ما زالت تبعات وتداعيات الإخفاق الأمنيّ على الحدود المصريّة-الإسرائيليّة يؤرِّق الإسرائيليين قيادةً ومستوطنين ويقُضّ مضاجعهم، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام نظرياتٍ ليست دخيلةً على مجتمع المُستوطنين الصهيونيّ، وفي مُقدّمتها اللجوء إلى الجنس لتوجيه الاتهام له في الفشل الأمنيّ المُدوّي وتحويله لـ “كبش فداءٍ”، والذي تمكّن خلاله أحد الجنود المصريين من إرباك “دولةٍ عظمى” تملك “أحد أقوى الجيوش في العالم” (!).
ووصل الخلاف في أوساط المجتمع الصهيونيّ إلى القمّة والذروة بعدما بثت القناة الـ 14 بالتلفزيون العبريّ، والتي تُعتبر قناة البيت لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والأحزاب اليمينيّة المُتطرفة المُتحالفة معه، خبرًا لمُراسِلها للشؤون العسكريّة، قال فيه بشكلٍ التفافيٍّ لكنّه واضح، إنّ السبب الرئيسيّ الذي أوقع الإخفاق على الحدود مع مصر، يكمن في أنّ الجندييْن، فتاة وشاب، اللذين كانا في موقع الحراسة، انشغلا لحظة الهجوم في “وضعٍ عاطفيٍّ” منعهما من مُواجهة الجندي المصريّ الذي باغتهما وقتلهما دون أنْ يتمكّنا من إطلاق رصاصةٍ واحدةٍ باتجاهه، على حدّ زعمه.
يُشار إلى أنّ المُراسِل نفسه كبقية المُراسلين في القناة الـ 14 معروف بتطرّفه، وسابِقًا كان قد قال في أحد التقارير حول النزاع مع الفلسطينيين إنّه “للأسف الشديد لم تقع إصابات في صفوف العرب بالقدس الشرقيّة”، على حدّ تعبيره.
جديرٌ بالإشارة أنّ هناك فئات واسعة في المجتمع الصهيونيّ، وعلى نحوٍ خاصٍّ المتدينين المتزمتين، التي تُعارِض خدمة الفتيات في الجيش، كما أنّ هناك منهم مَنْ يُعارِض خدمتهنّ كي لا يختلِطوا بالشباب، لافتين إلى أنّ هكذا نصّت الشريعة اليهوديّة.
وفي تعقيبه على هذه النظرية كتب المحلل روغِل ألفِر في صحيفة (هآرتس): “جنس، مخدّرات ودماء، هذا ما يفعله الجيش الإسرائيليّ على الحدود مع مصر وفق القناة الـ 14، جنديات وجنود في موقع حراسة، يُقيمون العلاقات الجنسيّة ويُدخّنون سمّ الحشيش، ويتركون مُهّمات الحراسة، وكنتيجةٍ لذلك يُقتلون”.
وتابع ألفِر: “بالنسبة للفاشيين، عملية القتل التي قام بها الجنديّ المصريّ ونجحت تجلِب العار، نظرية الفوقيّة اليهوديّة لا يُمكِنها استيعاب هكذا فشل من منطلق (أنا) العنصريّ والقومجيّ، فلا يُعقَل بحسب الفوقيّة اليهوديّة أنْ يتغلّب الجنديّ المصريّ على جنود الجيش الإسرائيليّ، ولا توجد بالأجندة الفاشيّة الإسرائيليّة إهانة وإذلال للجيش الإسرائيليّ من ناحيةٍ مهنيّةٍ، لأنّ نظرية الفوقيّة اليهوديّة لا تعترِف بإمكانية وقوع حوادث من هذا القبيل، إلّا إذا كان الجنود في حالة غثيانٍ (مسطولين) نتيجة تدخين (الحشيش) وفي أوج علاقاتٍ جنسيّةٍ جماعيّة”، على حدّ تعبير المُحلِّل في صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة.
على صلةٍ بما سلف، قال الباحث السياسيّ والمحلل زيدان القنائي إنّ كل التصريحات الاستفزازية من جانب ايدي كوهين الباحث الإسرائيليّ واستفزازات الاعلام العبريّ بعد حادث اختراق جندي مصري للحدود تأتى ردًا على نجاح القمة العربية واعادة سوريّة للجامعة العربية ومخاوف تل ابيب من أيّ تقاربٍ بين إيران ومصر.
وأضاف القنائي أنّه بعد حادث الجندي المصريّ والمهربين ومقتل ثلاثة جنود اسرائيليين على الحدود، وعلى الرغم من تأكيدات الجانبيْن المصريّ والإسرائيليّ بالتزام التحقيق في الحادث، إلّا أنّ الباحث الإسرائيليّ ايدي كوهين طالب جيش الاحتلال الإسرائيليّ بإعادة احتلال سيناء والسويس وشرم الشيخ والاسماعيلية والمناطق التي حررها الجيش المصري على خلفية الحادث الحدوديّ، على حدّ تعبيره.
واتهم ايدي كوهين الرئيس السيسي ومؤسسة الرئاسة المصريّة بإصدار تعليماتٍ للإعلاميين أحمد موسى وعمرو أديب وكافة وسائل الاعلام المصريّة بعدم طرح قضية الجندي المصري بوسائل الاعلام وقال إنّه تمّ دفن الجندي المصري سرًا بعد تسليم اسرائيل جثمانه لمصر.
وقال القنائي تعقيبًا على كلّ تلك السجالات الاعلاميّة وعبر منصّة (تويتر) بين الباحث الإسرائيليّ ايدي كوهين وعلاء مبارك وعدد كبير من النشطاء العرب والمصريين، قال إنّ كلام كوهين لا يُعبِّر عن الموقف الرسمي لدولة الاحتلال الإسرائيليّ، كما أنّ واقعة الجنديّ المصريّ واختراقه لخط الحدود “حادث فرديّ”.
وأضاف: أمّا الاتهامات للرئيس السيسي بشأن اعطاء تعليمات للإعلام المصري بالتغطية على حادث الجنديّ المصريّ وعدم ذكرها بوسائل الاعلام فتعتبر اتهامات مرسلة من جانب الباحِث والمُستشرِق كوهين، والذي تورّط مسبقًا بإخراج ونشر شائعاتٍ حول بيع السيسي لقناة السويس، على حدّ تعبيره.
Comments are closed.