بقلم: د. سليمان عيسى جرادات
لعبت بعض وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة ووسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الحزبية، دورا كبيرا في تأجيج الخطاب المسموم الداعي إلى التفرقة واستبداله بخطاب يعزز حالة التوافق بين القوى السياسية باعتبارها غاية نبيلة، مع تكثيف حملاتها وبرامجها الإعلامية لتسليط الضوء على القضايا المجتمعية وطرق معالجتها بالحكمة ووفق قيم مجتمعنا الأصيلة بالتعاون مع الجهات ذات الاختصاص ورجال وعلماء دين وشخصيات وطنية مشهود لها بتاريخها وبمواقفها ووطنيتها.
ان الدور الحكيم لإدارة كافة الأزمات الداخلية ومعالجة القضايا الوطنية ومواجهة الأخطار والتحديات والمؤامرات التي تحاك ضد استقرار وأمن المجتمع الفلسطيني هي مهمة استثنائية في ظروف استثنائية سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية تحتاج الى مواصلة الجهود المضنية من كافة مكونات المجتمع لخطاب ديني ووطني كأحد الركائز الاساسية النابعة من المكانة والثقافة الفلسطينية في ممارسة الحياة اليومية ولضبط حركة المجتمع في حفظ النفس والسلم الأهلي وتحقيق العدالة المجتمعية .
أن دعوة المجتمع بكافة مكوناته الرسمية والمجتمعية والمراجع الدينية والنخب السياسية والمثقفين والأكاديميين والإعلاميين والمؤسسات والمراكز البحثية للعمل على وضع خطوط عريضة وأسس بالتمسك بثقافة وقيم مجتمعية أصيلة تنتج منها آليات واقعية يمكن تطبيقها على ارض الواقع لدعم فرض هيبة الدولة ومؤسساتها ومساندة وتقوية السلطتين التنفيذية والقضائية في المرحلة الراهنة للحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني وقضيته .
لا شك بان الاحتلال الإسرائيلي يتحمل المسؤولية الكاملة الذي يعمل جاهدا على زرع بذور الفتنة والتحريض على الاقتتال الداخلي والفرقة وحياكة المؤامرات ودعمها وحماية الخارجين عن القانون لضرب ومحاربة الثقافة الوطنية المتجذرة ووحدة الموقف الفلسطيني بالالتفاف الشعبي حول الموقف الرسمي الفلسطيني وحماية جبهته الداخلية خاصة في المناطق التي تخضع لسيطرتها الأمنية.
ومن هنا كان دور المؤسسات الدينية بالدولة مثمنا على جهودهم الدائمة والمستمرة لتعزيز وتفعيل دور رجال وعلماء الدين ومتابعة أدائهم خاصة في المساجد التي ليست تحت سيطرتها لمواجهة خطاب الكراهية والتحريض على العنف وشق الصف الفلسطيني، لهذا فإن وزارة الاوقاف والشؤون الدينية تعاظم اداء دورها الديني والوطني لاتباعها برنامج وحدوي للأئمة والخطباء بالالتزام بأنظمة الدولة المنسجمة مع التعاليم الدينية لتوحيد الخطاب الديني المعتدل والوسطي والايجابي الداعي إلى التسامح والألفة والوحدة الوطنية ومصالح الوطن العليا والحفاظ على الدم الفلسطيني وسيادة الدولة وهيبتها .
ولهذا فان الدعوة لإعادة الاعتبار للثقافة الوطنية وتعزيزها في إطار جبهة متكاملة هي مهمة وطنية واجتماعية بامتياز تعزز من خلال التعاون بين كافة مكونات المجتمع الفلسطيني دينيا وفصائيليا وشعبيا ومؤسساتيا والتوجيه السياسي لدعم مسار المصالحة الفلسطينية ومساندتها باعتبارها قضية امن قومي فلسطيني تحقق الأمن والاستقرار لوحدة القضية والوطن والقرار والمصير .
ان توحيد الجهد القيادي والرسمي الحكومي والفصائل والأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المحلي في هذه المرحلة الدقيقة على الجبهة الداخلية ووحدتها للحفاظ على النسيج والسلم الأهلي الاجتماعي ومواجهة الآفات الدخيلة التي تزداد داخل المجتمع عبر المؤسسات التعليمية والأكاديمية، دورا مهما في وضع مناهج ومتطلبات دراسية علمية لتعزيز الانتماء والولاء للوطن ومعالجة القضايا التي يمكن ان تؤثر على وحدة المجتمع ولإعادة الثقة بين المواطن وزيادة التفاعل والتواصل ودعم البرامج لتقبل الأخر لتحقيق الاستقرار النفسي والروحي والاجتماعي والسلام الداخلي داخل المجتمع بالتنسيق مع جهات ذات اختصاص “التنفيذية والأمنية” بفرض هيبة الدولة وسيادة القانون والنظام في معالجة ظاهرة الفلتان الأمني في بعض المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة امنياً ومعالجة إمتلاك السلاح الفردي والعائلي الذي اصبح أحد أخطر مهدد لأمن واستقرار المجتمع من الخارجين عن القانون والشجارات العشائرية والسيارات غير القانونية والجرائم الاجتماعية وضبط الخطاب المسموم .
لا شك بأن المجتمع الفلسطيني ذو تركيبة عشائرية اسوة ببقية المجتمعات العربية ولكن لا بد من الدعوة لإعادة ضبط حركة رجال العشائر والإصلاح وتوحيد عملها لما تملكه من دور ايجابي في نزع فتيل النزاعات والخلافات وهذا يتطلب ضرورة إفراز نخبة مؤهلة واعية منتمية قادرة على العطاء والانجاز والوعي الفكري والثقافي والانتماء الروحي والنفسي للوطن والانتماء له بما ينسجم مع المرجعيات والقوانين النافذة في الدولة حتى صياغة قانون عشائري يضبط الحالة الارتجالية المتعثرة في عملهم .
واخيرا نحتاج الى خطاب اعلامي موحد من أجل تفويت الفرصة على أصحاب الأجندات وللمواقف الحزبية المقيتة من الاصطياد في الماء العكر والتأكيد على العلاقة التكاملية لتعزيز القيم المجتمعية وسيادة القانون.
Comments are closed.