لردع روسيا.. أمريكا تنشر القنبلة B61-12 النووية في أوروبا

قالت مصادر أميركية مطلعة، الأربعاء، إن الولايات المتحدة سارعت إلى نشر نسخة أكثر دقة من قنبلتها النووية الأساسية في قواعد حلف شمال الأطلسي “الناتو” في أوروبا، وذلك وسط توترات متصاعدة بشأن تهديدات روسيا باستخدام سلاح نووي في أوكرانيا، ودعوات لردع موسكو.

ونقلت مجلة “بوليتيكو” الأميركية عن برقية تحوي ملخصاً وُزعت على مسؤولين أميركيين، أنه بعد اجتماع مغلق لحلفاء “الناتو” في بروكسل عُقد في وقت سابق هذا الشهر، أعلن مسؤولون أميركيون تقديم موعد وصول قنبلة الجاذبية “B61-12” المطورة جواً، ليصبح في ديسمبر المقبل، بدلاً من الربيع المقبل.

وجاء تقديم موعد وصول القنبلة بمثابة مفاجأة لبعض المراقبين القدامى، الذين يخشون أن يؤدي ذلك إلى زيادة تأجيج الوضع الخطير أساساً في أوروبا، كما جاء الإعلان في بروكسل، قبل أيام من بدء “الناتو” تدريباته النووية السنوية المعروفة باسم “Steadfast Noon” التي تستمر أسبوعين، وتنتهي الأحد، إذ تتضمن استخدام حوالي 70 طائرة.

وتأتي هذه الخطوة، التي تتضمن استبدال الأسلحة القديمة بنسخة أحدث في منشآت تخزين مختلفة في أوروبا، لاستخدامها المحتمل من قبل الولايات المتحدة والقاذفات والطائرات المقاتلة المتحالفة، وسط توترات متصاعدة بشأن تهديدات روسيا باستخدام سلاح نووي في أوكرانيا.

وكانت روسيا، أجرت الأربعاء، تدريبات نووية وصفها وزير الدفاع سيرجي شويجو بأنها محاكاة “لضربة نووية ضخمة”، رداً على هجوم نووي ضد روسيا.

مضمون البرقية

وتشير البرقية، التي لم يتم الإعلان عنها سابقاً، وتمت كتابتها وتوزيعها لإعطاء صانعي السياسة ملخصاً لما تمت مناقشته بين وزراء الدفاع في اجتماع “الناتو”، بوضوح إلى أن الحلفاء “متوترين”.

وأضافت الوثيقة أنه “خلال الاجتماعات، أثار 15 من حلفاء الناتو مخاوفاً من أن الحلف يجب ألا يستسلم لابتزاز الرئيس فلاديمير بوتين النووي”.

وجاء بها: “نظراً لارتفاع حجم ونطاق الخطاب النووي الروسي، طلبت مجموعة فرعية من الحلفاء إجراء مشاورات مستمرة في حلف الناتو لضمان الاستعداد المستمر والرسائل المتسقة”.

طمأنة الحلفاء

في السياق، قال هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأميركيين، الذي كان يتابع البرنامج عن كثب: “سيكون من الغريب التعجيل بها (القنبلة)، لقد كانوا يقولون إننا لا نرد على هذا الوضع بالأسلحة النووية. لا أعتقد أنهم يريدون الوصول إلى هذا الحد”.

وأضاف: “قد تكون الرسالة وراء إرسال القنابل في ديسمبر موجهة أكثر إلى الحلفاء الأوروبيين، الذين يشعرون بأنهم معرضون للخطر بشكل خاص من قبل موسكو”.

من جانبه، قال توم كولينا، مدير السياسة في صندوق “Plowshares”، وهي مجموعة تُعنى بنزع السلاح: “أعتقد أن الهدف هو حلف الناتو أكثر من روسيا، لأنه يوجد هناك بالفعل أقدم من تلك القنبلة (B61) والروس يعرفون ذلك. إنهم يعلمون بشكل جيد أن الأجهزة الجديدة أحدث، لكنها لن تُحدث فرقاً كبيراً، لكنها قد تكون وسيلة لطمأنة الحلفاء عندما يشعرون بالتهديد من روسيا”.

ما هي قنابل B61؟

B61 هي عائلة من القنابل النووية تم تطويرها لأول مرة في أوائل الستينيات وتم عرضها في البداية في التجارب النووية تحت الأرض في ولاية نيفادا الأميركية، وتم تطوير عشرات الإصدارات على مدار عقود، فيما خرج معظمها من الخدمة منذ ذلك الحين.

وبرنامج B61-12 الذي تبلغ كلفته 10 مليارات دولار، وتديره وزارة الطاقة، يهدف إلى استبدال العديد من الإصدارات السابقة من القنبلة، بما في ذلك حوالي 100 مخزنة في القواعد الجوية في ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا وتركيا.

وتم تصميم الإصدار الجديد، بحيث تتمكن الطائرات القاذفة والطائرات المقاتلة الأميركية والحلفاء، بما في ذلك القاذفات B-2 و B-21 والطائرات المقاتلة F-15 و F-16 و F-35 و”تورنيدو”، من حمل السلاح، على عكس العديد من الإصدارات القديمة من “B61” التي تم تخزينها لسنوات.

ويعتبر الرأس الحربي نفسه، واحداً من أكثر الرؤوس تنوعاً في ترسانة الولايات المتحدة، نظراً لإمكانية زيادة قوته التفجيرية أو خفضها اعتماداً على الهدف، ما يجعله إما سلاحاً منخفض القوة أو متوسط القوة.

سياسة “الغموض”

وكان وزير الدفاع لويد أوستن أبلغ حلفاء “الناتو” في بروكسل هذا الشهر، أن مراجعة الوضع النووي من قبل الإدارة الأميركية، والتي يمكن أن تصدر في الأيام المقبلة، ستحافظ على سياسة واشنطن المعلنة النووية القائمة على مدى عقود من “الغموض المحسوب”.

وخلال اجتماعات بروكسل، أبلغ أوستن الحلفاء أيضاً أن المراجعة ستدعم التحديث الكامل للثالوث النووي الأميركي، مع سحب قنبلة الجاذبية “B83” وإنهاء برنامج صواريخ كروز النووية التي تُطلق من البحر الذي بدأته إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، لكن المشرعين يعارضون وقف برنامج صواريخ كروز، ومن المرجح أن يواصلوا تمويله في تشريع السياسة الدفاعية القادم.

تأكيدات أوستن للحلفاء الأوروبيين بأن السياسة الإعلانية النووية للولايات المتحدة ستبقى “دون تغيير”، يأتي في وقت تبحث فيه العواصم في القارة الأوروبية عن “يد ثابتة” في واشنطن، لمواجهة روسيا والصين المسلحتين نووياً.

Comments are closed.