بقلم: مصطفى إبراهيم
يحتفي الفلسطينيون بمشاهد رفض الشباب العربي المتابع لبطولة كأس العالم في قطر، إجراء اللقاءات والتعامل مع وسائل الإعلام الإسرائيلية، وباءت جميع المحاولات لإجراء المقابلات مع المشجعين العرب بالفشل. ويشعر الفلسطينيون بالنشوة والفرح المشترك مع العرب من حالة الرفض، وإيمان الشعوب العربية ومناعتها ضد التطبيع وعدالة القضية الفلسطينية، ورفض التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ووجود ممثلي الاحتلال ووسائل إعلامه في الدول العربية.
ظهر ذلك في ما نقله مراسل القناة 12 الإسرائيلية أوهاد حمو الموفد لقطر لتغطية المونديال، وشعوره بخيبة الأمل وصوته المهزوم، وهو يرد على مقدمة الاخبار يونيت ليفي: “رغم أننا وقعنا على أربع اتفاقيات تطبيع مع دول عربية، إلا أن غالبية الشعوب العربية لا تحب وجودنا هنا، وأن جزء كبير من السعوديين تعاملوا معي بسلوك غير جيد”.
وقاحة وسائل الإعلام الإسرائيلية وممثليها، والتعامل بفوقية بأهمية اتفاقيات التطبيع التي وقعها الاحتلال مع عدد من الدول العربية بالنسبة له، والاعتقاد أنها ستجعل المشجعين العرب يستقبلونهم بحفاوة.
لكن ما حدث هو عكس تمنياهم وما نقلته القناة التلفزيونية 12 العبرية عن الصحفي دور هوفمان، مبعوث هيئة البث الرسمية الإسرائيلية (كان) الموفد تغطية كأس العالم، في قطر، وما قاله في بث مباشر وما تعرض له هو وفريقه، وأن سائق حافلة قام بنقل الفريق وتركهم في منتصف الطريق بعد اكتشاف أنهم إسرائيليون. وإنه لم يكن مستعداً لأخذ المال منا لأننا نقتل إخوته، وبعد ذلك قام صاحب مطعم بطردهم وأحضر حراس الأمن لطردهم، وطلب منه حذف الصور الذي التقطها، وأضاف “أنا إسرائيلي في دولة معادية”.
لقد تجلت الوحدة العاطفية الوجدانية العربية في فوز المنتخب السعودي على الأرجنتين، وتجاوز الأنظمة العربية والانقسامات والاختلافات، وحال الشرذمة التي عززتها الأنظمة الاستبدادية الفاسدة، وتبعيتها للغرب ودولة الاحتلال من أجل مصالحها والبقاء في الحكم. وما رافق الفوز من فرح عارم، والتخلي عن الحسابات السياسية الضيقة، والحماسة التي ايقظت في نفوس العرب قدرتهم على الفعل والعمل المشترك. كما أظهر الشعور بالفرح فكرة أنه لا مستحيل، وأن العرب يمتلكون الشجاعة والارادة والجرأة، إذا ما توفرت لهم البيئة والظروف والإمكانات والفرصة، وإيمان الأنظمة بقدرات الشعوب العربية.
مونديال قطر، ووحدة الوجدان والمصير المشترك، ورفض دولة الاحتلال، وسلوكها الاجرامي والعنصري، ورفض التطبيع العربي معها، وهذا ما تؤكده الدراسات ووسائل الإعلام الإسرائيلية، ومشاعر الشعوب العربية السلبية والمعادية لدولة الاحتلال.
في السياق نفسه ذكرت صحيفة يسرائيل هيوم، الإثنين الماضي، أن مصر تمنع مواطنيها بحكم الأمر الواقع من زيارة إسرائيل، بالرغم من وجود توقيع معاهدة سلام. كما تضع مصر صعوبات جمة في طريق المصريين الراغبين في زيارتها، وبطريقة تجعل الأمر مستحيلاً.
ويتم ذلك بطريقة تتجاوز بكثير إصدار تأشير عادية، وأنه يجب على المواطن المصري الذي يرغب في زيارتها أن يقدم سببًا للزيارة وحتى في هذه الحالة ليس من الضروري الموافقة، حتى لو حصل على إذن بالسفر، فإنه يتم وضعه تحت مراقبة جهاز الأمن وهذا قد يستمر لسنوات عديدة.
وأن رجال الأعمال والسياح المصريين لا يأتون إلى “إسرائيل” على الاطلاق، كل ذلك يؤثر على نطاق النشاط الاقتصادي بين إسرائيل ومصر، وحجم التبادل التجاري صغير نسبيًا ويصل فقط سنويًا إلى حوالي 100 مليون دولار رغم وجود اتفاقية سلام منذ 40 عاماً. في المقابل وصل التبادل التجاري مع الإمارات 1.5 مليار دولار ويتوقع أن يتضاعف 3 مرات رغم أن اتفاق السلام لم يمر عليه أكثر من عام ونصف فقط.
وفي العام 2020، أجرت وزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية، دراسة وجدت من خلالها أن مشاعر سلبية في 90٪ من الخطاب على الشبكات الاجتماعية العربية حول اتفاقيات التطبيع الموقعة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين، ولم تلق قبولاً جيداً،
تجربة بطولة كأس العالم في دولة عربية، تجاوزت التضامن الإنساني، وأظهرت البعد العروبي، ورفض التطبيع وما يسمى اتفاقيات السلام، وإن لم يتم التعبير عن ذلك صراحة، انما تجلى في رفض الوجود الإسرائيلي في قطر.
حجم التضامن والوحدة العربية، حتى لو كانت حالة عاطفية ووجدانية، فهي تأكيد على وحدة الشعوب العربية، وقدرة العرب على لم الشمل، برغم انقسام الأنظمة العربية التي تصادر الحريات، والقمع وعدم قدرة المواطنين العرب على المشاركة في الحياة السياسية ومصادرة حقوهم الأساسية، واتخاذ القرارات، والعيش الكريم.
Comments are closed.