نقابيون ومسؤولون ومختصون يطالبون بتطبيق الحد الأدنى للأجور بقطاع غزة

طالب نقابيون وعمال ومسؤولون ومختصون مجلس الوزراء في قطاع غزة بإقرار الحد الأدنى للأجور في قطاع غزة، بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي ، وتشكيل لجنة مختصة من كافة الجهات لدراسة الأمر.

كما أوصى المختصون، بالعمل على انصاف العمال والوقوف بجانبهم ووقف حالة استغلال أرباب العمل لهم خاصة فيما يتعلق بساعات العمل والأجور المتدنية، وضرورة تفعيل لجنة تحديد الأجور التي تم تشكيلها سابقا ومخاطبة مجلس الوزارة لتفعليها، ومطالبة الجهات ذات العلاقة بعقد حوار مجتمعي وعدد من اللقاءات لتحديد الأجور، وكذلك مطالبة المجتمع الدولي بكسر الحصار عن غزة وتوفير أبسط مقومات الحياة في القطاع، وتنظيم مشاريع ذات بعد استراتيجي وتنموي.

جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة “بعنوان الحد الأدنى للأجور بقطاع غزة”، في صالة حبيبة على شاطئ بحر غزة.

وتضمنت الجلسة الأولى كلمة للاتحاد العام لنقابات العمال، وتجمع النقابات المهنية ، ووزارة العمل، بينما ضمت الجلسة الثانية، الخبير الاقتصادي محسن أبو رمضان، وممثل اتحاد المقاولين د. سمير موسى، وممثل المجلس التشريعي مثقال عجور، والخبير الاقتصادي المستشار سمير الدقران.

حقوق بسيطة

ورحب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة سامي العمصي، بالحضور والمشاركين، مشددًا، أن تطبيق الحد الأدنى للأجور هو من أبسط حقوق العمال، متسائلا، حول استمرار عدم تطبيق الأمر، في ظل ارتفاع نسبة البطالة في صفوف العمال لنحو 55%، وتعطل ربع مليون عامل، فضلا أن 80% من العمال يعيشون تحت خط الفقر.

وطالب العمصي بإقرار حد أدنى للأجور يمكن تطبيقه في غزة، بحيث يخرج عن دراسة واقعية من جميع جهات الاختصاص، لافتا إلى أن وزارة العمل والمؤسسات الحكومية داعمة في هذا التوجه، لكن “غياب الإرادة الحكومية يمنع تطبيقه”.

وشدد نقيب العمال، أن تطبيق الحد الأدنى للأجور يوفر حياة كريمة من مأكل ومشرب وتعليم ومستلزمات الحياة، مشيرا، إلى أن نقابات العمال اجتمعت مع رئيس لجنة متابعة العمل الحكومي عصام الدعليس، ووعد بدراسة الأمر، وكذلك اجتمعت مع المجلس التشريعي ووزارة العمل، لكن دون أي خطوات على أرض الواقع.

وأكد “أنه جاء الوقت الذي لا بد أن يفرض فيه الحد الأدنى للأجور، رغم وجود معيقات عديدة”، لأن للقرار فوائد كثيرة على مصلحة العامل والمجتمع ويحقق نوعًا من الاستقرار المجتمعي.

وأشار العمصي لوجود استغلال للعمال إذ وصلت بعض الأجور إلى 2 شيقلفي الساعة، متسائلا، إلى “متى سيبقى الحصار شماعة لدى الكثير من المصانع والشركات لانتهاك أجور العمال؟”.

أكثر الفئات تضررا

رئيس تجمع النقابات المهنية د. سهيل الهندي، قال من جانبه، إن شريحة العمال هي أكثر الفئات تضررا جراء استمرار الحصار الإسرائيلي على القطاع منذ أكثر من ستة عشر عامًا، ولا بد أن يعيش العمال حياة كريمة كباقي أفراد المجتمع.

وأضاف الهندي، أن هناك استغلالا واقعًا على العمال، وقمة الظلم أن يحصل عامل على 2 شيقل عن ساعة العمل وصاحب المطعم يجني دخلاً كبيرًا، مشددًا، أن المطلوب من الجميع العمل على انصاف العمال والوقوف إلى جانبهم.

وأكد الهندي دعم تجمع النقابات المهنية لمطلب نقابات العمال في تطبيق الحد الأدنى للأجور وتسخير كل إمكانياتها في ذلك، رغم أنه من الصعب تطبيق ما يتم العمل به بالضفة والذي يحدد الحد الأدنى للأجور بمبلغ 1880 شيقلا، كون الأوضاع الاقتصادية هناك أكثر انفتاحًا من غزة.

وشدد على ضرورة عقد ورشة عمل يشارك فيها ممثلو العمال والجهات المختصة ويتم تنفيذ ما يتم الخروج به من توصيات بحيث تصبح أمرًا واقعًا، بما يمكن انصاف العامل، مؤكدًا، أن غزة تدفع ضريبة كبيرة نتيجة مقاومتها للاحتلال، ولو أعطيت حقوقها في حقل “غزة مارين” فإن البطالة والجوع والألم ستختفي من غزة.

حراك نقابي

من ناحيته، أشار مدير وحدة العمل في وزارة العمل بغزة شادي حلس إلى أن 65% من العاملين بالسوق المحلي يعملون بلا عقود، مؤكدًا، أن تطبيق الحد الأدنى للأجور يحتاج إلى حراك نقابي عمالي يدفع باتجاه تطبيق القرار.

وقارن حلس الفارق بين معدل الفقر بين غزة والضفة، مؤكدًا أن غزة أحق بتطبيق الأجور فيها، إلا أنه “وللأسف قطعت الضفة خطوات متقدمة في تطبيق الحد الأدنى للأجور، ولا زالت الأمور في غزة تراوح مكانها”.

وتساءل: “كيف لعامل يتلقى 20 شيقلا كأجرة يومية أن يلبي متطلبات حياته؟، وكذلك الحال بالنسبة لعاملة رياض أطفال تعيل أسرتها وتتقاضى 200 شيقلفي الشهر”، مؤكدًا، أن من أهم واجبات الحكومة إقرار الحد الأدنى للأجور.

ولفت إلى أن لجنة الأجور مشكلة منذ عام 2004، بقرار من مجلس الوزراء وتضم خمس وزارات وخمس نقابات عمالية وخمس منظمات لها علاقة بالأمر، وأن الموضوع ينتظر تفعيل عملها ورفع توصياتها، مؤكدًا، أن المجلس صاحب الصلاحيات في إقرار الحد الأدنى للأجور وليس وزارة العمل.

من جهته، أفاد ممثل اتحاد المقاولين سمير موسى، بأن 22% من العمال يعملون في قطاع الإنشاءات أي أنه يشغل النسبة الأكبر من العمال، إضافة إلى أنه يشغل قطاعات فرعية عديدة وأن عشرات المهن تستفيد منه.

ولفت موسى إلى أنه صدر قبل عدة سنوات قانون الضمان الاجتماعي لكنه توقف لوجود اعتراضات عليه، وتأجل إصداره، مؤكدًا، تأييد اتحاده إصداره بعد إجراء التعديلات عليه.

وشدد على ضرورة وضع حد للبطالة قبل تطبيق الحد الأدنى للأجور، بإرسال عمالة إلى دول عربية كأحد الحلول.

وأوضح، أن جميع المشاريع التي ينفذها الاتحاد تتم بتمويل من جهات مانحة، أو من مؤسسات حكومية، بالتالي تكون فيها الرواتب مناسبة وجيدة، لأنه يسبقها إجراءات قانونية مختلفة كتأمين العمال وتحديد الرواتب.

اقتصاد السوق

بينما قال الخبير الاقتصادي محسن أبو رمضان، إن ما يطبق في غزة هو اقتصاد السوق، بالتالي يكون هناك أجورا مرتفعًا وأخرى منخفضةً، وهذا يعتمد على النمو الاقتصادي واستدامته.

وأوضح أبو رمضان، أن نسبة البطالة بلغت 48% في القطاع، ونسبة الفقر العام وصلت إلى أكثر من 60%، وانعدام الأمن الغذائي بلغ نحو 69%، وارتفعت نسبة البطالة في صفوف الشباب إلى 63% وهي أعلى نسبة في العالم، وفي ظل هذا المناخ فإنه من الطبيعي أن تكون الأجور متدنية، خاصة في قطاع الزراعة.

وقال، إن هناك استغلال للبطالة والحاجة، بالتالي جاءت الورشة لتصوب المسار، ولا يوجد مبرر بأن تكون نسبة البطالة المرتفعة سببا لوجود غبن واضطهاد في أجور العمال.

وأضاف، أنه حتى يحدث التوازن، يجب البدء بحوار مجتمعي مع أرباب العمل، والقطاع الخاص والحكومة، ووزارة العمل والنقابات العمالية هدفه دراسة الأوضاع الاقتصادية والخروج بمخرجات تعتمد كحد أدنى للأجور، لافتا إلى أن الحد الأدنى بالضفة والبالغ 1440 شيقلا لم يطبق قبل أن يتم رفعه إلى 1880 شيقلا، وأن نسبة لا تقل عن 30% من العاملين بالقطاع الحكومي لا يتقاضون ذلك الرقم.

 

من جهة ثانية، أشار المستشار سمير الدقران، إلى وجود أموال تغطي نحو 250 ألف أسرة لم يحولها الاحتلال الإسرائيلي منذ اتفاق أوسلو، لعدم وجود مؤسسة الضمان في مناطق السلطة، مشيرًا، إلى أنه قبل سنوات جرى تداول موضوع الضمان الاجتماعي بالضفة ولم تكن غزة شريكة في ذلك وفشل الأمر، وبقيت الأموال عند الاحتلال والفقر عند الفلسطينيين، رغم أن القانون لو جرى تعديله يضمن حياة كريمة للعامل.

ولفت الدقران إلى أن الحكومة الفلسطينية أخفقت بالمطالبة بحصتها في الغاز، ورغم أنها عضو فاعل في محكمة الجنيات الدولية لكنها لم تقم برفع دعوى قضائية تطالب بتلك الحقوق التي قد تقضي على البطالة كليًا.

وطالب وزارة العمل باتخاذ إجراءات فاعلة لمراقبة أجور العمال، وأن تعمل الحكومة على إصدار قرار الحد الأدنى بالأجور، فلا يجوز أن يكون الحد الأدنى للأجور أقل من الحد الأدنى للفقر، وأن تعطي الحكومة الموظف ما يتناسب مع الحد الأدنى للأجور.

من جهة ثانية، قال المستشار القانوني للمجلس التشريعي مثقال عجور، إن موضوع الورشة يدور حول نقطتين أساسيتين، الأولى تتعلق بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وجميع المشاركين يتفقون على تطبيقه، والنقطة الثانية، إن كان الوقت مناسبًا لتنفيذها، وللإجابة على ذلك يحتاج إلى عقد ورشات عمل كثيرة، وهذا الأمر ليس هينا.

وقال عجور، إن لتحديد الحد الأدنى للأجور بعد اقتصادي وقانوني، وعند التحدث بواقعية عندما يكون هناك تشريعات فإن هناك صعوبة لإيجاد نقطة التقاء بين العمال وأصحاب العمل، مشيرا إلى أن المجلس عندما عرض تعديل قانون التقادم بحيث تصبح ثلاث سنوات بدلاً من سنة، فإن المجلس عقد جلسات كثيرة، وقدم ارباب العمل اعتراضات كثيرة.

وأضاف، أن الأصل أن يقدم وزير العمل توصية لمجلس الوزارة بإصدار قرار في ذلك، لأن دور “التشريعي” رقابي في ذلك وليس له دور اختصاصي بالأمر، مؤكدًا، تأييد التشريعي تطبيق الحد للأجور، وأنه يمكن ابتعاث عمال للعمل بدول الخليج كقطر والكويت، على غرار المعلمين.

Comments are closed.