اسرائيل الدولة الطبيعية في المنطقة!!

احتفلت دولة الاحتلال اسابيع قليلة “باستقلالها” ال 75 وبعيدا عن المزاعم التي تسوقها بتحقيق العودة لارض صهيون والروايات التي تتغنى بها في اطار محاولاتها تكريس وجودها على ارض فلسطين وكأنه حالة “طبيعية” ضمن المنطقة العربية، وانها قوة مهابة يخشاها الجميع تملك جيشا قويا وانها صاحبة ذراع طويلة “لمحاسبة الاعداء” كل هذا وغيره من اساطير سقط سقوطا مدويا في مساحة لا تتعدى كيلو متر واحد من الجغرافيا يسنكها نحو 13 الف (لاجيء) في مخيم جنين هؤلاء الذين شرد ابائهم واجدادهم وعاشوا ويلات النكبة هم يشهدون اليوم ذات الاعمال العدوانية التي ادت لاقتلاع اهلهم من ارضهم وارغامهم عنوة على مغادرة بيوتهم ومزارعهم لتستمر المأساة المسماة نكبة الى يومنا هذا اجيال طويلة تعاقبت على ذات المصطلح الذي ما زال يلتصق بنا في محاولة لتجريدنا من انسانيتنا وثقافتنا وهويتنا المصبوغة بلون الارض والبلاد التي هي لنا منذ الاف السنين ورغم تعاقب الاحتلالات عليهاعلى مر الزمان.


اسرائيل الدولة “الطبيعية” التي تسمي نفسها ايضا بالديمقراطية في المنطقة العربية باعتبارها حقيقة واقعة هي في حقيقة الامر امتداد للاستعمار البريطاني على فلسطين ووعدها المشؤوم في الثاني من نوفمبر 1917 لم ولا تملك الجرأة لاستعراض تاريخها منذ “النشاة” باستثناء ما تحاول بثه من اكاذيب وهو تاريخ مجبول بالاجرام والارهاب وهو ما تملك الحديث عنه دوما اذ كيف لدولة طبيعية عادية مثلا ان تشن وان تقوم بهذا العدد من الحروب والمجازر والمذابح وتسمى نفسها “بالطبيعية” وانها حققت “استقلالها” من الذي احتلها لتستقل عنه اصلا!! تفند كل هذه الاقاويل الفارغة جولات الحروب والعدوان المتواصل نهجا في سياساتها المستمرة اذا تناولنا دون تفاصيل وبشكل سريع اهم تلك الحروب حرب 1948 ثم العدوان الثلاثي على مصر 1956، الكرامة 1968 ثم حرب الاستنزاف، وبعدها حرب اكتوبر 1973 ثم اجتياح جنوب لبنان 1978 وحرب لبنان 1982 واجتياح بيروت ثم الانتفاضتين الاولى 1987 والثانية 2000 وما بينهما من هبات شعبية والحرب على لبنان 2006 وحروبها المتتالية على قطاع غزة منذ 2008 ثم 2014 الجرف الصامد، وسيف القدس 2021 وايضا الحرب 2022 التي اطلق عليه وحدة الساحات، وربماهناك الكثير مما لم يتم ذكره في زحمة الحديث عن “دولة” مداد وجودها هو الاعتداء والقتل والدمار اضف الى ذلك عمليات القتل والاغتيال والقصف والاعدامات الميدانية والعمل الاستخباري الممتد على انحاء العالم المنبي على الفبركة الكاذبة، ونشر الروايات المضللة ومحاولات تزيف التاريخ، واصطناع القصص الملفقة والى جانب ذلك كل هذا التغيير المستميت لمعالم ووجه الارض الفلسطينية الحقيقي، وحرب الديمغرافيا التي تمارسها بحق اصحاب الارض الاصليين هل دولة تقوم بكل هذا وفق احكام القانون الدولي وتاريخ الشعوب وحتى في العلاقات الدولية يمكنها ان تقوم بكل ذلك هل هي دولة طبيعية ؟؟ بل الوقاحة انها تسوق نفسها بانها امتداد للحضارة الغربية ويقوم هذا الغرب المنافق والشريك بتوفير الحماية والغطاء السياسي العسكري والمالي، ممنوع على اي جهة او مؤسسة ان ينتقد هذه الدولة رغم بشاعة وفظاعة ما تقوم به من جرائم!! ممنوع اساءة الظن بحق هذه الدولة التي “تدافع” عن نفسها!! واي محاولات للحديث عن وقف ما تقوم به فان التهمة الجاهزة “معاداة السامية” هي وصفة تنجح في الترويج لها وتمريرها في ظل الرعاية الاميركية المطلقة والحاضنة لتلك الافعال التي يجب في حقيقة الامر ان يندى لها جبين البشرية، وان يتم التعامل معها بوصفها اعمال ابادة وقتل جماعي نتاج ارهاب دولة منظم تمارسه حكومة مستوطنين استمرارا لنهج كل الحكومات المتعاقبة لكيان غير طبيعي الولادة والتاسيس تمارس كل هذه الجرائم ويعلم العالم علم اليقين انها كذلك دون ان يحرك ساكنا.

بعد ما جرى في جنين ونابلس وحرق القرى والبلدات الفلسطينية ترمسعيا عوريف ام صفا وقبل ذلك عشرات القرى الاخرى ماذا علينا ان نفعل وماذا نريد؟ وفي الحقيقة فاننا نريد حماية شعبنا من الاحتلال هذا في غاية الاهمية، ونتطلع ونطالب دوما للتدخل لتوفير الحماية الدولية التي اصبحت تتردد في كل موقف او بيان لكن الذي لا يقل اهمية هو ان تكون هناك خطوات الى جانب وبموازاة مطلب الحماية كجزء من استراتجية شاملة وخطة عمل متوافق عليها من الجميع المهم اضافة للحماية هو العمل على تامين محاسبة ومحاكمة الاحتلال كيف لهذا العالم ان يصمت على ما يجري بل يصاب بالعمى بالشلل ولا يتحرك للدفاع على الاقل عن القيم التي ينادي بها!! الا اذا كانت قيم جوفاء مهشمة فاقدة للاحساس الادمي لم يعد التعامل المجدي مع كيان الاحتلال الغاصب على انه طبيعي بعد هذا التاريخ الاسود الذي لا يخلو فيه يوم واحد دون تنفيذ جريمة بحق الانسانية هذه الحكومة ببرنامجها المعلن تشرع الارهاب علنا قولا وفعلا هدم للبيوت فوق رؤوس اصحابها وترحيل قسري قي القدس ومحيطها واستهداف لمقدساتها الاسلامية والمسيحية خنق الحياة بكل تفاصليها من يقوم بكل هذه الاثام عليه ان يدرك انه سيحاسب ولو كان يخشى ذلك لما اقترف هذه الافعال هو يقوم بذلك ويعي انه لا رقيب ولا حسيب على افعاله .

بقاء الارادة الدولية عاجزة يعطي المزيد من التشجيع في ظل الصمت المطبق والمخزي للعالم وهو بمثابة ضوء اخضر كبير لممارسة اعمال اكثر اتساعا وعنفا ودموية وهو ما ترجمه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي تابع بطائرة مروحية ما جرى في جنين ومخيمها حين قال “نحن نواصل عملنا حينما يجب واينما يتوجب القيام به العملية العسكرية قد نعود اليها وقد تكون في مناطق اخرى” وهذا ما حدث في نابلس ايضا بعد جنين في حكومة الاحتلال يتخيلوا بل على قناعة انهم سيفلتوا من العقاب، وحديث نتنياهو يتعدى التدمير والقتل بل ترمي من ورائها لتحقيق هدف سياسي محوره الاساس اجهاض الحلم بقيام دولة فلسطينية، وفرض حل الاحتلال في اطار مخطط الحسم والضم المعلن بينما “شبيبة التلال” يقوموا بمساعدة جيش الاحتلال على تنفيذه بالهجمات على القرى والبلدات الفلسطينية، وسرقة الارض لارغام الناس على المغادرة بالتهجير هو مخطط قديم جديد يجري تنفيذه ليدخل الصراع احدى حلقاته الاكثر والاشد ضراوة ليصل لعنوان مباشر لا مفر منه ما تبقى على هذه الارض اي صراع وجود فعلي بالمعنى اليومي على كل شارع، وجبل، وبيت، وشجرة، وحقل، في هذه البلاد .

هذا يتطلب العمل على العودة لمرحلة التحرر الوطني وان يتم تغيير المعطيات وطرائق التعامل التقليدية فصائل قوى مؤسسات اهلية، وشعبية وبما في ذلك السلطة بمؤسساتها لتلعب باعتبارها احدى الادوات ووضع امكاناتها طالما نحن شعب وسلطة تحت الاحتلال في خدمة المشروع الوطني التحرري للشعب الفلسطيني، الى جانب اتخاذ خطوات باعادة القضية الوطنية للامم المتحدة وهيئاتها المختلفة بمطلب واحد وهو انهاء الاحتلال لارض دولة فلسطين ثم ثالثا العمل على محاكمة وتفعيل القضية القانونية في المحكمة الجنائية الدولية دون تردد مهما كانت تبعات القرار هذه العصابات التي لم تكن في اي يوم “دولة” بالمعنى المتعارف عليه في علوم السياسة على العالم ان يوقف نفاقه تجاهها وان يرفع الغطاء القانوني والسياسي عنها ووضعها على قائمة العار بما يقتضي ذلك من فرض عقوبات ومقاطعة دولية شاملة عليها بوصفها كيان عنصري فاشي يشكل خطرا على الامن والسلام في العالم، وهذا هو التوصيف الادق لها لا كونها كيانا طبيعيا .

وما بين كل ذلك علينا محليا انجاز الوحدة ورغم كل الملاحظات فان اجتماع الامناء العامين المرتقب بعد قرارات القيادة الاخيرة يعطي املا جديدا ويوفر ارضية بامكانية احداث اختراق ولو جزئي بالتوحد في مواجهة الاحتلال وعدوانه، وحق الشعب في الدفاع عن نفسه المدماك الاول في ذلك هو تصعيد المقاومة الشعبية بكل الاشكال المتاحة فاسرائيل ليست دولة بالمعنى الطبيعي للدول بل يعرف الجميع انها قامت على انقاض شعب اخر حاولت محوه من التاريخ لكنه بقي في ارضه هذا هو جوهر الموضوع – اسرائيل قوة احتلال عسكري استيطاني كولونيالي تسعى لاستمرار وفرض سيطرتها على الشعب الفلسطيني وارضه ومقدراته ومن حقه ان يقاوم في كل زمان ومكان بما يراه ويحدده من اشكال ووسائل – اسرائيل تدرك بشكل اكيد وواضح ان الحل لم يكن يوما عبر بوابة الامن التي لا توفر امنا او استقرارا وان الحل سياسي لكنها تبتعد عنه باصرار – الحل لا يمكن ان يتم دون تقرير المصير والاستقلال الوطني لدولة فلسطين كاملة السيادة وتكون القدس عاصمتها- ملاحقة الاطفال في جنين من مواليد ما بعد العام 2002 بعد الاجتياح يجب ان تذكر الاحتلال ان هذا شعب لا ينكسر وان الجيل الجديد الذي تواجهه اليوم هو اكثر تجذرا وعنفوانا من الاجيال التي سبقته وهو يواصل الطريق دون تردد .

Comments are closed.