أما بعد، وبعد مضى 29 عاماً من توقيع برتوكول باريس الاقتصادي، وبعد النشاط الاقتصادي الذى تديره وزارة الاقتصاد الفلسطيني بهذه الايام نحو تعديل قوائم السلع المستوردة، وفي ذكرى توقيعها في 29/04/1994، وجدت من الضروري أن أكتب مقالتى مستدركاً أهمية ادوار معظم الاشخاص الذين عملوا على صياغة البرتوكول وايضا الاشخاص الذين كتبوا عن هذا البرتوكول خلال ثلاثة عقود ماضية.
حرصت إسرائيل على إخضاع الاقتصاد الفلسطيني لسيطرتها من أجل استمرارها في التمتع بالمزايا والمكاسب الناشئة عن هذه الممارسات، ولهذا الغرض، عمدت إلى السير في مسارين في آن واحد: الأول، عزل الاقتصاد الفلسطيني عن العالم الخارجي العربي والدولي على حد سواء، وجعل المعاملات معه في أضيق نطاق ممكن. والثاني، جعل الاقتصاد الفلسطيني تابعاً للاقتصاد الإسرائيلي كخيار وحيد وبشكل مباشر، ولم تختلف سياستها منذ احتلال عام 1967 ولغاية تاريخة. مع أن الاحتلال الإسرائيلي يقف خلف تراجع الأداء الاقتصادي الفلسطيني ونكوص التنمية بسبب سيطرته الكاملة على الأراضي والموارد والمعابر والحدود، التي استطاع بواسطتها تكريس تبعية الاقتصاد الفلسطيني لاقتصاد الاحتلال، وحال دون إحداث تنمية حقيقية ضمن هذه المنظومة.
فهل نستطيع احداث اختراق، نوعي في محتوى البروتوكول مما سينقلنا الى مرحلة جديدة من دعم الاقتصاد الفلسطيني؟ سؤال يراود المراقبين والقطاع الخاص الفلسطيني، لكن المحاولة ذات قيمة اذا نجحنا في تحقيق المبتغى منها.
قبل الخوض في محتوى الوثيقه التى طالما خرجت كونها وثيقة بصيغة برتوكول ولم تصل هذة الوثيقة الى مفهوم اتفاقية، إن هذه الوثيقة جزء لا يتجزأ من اتفاقية اوسلو وليست اتفاقية منفصله، فهل نحن الآن نفتح أبواب المفاوضات من جديد مع الجانب الاسرائيلي؟
هنا أتوقف مستفسرا عن مجموعة من القضايا الاجرائية التى تحكم العلاقة باللجنة المشتركة:-
1- هل تم تعديل الإجراءات والقواعد والمنهجية الى كانت متبعة سابقاً، فما هي آلية اتخاذ القرار باللجنة المشتركة، حيث نص اتقاق باريس أن اتخاذ القرار سيتم بالاتقاق؟ ماذا يعنى بالاتفاق؟
2- كما نص اتفاق باريس على أن يتم مراجعة قوائم السلع كل 6 اشهر، فهل سيتم تقديم قائمة ستعرض ونطالب باستكمالها بعد 6 أشهر؟
3- ما هي مرجعية اللجنة المشتركة إذا لم يتفق الجانبان، أو اذا رفض الجانب الاسرائيلي تنفيذ ما تم الاتفاق عليه أو ماطل …. كالعادة؟
4- من الذي سيعوض القطاع الخاص من التعطيل المتوقع من الجانب الاسرائيلي ومن الضامن؟
بروتوكول العلاقات الاقتصادية بين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية نص على ما يلي:
سياسة الواردات:
“لدى إسرائيل والسلطة الفلسطينية سياسة شبه متطابقة في ما يتعلق بالواردات والجمارك. ومع ذلك فان السلطة الفلسطينية تستطيع استيراد منتجات بتعرفات جمركية مختلفة عن تلك المطبقة في إسرائيل عقب إجراءات متفق عليها بصورة مشتركة. وبالإضافة إلى ذلك تستطيع السلطة الفلسطينية استيراد منتجات من الدول العربية بكميات محدودة متفق عليها. وسيتم اتخاذ ترتيبات لتدير السلطتان بشكل مشترك الحدود في أريحا وغزة”.
ـ الضرائب المباشرة:
“تطبق السلطة الفلسطينية سياستها الخاصة في فرض الضرائب المباشرة بما في ذلك ضريبة الدخل على الأشخاص والشركات وضرائب الملكية ورسوم البلديات، وفقا للسياسة التي تحددها السلطة الفلسطينية يقوم الطرفان بجمع الضرائب في الأنشطة الاقتصادية التي تجري في مناطقهما. وتنقل “إسرائيل” إلى السلطة الفلسطينية 75% من ضريبة الدخل التي تحصلها من الفلسطينيين الذين يعملون في “إسرائيل”.
ـ الضرائب غير المباشرة:
“تطبق السلطة الفلسطينية نظاما لضريبة القيمة المضافة مماثلا لذلك المطبق في “إسرائيل”.تراوح معدلات ضريبة القيمة المضافة لدى السلطة الفلسطينية بين 15 و16%.
ـ الوقود:
“يتم تحديد أسعار الوقود في منطقة الحكم الذاتي على أساس سعر الشراء في منطقة الحكم الذاتي والضرائب المفروضة على الوقود في منطقة الحكم الذاتي. وينص الاتفاق على ان سعر الوقود لا يمكن ان يكون اقل من 15% من السعر الرسمي في “إسرائيل”.
أما نص الاتفاق، على إقامة غلاف جمركي يشمل الاقتصادين الفلسطيني والاسرائيلي، والذي يعزز الروابط الدائمة والواسعة والغير متكافئة بين إقتصاديين متفاوتين، وهنا بهذا السياق سيؤدي الى خسارة الجمارك على البضائع المنتجة في اسرائيل او تلك التي يعاد تصديرها الى فلسطين خصوصا ان العجز التجاري الرئيسي لفلسطين هو مع اسرائيل وهو في تصاعد مستمر، حيث وصل قيمة الواردات حسب بيانات صادرة عن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، من إسرائيل بلغت 561ر1 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الجاري، أي أكثر من نصف مجمل الواردات التي بلغت قيمتها 254ر2 مليار دولار. كما أننا تساوى تقريبا بقيمة المضافة والجمارك والرسوم رغم التباين في مستويات المعيشة والظروف الاقتصادية ومعدلات الدخل بين الافراد في البلدين . بالاضافة الى العمولات البنكية التى تكاد ان تتساوى بين البنوك الاسرائيلية ومثيلتها الفلسطينية، وأيضا ارتباط السياسات والاجراءات الاقتصادية الفلسطينية بالقرار الاسرائيلي، واشتراط القيام باي برامج او مشاريع إنمائية بالموافقة والتنسيق مع الجانب الإسرائيلي.
اقتراحات أقدمها للجهات الرسميه الفلسطينية:-
اولا:- المرحلة الحالية وتبدأ بتفعيل عمل اللجنة الاقتصادية المشركة على اسس صحيحة، بحيث ان نضمن اسس القرار “الاتفاق”، وجعل مرجعية ضامنة تضمن التزام الجانب الاسرائيلي بتنفيذ ينود الاتفاق يشكل دقيق كما اوصي بالعمل بشكل حثيث على البدء بشراء المحروقات من الدول العربية المحيطة/ المجاورة.
ثانيا: العمل على إنشاء مناطق تخليص جمركي تدار من الجانب الفلسطيني، والعمل على انشائها بجوار المعابر التجارية مع الجانب الاسرائيلي. وعمل كافة الاجراءات لتخفيض الرسوم الجمركية على المدخلات إلى آليات لضمان إنتاج ذي جودة عالية وتكلفة منخفضة.
ثالثا: العمل على تفعيل النشاط التنموي بالتبادل التجاري بين فلسطين والدول العربيّة، وذلك من خلال دعم وتفعيل مبادرة التكامل الاقتصادي الفلسطيني العربي.
رابعا: دعوة الاستثمار من خلال السفارات الفلسطينية بكافة الدول لتشجيع جذب فلسطينيي الشتات للمشاركة في تنمية الاقتصاد الفلسطيني، وذلك من خلال تشجيعهم على تأسيس شركات جديدة في الصناعة والزراعة مع شركاء محليين، مع إعفاءات ضريبية.
خامسا: العمل على تحويل بروتوكول باريس الى اتفاقية اقتصادية بين دولتين على أسس اقتصادية واضحة تضمن للفلسطينيين حرية التجارة مع الخارج.
فلنعمل سويا، قطاعا عاما وخاصا، نحو بناء اقتصاد فلسطيني حر ومقاوم .
Comments are closed.