بقلم: عماد عفيف الخطيب
في 25 أيلول 2015 أعلنت الأمم المتحدة خطة العام 2030 للتنمية المستدامة تحت عنوان “أجندة 2030” بأهدافها السبعة عشر، والتي تبنتها مختلف الكيانات الأعضاء في الأمم المتحدة. تهدف “الأجندة” بشكل رئيسي تحقيق التنمية المستدامة، أي “التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم الخاصة.” وفي قلب هذه الأجندة إزالة الفروق بين المجتمعات البشرية من خلال القضاء على الفقر وتحسين الرفاهية الإجتماعية-الإقتصادية، وصولاً لتحقيق “منعة مجتمعية” لسكان الأرض كافة.
ولتحقيق أجندة 2030، يتحتم على المخطط وصانع القرار إدماج الأهداف الإنمائية في خطط التنمية، وبناء مؤشرات أداء لقياس تحقق الأهداف. وعلى هذا الأساس أقر مجلس الوزراء الفلسطيني بداية العام 2016 تشكيل الفريق الوطني لتنفيذ الأجندة الأممية 2030، بما يشمل الأولويات التي تخص الحالة الفلسطينية بمكوناتها، وبما يشمل مدينة القدس.
وفي حزيران من العام 2018 صدر عن مجلس الوزراء تقرير “المراجعة الطوعية الوطنية الفلسطينية لتنفيذ أجندة 2030” الذي أكد في ديباجته أن “القدس الشرقية،” عاصمة الدولة الفلسطينية، في صلب تحديات التنمية الوطنية.
وبما يخص القدس، أفرد التقرير خطط لتحقيق هدفين تنمويين: الأول “الهدف الرابع – التعليم الجيد” من خلال “دعم وحماية التعليم في القدس الشرقية،” و الثاني “الهدف العاشر – الحد من عدم المساواة” من خلال “وضع وتنفيذ إسترتيجية تحسين الخدمات الحكومية بالتركيز على شرق القدس.” وإستكمالاً للخطط الحكومية بهذا المجال، فقد صدرت وثيقة “السياسات العامة” الخاصة ب “خطة التنمية الوطنية 2021 – 2023،” تعتمد التنمية العنقودية، حيث القدس الشرقية عنقودا رئيسياً فيها، مؤكدةً أن “القدس الشرقية” عاصمة لدولة فلسطين.
وعلى الصعيد الوطني، تبنت التنمية القطاعية تعزيز “المنعة المجتمعية” بتنمية قطاعات الإنتاج، والحد من البطالة، وتطوير منصة التعليم المهني، وريادة الأعمال، وتشجيع تأسيس الشركات الناشئة، والإستثمار في قطاعي المياه والطاقة، والنهوض بالإقتصاد الرقمي.
واليوم ونحن في النصف الثاني من العام 2022، فإن أغلب مؤشرات الأداء التنموية لا زالت تراوح مكانها سواء ما يتعلق بنسب البطالة، أو الفقر، أو التنمية البشرية، أو الميزان التجاري، أو ما يتعلق بمؤشر نسبة الإنفاق الحكومي للناتج المحلي الإجمالي، والذي كان ولا يزال يشير إلى أن الحكومة هي أكبر “مُشغل” وأكبر “مُستهلك” بنفس الوقت، مما يستوجب الأخذ بعين الإعتبار إعادة النظر بمنحى تطور مؤشرات التنمية خلال العقد الأخير وترتيب أولويات وإجراءات الإصلاح.
أما يتعلق بالقدس العاصمة، ولتعزيز “المنعة المجتمعية” فيها، فإنه يتوجب التركيز، عند ترتيب الأولويات، على زيادة دعم التخطيط البديل والإسكان الميسور، وتعزيز قطاعات التعليم والتجارة والريادة، وتطوير الأداء المؤسساتي لقطاعات خدماتية متعثرة. وهذا بدوره يتطلب موارد مالية وطنية أولأً. وهنا أود أن أقترح الإستفادة من إمكانيات قطاع المصارف، فقد أظهرت مؤشرات أداءه نمواً في “صافي الإيرادات” خلال العقد الماضي، بحسب تقارير سلطة النقد الفلسطينية، لتصل نهاية العام 2020 الى حوالي 700 مليون دولار. أما حجم “الودائع المالية” فقد أظهرت نمواً خلال نفس الفترة لتصل لأكثر من 16 مليار دولار نهاية العام 2020، بمتوسط نمو سنوي بلغ 11% للضفة الغربية و 3% لقطاع غزة.
أما الرأي الذي يقترح أن: “لا يمكن التنمية بوجود إحتلال قسري،” فقد يكون صحيحاً من منظور ما يشكله الإحتلال كعائق أمام التخطيط التنموي، ولكن في المقابل فإن غياب التنمية سيؤثر سلباً على تحقيق “المنعة المجتمعية،” وضمان السلم الأهلي وتعزيز الصمود.
أما القدس العاصمة، فيجب أن تبقى في بؤرة التنمية، فمن ينجح فيها ينجح في غيرها.
Comments are closed.