انقلاب عسكري في الغابون والرئيس بونغو يناشد العالم من مكان إقامته الجبرية

أعلن الانقلابيون في الغابون، وضع الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية محاطا بعائلته وأطبائه، وتوقيف أحد أبنائه بتهمة “الخيانة العظمى”.

وكانن مجموعة من كبار ضباط الجيش الغابوني، ظهرت على شاشة التلفزيون في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، وأعلنوا الاستيلاء على السلطة بعد وقت قصير من إعلان لجنة الانتخابات فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة.

وقال الضباط الذين ظهروا على شاشة قناة “غابون 24” التلفزيونية، إنهم يمثلون جميع قوات الأمن والدفاع في الدولة الواقعة في وسط أفريقيا. وأعلنوا إلغاء نتائج الانتخابات وإغلاق جميع الحدود حتى إشعار آخر، إلى جانب حل مؤسسات الدولة.

 

ونشر حساب “Mimi Mefo Info” عبر شبكة “X”، مقطع فيديو يظهر من خلاله رئيس الغابون علي بن بونغو أونديمبا، يؤكد فيه أنه محتجز وقيد الإقامة الجبرية في مقره الرئاسي، مناشدا العالم بالتحرك.

وجاء في مقطع الفيديو المنشور، “أنا رئيس الغابون علي بن بونغو، أوجه رسالة لجميع الأصدقاء في جميع أنحاء العالم بالتحرك حيال احتجازي أنا وعائلتي من قبل هؤلاء الأشخاص . ابني في مكان مجهول، وزوجتي في مكان آخر، وأنا هنا في المقر الرئاسي. الآن أنا هنا ولم يحدث شيء، ولا أعرف ما الذي يحدث..لذا أناشدكم بالتحرك الحقيقي”.

وقد أعلن عسكريون الأربعاء “إنهاء النظام القائم” في الغابون بعيد إعلان النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية السبت التي كرست فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة.

ووضع رئيس الغابون “قيد الإقامة الجبرية” محاطا بعائلته وأطبائه، فيما أوقف أحد أبنائه بتهمة “الخيانة العظمى”، على ما أعلن الأربعاء العسكريون الذين قاموا بانقلاب صباحا.

وفور إعلان فوز بونغو رسميا بحصوله على 64,27 % من الأصوات ليل الثلاثاء الأربعاء، ظهرت مجموعة تضم نحو 12 عسكريا عبر شاشة محطة “غابون 24” من القصر الرئاسي.

من جهتها دانت فرنسا عبر الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران “الانقلاب العسكري الجاري” في الغابون.

وأفيد عن سماع دوي أعيرة نارية في العاصمة ليبرفيل بعد ظهور الضباط على التلفزيون، وإعلانهم الإطاحة ببونغو الذي تحكم عائلته الدولة المنتجة للنفط والمانغنيز منذ أكثر من نصف قرن.

ولم يصدر حتى الآن تعليق من حكومة الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). ولم ترد تقارير بعد عن مكان بونغو الذي كان آخر مرة ظهر فيها علنا عندما أدلى بصوته في الانتخابات يوم السبت.

وإذا نجح هذا الانقلاب فإنه سيكون الثامن في غرب ووسط أفريقيا منذ 2020. وأدت انقلابات في مالي وغينيا وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر، التي شهدت أحدث انقلاب في يوليو/ تموز، إلى تقويض التقدم الديمقراطي في المنطقة في السنوات القليلة الماضية.

وتحكم عائلة بونغو الدولة المنتجة للنفط التي تعاني الفقر أيضا لمدة 56 عاما. ويقول معارضوه ومنتقدوه إنه لم يقم بأي شيء يذكر لتوجيه ثروات البلاد النفطية وغيرها لتحسين معيشة السكان البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة ويعيش ثلثهم تقريبا في فقر.

وقال الضباط في بيان: “اليوم تمر البلاد بأزمة مؤسسية وسياسية واقتصادية واجتماعية حادة” وأضافوا أن انتخابات 26 أغسطس آب افتقرت للشفافية والنزاهة.

وقال الضباط :”باسم الشعب الغابوني… قررنا الدفاع عن السلام من خلال وضع نهاية للنظام الحالي”.

وقدم الضباط أنفسهم بصفتهم أعضاء في لجنة الانتقال واستعادة المؤسسات. وشملت مؤسسات الدولة التي أعلنوا حلها الحكومة ومجلس الشيوخ والجمعية الوطنية والمحكمة الدستورية ولجنة الانتخابات.

مخاوف من اضطرابات

تصاعد التوتر في الغابون وسط مخاوف من حدوث اضطرابات بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والتشريعية التي أجريت يوم السبت، وسعى بونغو من خلالها لتمديد حكمه لولاية ثالثة بالتنافس مع 18 مرشحا فيما ضغطت المعارضة من أجل التغيير. ورفض فريقه اتهامات بالتزوير.

وأثار غياب المراقبين الدوليين وتعليق بث بعض وسائل الإعلام الأجنبية، وقرار السلطات قطع خدمة الإنترنت وفرض حظر ليلي للتجوال في جميع أنحاء البلاد بعد الانتخابات مخاوف بشأن شفافية العملية الانتخابية.

ومع شروق الشمس، بدا أن شوارع العاصمة ليبرفيل هادئة، وتجمعت حشود من السكان بدافع الفضول خارج البيوت. وهلل بعضهم لمجموعة من الجنود مرت في مركبة لكن لم تكن هناك مؤشرات على احتفالات واسعة النطاق أو توجس في المدينة.

في وقت سابق من اليوم الأربعاء، قالت لجنة الانتخابات في الغابون، إن بونغو فاز بفترة ثالثة في الانتخابات الرئاسية بعد حصوله على 64.27 بالمئة من الأصوات، بينما حصل منافسه الرئيسي ألبرت أوندو أوسا على 30.77 بالمئة.

وتولى علي بونغو (64 عاما) الرئاسة خلفا لوالده عمر بونغو في 2009، وتمت إعادة انتخابه في 2016 في تصويت أثار النزاع أيضا.

وقالت الحكومة من قبل إن قطع خدمة الإنترنت وفرض حظر التجول ضروريان لمنع انتشار الأخبار الزائفة وحماية الأمن العام.

وفي 2016، تم إضرام النيران في مبنى البرلمان عندما نشبت احتجاجات عنيفة في الشوارع على إعادة انتخاب بونجو لولاية ثانية في خطوة أثارت الجدل والنزاع وقتها أيضا وقطعت الحكومة حينئذ خدمات الإنترنت لعدة أيام.

وفي تعليقها، قالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن اليوم الأربعاء، إن بلادها تتابع الموقف في الغابون عن كثب، وذلك خلال إلقائها لخطاب أمام اجتماع للسفراء في باريس.

وقالت بورن: “هذا العام، اتسمت أعمال الشبكة الدبلوماسية الفرنسية بالتعامل مع العديد من الأزمات الكبرى: الحرب المتواصلة في أوكرانيا، والوضع في السودان والتنظيم الرائع لإجلاء رعايانا منه، والانقلاب في النيجر، والآن الوضع في الغابون الذي نراقبه بأقصى قدر من الاهتمام”.
ووجهت بورن التحية لسفير فرنسا لدى النيجر سيلفان إيتيه، الذي كان الانقلابيون منحوه مهلة 48 ساعة انتهت مساء الأحد لمغادرة العاصمة نيامي، لكنه تمسك برفضه مدعوماً بموقف بلاده الذي اعتبر أن الانقلابيين “لا أهلية لديهم” لاتخاذ قرار كهذا.
من جانبه، أدان متحدث الحكومة أوليفييه فيران الانقلاب في الغابون، وطالب باحترام نتائج الانتخابات.
وقال في مؤتمر صحافي عقب انعقاد مجلس الوزراء بباريس، إن “فرنسا تراقب الوضع باهتمام كبير، وتتمنى أن يتم احترام نتائج الانتخابات بمجرد إعلانها”.

 

من جانبه، قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إن وزراء دفاع دول التكتل سيناقشون الموقف في الغابون، وإذا تأكد وقوع انقلاب هناك، فذلك سيأتي بالمزيد من الاضطرابات للمنطقة، ووصف ما يحدث في غرب أفريقيا بأنه يمثل مشكلة كبيرة لأوروبا.

وأضاف متحدثا أمام اجتماع لوزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي في توليدو بإسبانيا: “إذا تأكد ذلك، فسيكون انقلابا عسكريا آخر يزيد من الاضطرابات في المنطقة بأكملها”.

 

 

بدوره، قال متحدث الرئاسة الروسية (الكرملين) دميتري بيسكوف، الأربعاء، إن الوضع في الغابون يثير “قلقا عميقا” وأن موسكو تراقب ما يحدث عن كثب.
جاء ذلك في تصريحات للصحافيين، ردًا على سؤال حول ما إذا كان هناك قلق من تزايد الصراعات في إفريقيا إثر الانقلاب العسكري في الغابون.
وقال بيسكوف: “لن أقوم بتعميم أي استنتاجات، لكن الوضع في الغابون يثير قلقا عميقا، ونحن نراقب عن كثب ما يحدث هناك”.
من جانبها، قالت متحدثة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: “نحث مواطنينا على الامتناع عن السفر إلى الغابون حاليا”، وفق وكالة سبوتنيك الرسمية.

وقالت شركة التعدين الفرنسية إراميت، التي تملك وحدة كوميلوغ لإنتاج المانغنيز في الغابون، اليوم الأربعاء إنها علقت كافة عملياتها في البلاد في أعقاب تطورات وقعت خلال الليل في البلاد.

وانخفض سهم الشركة بنحو خمسة بالمئة في أعقاب هذا الإعلان.

وقال متحدث باسم الشركة: “بدءا من هذا الصباح، تم تعليق كل عمليات كوميلوغ وستراغ، فضلا عن وقف عمليات النقل عبر السكك الحديدية”.

Comments are closed.