عقيدة نتنياهو الأمنية: “بالإمكان إنهاء المعركة بدون حسم قاطع”

أوقفت إسرائيل جميع عملياتها العسكرية العدوانية على قطاع غزة من دون حسم واضح، ولم يكن ذلك من قبيل الصدفة، وإنما بموجب “عقيدة أمنية” وضعها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو. وهذه العقيدة عبارة عن وثيقة خطية بعنوان “المفهوم الأمني للعام 2030″، وأنهى نتنياهو كتابتها قبل خمس سنوات، وكشفت عنها صحيفة “هآرتس” لأول مرة اليوم، الخميس.

وجاء في هذه الوثيقة أنه “عندما لا يكلفنا عدم حسم المعركة ثمنا غير باهظ، بالإمكان إنهائها بدون حسم قاطع”، أو أنه “في المواجهات التي فيها الإنجاز السياسي المطلوب لا يلزم بحسم العدو، فإنه في حالة كهذه نلائم ردا محدودا”.

وتؤكد هذه “العقيدة الأمنية” على أن التصريحات التي يطلقها المسؤولون الإسرائيليون، السياسيون والعسكريون، خلال الحروب والعمليات العسكرية العدوانية، حول انتصارات عسكرية هي تصريحات جوفاء.

 

وكتب نتنياهو هذه الوثيقة على مدار سنتين، وتستعرض “تهديدات متوقعة” على إسرائيل بدءا من العام 2020 ولدة عشر سنوات، وتشمل الميزانيات التي يتعين على إسرائيل استثمارها في بناء القوة العسكرية وشكل مواجهتها مع أعدائها في الفترات الاعتيادية وفي الحروب. وفي حينه، تم إطلاع أعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) وكذلك قيادة جهاز الأمن الإسرائيلي على هذه الوثيقة، التي صُنفت “سرية”، لكن أزيل هذا التصنيف لاحقا.

وتوجد في الوثيقة المطبوعة تصحيحات عديدة لجمل وكلمات بخط يد نتنياهو. وجاء فيها أنها وُضعت “من أجل ضمان وجود دولة إسرائيل في السنوات السبعين المقبلة”. وتم شطب كلمات “السنوات السبعين المقبلة”، وكُتب مكانها “في المستقبل المنظور”.

وحسب هذه الوثيقة، فإن على إسرائيل أن “تردع أو تنتصر على أي عدو يهدد باستهدافنا بشكل قاتل أو القضاء علينا”، وأن على إسرائيل تنفيذ ذلك من خلال أربعة عناصر قوة: الأمنية، الاقتصادية، السياسية، “والأهم من جميعها قوة روحانية”.

وتطرق الوثيقة إلى أهمية “طبيعة إسرائيل الديمقراطية ومناعتها القومية”. واعتبرت الصحيفة أن نتنياهو يضع تحديا أمام ذلك بسبب دفع خطة إضعاف جهاز القضاء.

وفي الفقرة التي تزعم “عدالة الصهيونية” وتهدف إلى التشديد على أهمية “قيم الديمقراطية”، تم شطب التعبير الذي يصف إسرائيل بأنها “نظام ديمقراطي متنور” بقلم حبر. وجاء في الوثيقة أن “إسرائيل هي دولة يهودية وديمقراطية تحافظ على الحق القومي للشعب اليهودي بدولة خاصة به وعلى حقوق الفرد لمواطنينا”.

وتابعت الوثيقة بما يتعلق بالقوة العسكرية الإسرائيلية، أن “تفوقنا النسبي على أعدائنا في المناعة القومية للشعب، وفي مقاتلينا الذين تنبض في أوساطهم روح الصهيونية ويحملون مصير المعركة على أكتافهم. وسننتصر بدمج قدرات تكنولوجية وعسكرية، بتفوق جوي واستخباراتي وبالإدراك أن من ليس مستعدا للقتال من أجل وجوده لن يصمد”.

وتطرق نتنياهو إلى التحالفات الدولية لإسرائيل، وكتب في الوثيقة أن “في مقدمتها الحلف الإستراتيجي والأخلاقي مع الولايات المتحدة”، التي ستقدم مساعدات لإسرائيل خلال الحرب. لكن نتنياهو أضاف أن “علينا أن نكون مستعدين دائما للدفاع عن أنفسنا بقوتنا الذاتية”.

وتابع نتنياهو أنه “بين الحروب نعمل من أجل استهداف خطوات أعدائنا في بناء القوة تحت سقف الحرب. ولن نسمح أن يتجاوز تعاظم قوة أعداءنا سقفا لا يمكن تقويضه أو في حال وجود إنذار بشأن مفاجأة إستراتيجية”، وتم شطب الكلمات “سننفذ ضربة استباقية”.

وجاء في الوثيقة أن “على الجيش الإسرائيلي أن يتغلب على القوة العسكرية للعدو بشكل قاطع وسريع، من أجل إخراج الجبهة الداخلية من حيز الاستهداف ومنع العدو من تحقيق إنجازات هامة مثل احتلال بلدات حدودية. والتغلب على العدو يتحقق عندما يتم تُسلب رغبته بمواصلة القتال وعندما تتضرر قدرته على الصمود بشكل كبير. وهكذا سنبعد الحرب القادمة”.

وشدد نتنياهو على بقاء الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، واعتبر في الوثيقة أن “إسرائيل ستبقى القوة المسؤولة عن الأمن في المنطقة كلها الواقعة غرب نهر الأردن وتحافظ على حرية العمل في هذه المنطقة بموجب احتياجاتها الأمنية”.

وصرح نتنياهو، بعد أن استعرض الوثيقة بصيغتها النهائية أمام الكابينيت، في آب/أغسطس عام 2018، أنه “بسبب مساحة أراضينا الصغيرة، تركيز السكان والتهديدات الكثيرة من حولنا، ستكون احتياجات إسرائيل الأمنية دائما أكبر بكثير من أي دولة بحجم مشابه. والاقتصاد الإسرائيلي قوي اليوم بشكل كاف كي يسمح بهذه الإضافة، وفي جميع الأحوال، تعزيزه سيتم من خلال الحفاظ على إطار ميزانية تتحلى بالمسؤولية”.

Comments are closed.