يسافر الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، إلى الولايات المتحدة الأميركية، في زيارة تستغرق أربعة أيام، وهي الثانية له إلى واشنطن منذ توليه منصبه، وتأتي مع تصاعد الأزمة في العلاقات بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وحكومة بنيامين نتنياهو الحالية، وسط محاولة لتأكيد الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين، والتعامل مع الملفات الثنائية وحلحلة القضايا الخلافية العالقة.
وتتزامن زيارة الرئيس الإسرائيلي مع الذكرى الخامسة والسبعين للإعلان عن قيام دولة إسرائيل، والمحطة الأبرز فيها، بالنسبة لهرتسوغ، هي الخطاب الذي من المقرر أن يلقيه أمام جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس الأميركي، إلى جانب استضافته في البيت الأبيض واجتماعه الثنائي مع الرئيس الأميركي، وعدد من المسؤولين في إدارة بايدن.
وتأتي الزيارة على وقع الخلافات بين تل أبيب وواشنطن حول عدد من الملفات، طفت مؤخرا على السطح، وتجاوزت الأبواب المغلقة لتتحول إلى مواجهة علنية بين إدارة بايدن الحالية وحكومة نتنياهو، التي وصفها الرئيس الأميركي بأنها “الأكثر تطرفا على الإطلاق”، وذلك على وقع مضي الائتلاف الحكومي في إسرائيل قدما بخطته لـ”إصلاح” جهاز القضاء، وإجراءاته أحادية الجانب في الضفة المحتلة، والتباين في الموقف من الاتفاق النووي مع إيران.
وذكر بيان صدر عن ديوان الرئاسة الإسرائيلي، أن زيارة هرتسوغ تأتي بدعوة من رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي ورئيس مجلس النواب الحالي كيفن مكارثي؛ وذلك في محاولة ربما للرد على الادعاءات حول تأزم العلاقات بين تل أبيب وواشنطن في ظل تلكؤ البيت الأبيض في توجيه دعوة لنتنياهو لزيارة واشنطن، وتأكيد البيت الأبيض أن ذلك لن يتم “في المدى القريب”.
وشدد البيان على أن هرتسوغ سيجتمع مع بايدن وكبار المسؤولين في إدارته، ومناقشة “سلسلة من القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية”، كما يتوقع أن يعقد الرئيس الإسرائيلي خلال زيارته لواشنطن اجتماعا مع نائبة رئيس الولايات المتحدة، كامالا هاريس.
وأفاد البيان الصادر عن ديوان هرتسوغ بأن الاجتماع مع هاريس “سيتناول تعزيز المبادرات المشتركة في مجال التعامل مع أزمة المناخ”؛ وأوضح أن أبرز المسؤولين الذين سيجتمعون مع هرتسوغ هما وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان.
ووفقا للبيان الصادر عن ديوان الرئيس الإسرائيلي، يصطحب هرتسوغ في زيارته إلى واشنطن والبيت الأبيض، والدة الجندي الإسرائيلي هدار غولدين، الذي تحتجز حركة “حماس” في قطاع غزة جثته منذ العدوان الإسرائيلي على القطاع في العام 2014.
وستنضم غولدين إلى لقاءات هرتسوغ في مجلسي النواب الشيوخ الأميركيين، ومع الأمين العام للأمم المتحدة، وأوضح هرتسوغ أن الأخير يعتزم “إثارة موضوع الأسرى والمفقودين في جميع اجتماعاته”.
ويرافق هرتسوغ خلال زيارته، بحسب البيان، كل من السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، مايكل هرتسوغ، والسفير الأميركي لدى إسرائيل، توماس ر. نايدز، والسفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، غلعاد إردان. وفي بيانه، وشدد هرتسوغ على أهمية العلاقات بين تل أبيب والولايات المتحدة التي وصفها بأنها “أقرب وأهم صديق وشريك لإسرائيل”.
وأضاف هرتسوغ أن “العلاقة بين إسرائل والولايات المتحدة، علاقة فريدة من نوعها في قوتها، مما جعلها وبحق، تحالفًا لا يمكن التغلب عليه. أشكر قيادة الكونغرس الأميركي، بقيادة رئيس مجلس النواب، كيفن مكارثي، وسلفه نانسي بيلوسي، على الميزة التاريخية (التي منحوه إياها) بمخاطبة جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس تنعقد بمناسبة الذكرى 75 لتأسيس دولة اسرائيل”.
وقال هرتسوغ إنه سيؤكد “على ضرورة الكفاح الضروري ضد الكراهية والإرهاب اللذين تنشرهما إيران في ظل سعيها لامتلاك أسلحة نووية، وضرورة توسيع دائرة السلام الإقليمي. سأتعامل مع المستضيفين (الجانب الأميركي) كشركاء مقربين في جميع القضايا المطروحة، بما في ذلك التحديات والفرص التي يواجهها المجتمع الإسرائيلي”. وأشار إلى أنه سيشارك “في فعالية رئيسية مهمة للجالية اليهودية في أميركا الشمالية، أكبر الجاليات اليهودية في الشتات”.
وفي الآونة الأخيرة، يتداول الإعلام الغربي والإسرائيلي مسألة توتر العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، إلى الحد الذي دفع الأخيرة لإعادة تقييم هذه العلاقات، وذلك بعد أن “ابتعدت قيم ومصالح الطرفين عن بعضها البعض”، وذلك على خلفية ثلاث قضايا مركزية، أبرزها خطة حكومة نتنياهو لإضعاف جهاز القضاء التي دعت إدارة بايدن إلى العدول عنها في ظل الانقسام الحاد حولها في الشارع الإسرائيلي، وتدعو إلى التوصل إلى مخطط توافقي لإصلاح جهاز القضاء.
وبدأ الحديث عن تصدع العلاقات الأميركية – الإسرائيلية مع ترؤس نتنياهو الحكومة الإسرائيلية الحالية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ثم بات هذا الحديث يشتد مع تأليف نتنياهو حكومة تضم أحزابًا قومية يهودية متطرفة في كانون الأول/ديسمبر، وهي الحكومة التي عُدت من بين الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل.
وسرعان ما شرعت هذه الحكومة في إجراءات أحادية الجانب للدفع بالمشروع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، في إجراءات تزامنت مع تصعيد اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه ضد الفلسطينيين على الأرض، ما أدى إلى تصعيد ميداني في معظم المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وتزامن ذلك مع تبلور محادثات وتفاهمات دبلوماسية بين واشنطن وطهران، في الآونة الأخيرة، بشأن إحياء النووي الإيراني، الأمر الذي تُعارضه حكومة نتنياهو بشدة، لتشدد تل أبيب على أنها ستفعل على “كل ما يلزم للحفاظ على أمنها ومنع إيران من الحصول على سلاح نووي”، وترفض بشدة سياسة “لا مفاجآت” التي تسعى واشنطن من خلالها ضمان تنسيق شامل ومسبق مع تل أبيب قبل تنفيذ أي عملية أو أجراء في سياق المواجهة مع طهران.
Comments are closed.