القوات الروسية تسيطر على القسم الأكبر من مدينة سيفيرودونتسك الاستراتيجية
سيطرت القوات الروسية على القسم الأكبر من مدينة سيفيرودونتسك الثلاثاء فيما تواصل تقدمها في شرق أوكرانيا التي سجلت فوزها في معركة دبلوماسية مع اتفاق أوروبي على فرض حظر جزئي على النفط الروسي.
وقال حاكم منطقة لوغانسك سيرغي غايداي في مقطع فيديو “للأسف، تسيطر القوات الروسية اليوم على معظم المدينة” مشيرا إلى أن “90 في المئة” منها دُمرت.
وكان غايداي أعلن في وقت سابق أنه بعد أسابيع من القصف الروسي، أصبح “جزء” من سيفيرودونتسك الآن “تحت سيطرة الروس” مؤكدا أن القتال مستمر.
وأكد أولكسندر ستريوك رئيس بلدية سيفيرودونتسك، للتلفزيون الأوكراني أن “خط المواجهة يقسم المدينة إلى قسمين” موضحا “لكن المدينة ما زالت أوكرانية وجنودنا يدافعون عنها”.
وقال غايداي كذلك أن القوات الروسية قصفت خزانا يحتوي على حمض النيتريك في مصنع للمواد الكيميائية في المدينة، داعيا السكان إلى البقاء في الملاجئ.
تسعى القوات الروسية إلى السيطرة على حوض دونباس الذي سيطرت القوات الانفصالية الموالية لروسيا والمدعومة من موسكو على جزء منه عام 2014.
وأصبحت سيفيرودونتسك ومدينة ليسيتشانسك المجاورة لها الواقعتان على مسافة أكثر من 80 كيلومترا من كراماتورسك، المركز الإداري لدونباس منذ أن سيطر الانفصاليون على الجزء الشرقي من الحوض الغني بالمعادن.
وفي هذه المنطقة قُتل الصحافي الفرنسي فريدريك لوكلير إيمهوف الذي كانت يرافق مركبة إنسانية تقوم بإجلاء مدنيين.
وقدر المجلس النروجي للاجئين أن نحو 12 ألف مدني ما زالوا عالقين جراء المعارك والقصف في سيفيرودونيتسك التي كان يبلغ عدد سكانها مئة ألف قبل الحرب. والمجلس هو منظمة غير حكومية كان يتخذ العدد الأكبر من موظفيه في أوكرانيا من سيفيرودونيتسك مقرا.
وكانت المنظمة توزّع أغذية ولوازم أساسية على سكان المدينة والمنطقة المحيطة حتى الأسبوع الماضي.
وقال الأمين العام للمجلس يان إيغلاند في بيان إن “تكثّف المعارك يجعل حاليًا عمليات التوزيع مستحيلة”، داعيًا أطراف النزاع إلى السماح بوصول المنظمات الإنسانية وبإجلاء المدنيين.
من جانب آخر، أشار بافلو كيريلنكو حاكم منطقة دونيتسك على تلغرام إلى مقتل أربعة مدنيين وإصابة سبعة آخرين بنيران القوات الروسية في منطقته.
إلا أن وقفا موقتا لإطلاق النار يبدو غير مرجّح، في غياب أي محادثات سلام.
ويبدو أن إحدى الأولويات التالية للغربيين هي تحرير موانئ أوكرانيا الواقعة على البحر الأسود، إذ يشل الحصار الروسي عليها تصدير ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية، وهو أمر يهدد بأزمة غذاء عالمية.
لكن رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال مارك ميلي حذّر الثلاثاء لدى وصوله إلى لندن، المحطة الأولى في جولة أوروبية، من أن رفع الحصار عن أوديسا بالوسائل العسكرية سيكون “عملية خطرة جدا”.
وأعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الثلاثاء أن نظيره الروسي سيرغي لافروف سيتوجه إلى تركيا في الثامن من حزيران/يونيو لمناقشة إنشاء “ممرات آمنة” لتصدير الحبوب الأوكرانية.
وأبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره التركي رجب طيب إردوغان في مكالمة هاتفية الاثنين، أن موسكو مستعدة للعمل مع أنقرة لتأمين حرية شحن السلع في البحر الأسود بما في ذلك “صادرات الحبوب الآتية من الموانئ الأوكرانية” بحسب بيان للكرملين.
ويسعى الاتحاد الأوروبي أيضا إلى إيجاد حل لمشكلة الحبوب الأوكرانية. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء إنه حض مع المستشار الألماني أولاف شولتس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إنهاء حصار مرفأ أوديسا الأوكراني بموجب قرار يصدر عن الأمم المتحدة.
وأعلن ماكرون عقب قمة أوروبية في بروكسل “اقترحت، في النقاش الذي أجريناه مع أولاف شولتس السبت الماضي، على الرئيس بوتين ان نتخذ المبادرة لقرار في مجلس الأمن لإعطاء إطار واضح جدا لهذه العملية”.
في المقابل، دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الثلاثاء الرئيس إيمانويل ماكرون إلى زيارة بلاده قبل انتهاء الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي في 30 حزيران/يونيو، وذلك خلال مقابلة مع قناة “إل سي إيه” الإخبارية الفرنسية.
وقال “سيكون من الجيد أن يأتي ماكرون خلال رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي، والأفضل سيكون أن يأتي بمزيد من شحنات الأسلحة لأوكرانيا. هذه أثمن مساعدة يمكن أن نحصل عليها من فرنسا”.
بعد أسابيع من العرقلة من جانب المجر، توصل قادة دول الاتّحاد الأوروبي ليل الإثنين الثلاثاء إلى اتفاق على حظر تدريجي على النفط الروسي سيشمل في البداية ما يُصدر عبر السفن، أي ثلثي المشتريات الأوروبية من الخام الروسي، وليس النفط المنقول عبر خطوط الأنابيب، ما سمح برفع الفيتو المجري.
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في تغريدة إن ذلك “سيحرم آلة الحرب (الروسية) من مصدر تمويل ضخم”.
وأكد ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن الاتّحاد سيبحث “في أقرب وقت ممكن” توسيع نطاق هذا الحظر ليشمل النفط المصدر عبر خطوط الأنابيب إلى دول أعضاء في التكتّل، وفي المجمل سيتخلّى الاتحاد الأوروبي بنهاية العام عن 90 % من النفط الروسي.
دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القادة الأوروبيين في مداخلة عبر الفيديو في مستهلّ القمة إلى استنزاف موارد روسيا المالية والنفط جزء أساسي منها.
وتشمل الحزمة السادسة من العقوبات الأوروبية إقصاء ثلاثة مصارف روسية من نظام سويفت للتحويلات المالية، من بينها “سبيربنك”، أكبر مصرف في روسيا، في تدبير قد يدخل حيّز التنفيذ اعتبارا من هذا الأسبوع.
إلا أن “سبيربنك” أكد الثلاثاء أن هذا التدبير سيكون له تأثير محدود. وقال المصرف الذي سبق أن استُهدف بعقوبات أميركية وبريطانية، في بيان “نعمل بشكل طبيعي – القيود الرئيسية سارية أصلًا … الإقصاء من نظام سويفت لا يغيّر شيئًا في الوضع بالنسبة إلى المدفوعات الدولية”.
ويطالب الأوكرانيون أيضا بفرض حظر على الغاز الروسي لكنه أكثر صعوبة.
ونبه المستشار النمسوي كارل نيهامر إلى أنه “من الأسهل التعويض عن النفط … المسألة مع الغاز مختلفة، لذا فإن حظر الغاز لن يكون واردا في الحزمة التالية من العقوبات أيضا”.
من ناحيته قال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو إن على التكتل “أن يعلق المسألة في الوقت الحاضر” قبل أن يمضي في التفكير في جولة عقوبات جديدة.
وبينما يماطل الاتحاد الأوروبي في حظر الغاز بدأت شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم التابعة للحكومة قطع الإمدادات عن دول أوروبية رفضت تسديد فواتيرها بالروبل.
على الصعيد القضائي، قضت محكمة أوكرانية الثلاثاء بالسجن 11 عامًا ونصف عام على جنديين روسيين متّهمين بقصف بلدتين أوكرانيتَين في منطقة خاركيف في اليوم الأول من الغزو.
وسبق أن حكمت محكمة في كييف على الجندي الروسي فاديم شيشيمارين بالسجن مدى الحياة لقتله مدنيًا أعزل، وكان أول جندي روسي يحاكم بارتكاب جريمة حرب.
وأعلن مكتب المدعية العامة الأوكرانية على تلغرام أنها وجدت ألكسندر بوبيكين وألكسندر إيفانوف مذنبين بتهمة “انتهاك قوانين الحرب وأعرافها”.
وقالت المدعية العامة الأوكرانية إيرينا فينيديكتوفا الإثنين، فتح أول قضية تتعلق بعملية اغتصاب ارتكبها جنود روس.
وأضافت أن أوكرانيا رصدت 15 ألف ملف لجرائم حرب في أنحاء البلاد منذ الغزو الروسي.
Comments are closed.