائه من اليمين المتطرف، الذين يسعون إلى تغيير الواقع في المناطق (المحتلة) من الأساس، وكذلك وقف مجهود التشريعات (القضائية) بشكل يلجم حركة الاحتجاج”. لكن هرئيل استدرك أنه “ليس واضحا إذا كان مطلبا كهذا يتعالى في الرياض – لماذا سيهم هذا الموضوع السعوديين؟ – أو في واشنطن، أو أنه يعكس ميل رئيس الحكومة نفسه أصلا”.
“عقبة واحدة صغيرة”
تكررت التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية حول شروط صفقة التطبيع هذه، وآخرها للمحلل السياسي في “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، اليوم. بحسبه، فإن بايدن، وهو حاليا في سنة انتخابات، أرسل إلى الرياض كلا من مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ورئيس CIA، وليام بيرنز، إلى الرياض من أجل ممارسة ضغوط على بن سلمان ومنع وقوعه في شباك الصين.
وقدم بن سلمان لإدارة بايدن مطلبين. الأول، هو تنفيذ صفقة الأسلحة العملاقة التي أبرمها مع إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، وتشمل طائرات إف-35. ومطلب بن سلمان الثاني هو إقامة منشأة لتخصيب اليورانيوم في السعودية، كي تدخل النادي النووي.
وشرط بن سلمان الثالث، وفقا لبرنياع، هو إدخال الفلسطينيين والفلسطينيين إلى مفاوضات “حسب رواية بن سلمان”. وبحسب برنياع، فإن هذا الشرط وضعه بن سلمان فقط من أجل أن يثبت أن مطالبه أكبر من مطالب حاكم الإمارات، محمد بن زايد. “ووفقا لرواية أخرى، بن سلمان كان سيوافق على التخلي عن الفلسطينيين”.
ولفت برنياع إلى أن هذا الطلب وُلد في البيت الأبيض. “ويعلم بايدن أنه سيكون صعبا جدا عليه أن يقنع الديمقراطيين بالموافقة على شروط الأمير السعودي. وعليه أن يقدم شروط بن سلمان إلى الكونغرس على ملعقة سكر. وهذه الملعقة هي تنازل تقدمه حكومة إسرائيل إلى أبو مازن، ربما استئناف العملية السياسية، ربما تجميد المستوطنات، وربما كلاهما معا”.
وأضاف برنياع أن “البيت الأبيض كان بحاجة لتنازل آخر من إسرائيل، متعلق بالأجواء السائدة في كتلة الحزب الديمقراطي في مجلسي الكونغرس: تجميد الانقلاب القضائي. ونتنياهو استجاب: الاحتجاجات في الشوارع أرغمته على تجميد التشريعات في جميع الأحوال. وهو باع التجميد لشركات التدريج الائتماني أيضا وللإسرائيليين وكذلك للبيت الأبيض”.
وأشار برنياع إلى أن نتنياهو غارق اليوم في دفع المشروع السعودي. “وهو مؤمن بأن التطبيع سيحل معظم مشاكله، الداخلية والخارجية. وستفتح أبواب البيت الأبيض أمامه؛ والناخبون الذين تخلوا عنه سيعودون ويلتفون حوله كهالة لزعيم قوي جدا، ساحر جدا، زعيم بالإجماع. إسرائيل والسعودية ضد إيران. واتفاقيات أبراهام ستتضاءل مقابل اتفاقيات بنيامين”.
واستدرك برنياع أن “ثمة عقبة صغيرة واحدة في الطريق نحو الانتصار: تركيبة الحكومة التي يرأسها لا تتلاءم مع تنازلات للفلسطينيين أو مع تجميد المستوطنات. وقد يسقط سموتريتش وبن غفير الحكومة. وسيواجه لبيد وغانتس صعوبة بالدخول إلى الحكومة مكانهما، طالما أن نتنياهو متهم بالجنائيات”.
قلق دولي من التهديدات الإسرائيلية
بحسب هرئيل، فإن تهديدات المسؤولين الإسرائيليين خلال خطاباتهم في مؤتمر هرتسيليا، الأسبوع الحالي، ضد إيران وحزب الله وفصائل المقاومة في قطاع غزة، “غايتها ترسيخ ردع متجدد ضد المحور الشيعي الراديكالي في المنطقة”. لكن “ثمة شكا إذا كان جهاز الأمن أو المستوى السياسي في إسرائيل قدروا مسبقا حجم العاصفة التي ستُثار”.
وتعتبر إسرائيل أن ثمة تطورين توجد علاقة بينهما، “لكنهما ليس جديدان. إيران حسّنت وضعها الإستراتيجي، إثر تراجع الاهتمام الأميركي بالشرق الأوسط، ودفعت قدما برنامجها النووي، إلى جانب تشجيع المنظمات التي تمولها، مثل حزب الله والجهاد الإسلامي، لتصعيد محاولات تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية. والتطور الثاني هو أن حزب الله صعّد نشاطه”، لكن هذا يحدث، وفقا لهرئيل، “على خلفية التقديرات في بيروت أن إسرائيل غاقة في نفسها وبزلزال داخلي من جراء الانقلاب القضائي، أكثر من أن تخاطر برد فعل عسكري واسع مقابل استفزازات ضدها”.
وأفاد هرئيل بأن تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، أول من أمس، حول تطورات في إيران “تستوجب عملا عسكريا إسرائيليا ضدها” وحول حرب محتملة ضد حزب الله، جعلت وزارات الخارجية في أوروبا والولايات المتحدة تطالب بإيضاحات عاجلة من سفرائها في إسرائيل، في محاولة لفهم التصريحات الإسرائيلية.
وأضاف أن تصريح هليفي لوحده تسبب بارتفاع سعر صرف الدولار من 3.66 شيكل إلى 3.70 شيكل. “ويبدو أنه في هيئة الأركان العامة لم يستوعبوا تماما معنى ’مفعول رئيس هيئة الأركان العامة’. فلدى الجمهور الإسرائيلي، وكذلك في دول أخرى، ما زالوا يولون أهمية أكبر لأقوال ضابط رفيع بالزي العسكري، ولا يقتنعون بسهولة بأنها أقوال للبرتوكول”.
ولفت هرئيل إلى أن العاصفة التي أثارتها هذه التصريحات “كانت كبيرة لدرجة أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اضطر في ساعات المساء إلى القيام بإحاطة هاتفية مع صحافيين من أجل التوضيح أنه بالرغم من أن الوضع الإقليمي مقلق، لكن التصريحات الأخيرة لا تدل على حرب قريبة في لبنان، أو على هجوم إسرائيل قريب في إيران”.
Comments are closed.