صحيفة عبرية: لماذا يتفاخر الجيش الإسرائيلي بقصفه موقعاً لحماس قرب مدرسة؟

هآرتس – بقلم: نوعا لنداو              “أحياناً يبدو أن التقارير في وسائل الإعلام العبرية عما يحدث بين إسرائيل وغزة هي استعارة هايكو يابانية، أو صور سريالية تستخدم كرمز سري لتشغيل كائنات فضائية. مثلاً، معظم العناوين التي تحدثت أمس عن التصعيد في القطاع تناولت البالونات والأسماك. الإسرائيليون مستهلكو الأخبار سمعوا بنصف أذن كيف هاجمت إسرائيل غزة رداً على إطلاق البالونات الحارقة التي أدت إلى حرائق، وكيف قلصت مجال الصيد من 12 ميلاً إلى 6.

إذا نجت الكرة الأرضية من الاحتباس الحراري فبعد بضع مئات من السنين، سيفرك المؤرخون الذين سيقرأون هذه المقالات عيونهم عند مشاهدة الانشغال اللانهائي لدولة إقليمية عظمى بتقييد صيد أسماك السردين رداً على حرب البالونات. قصة البالونات والأسماك ليست القصة الحقيقية، فالصراع الذي أشعل الأحداث من وراء الكواليس هو على شروط إعادة إعمار القطاع من جولة القتال الأخيرة، وبصورة محددة أكثر- آلية التمويل ونقل الوقود.

منذ وقف إطلاق النار، لا سيما تحت ضغط الجمهور، لعدم السماح بالعودة إلى الوضع السابق بدون صفقة الأسرى والمفقودين، فقد شددت إسرائيل القيود على إدخال البضائع إلى غزة. إلى جانب التأثيرات على روتين حياة سكان غزة، التي تشكل عقاباً جماعياً ممنوعاً، يتم أيضاً تعويق إدخال مواد حيوية لإعادة إعمار البنى التحتية من الدمار. وفي موازاة ذلك، يشرف المجتمع الدولي على مفاوضات معقدة بين قطر وإسرائيل وحماس حول آلية جديدة لتحويل المساعدات.

تم وقف نقل الوقود إلى محطة الطاقة في غزة في أيار للضغط على حماس. ثم أعلنت الأمم المتحدة استئنافه بتمويل قطري في 27 حزيران. مؤخراً، تعقّد نقل الوقود مرة أخرى بسبب مشكلة الضرائب. وللمعنيين بتفاصيل بيروقراطية سيطرة إسرائيل في غزة: بعد أحداث أيار أعفت إسرائيل قطر من الضرائب. لم تحصل الإرسالية على الإعفاء، وتأخرت. وها هو العجيب، بعد المواجهات، يبدو أنه تم حل المشكلة، وحسب مصادر إسرائيلية، سيبدأ نقل 24 صهريج وقود عبر معبر كرم أبو سالم.

تفضل حكومة بينيت عدم النقاش العلني في مسألة إعادة إعمار القطاع. هم يتحمسون للإثبات بأن “المعادلة تغيرت” أمام حماس ليتجاوزوا نتنياهو من اليمين. لذلك، تبنوا الشعار الشعبوي “حكم البالون كحكم الصاروخ”. وحسب بيان المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي أمس، هاجمت طائرات قتالية معسكراً لحماس “يقع قرب مواقع مدنية وفيها مدرسة”. وقد أرفقت بالبيان صورة جوية تم التأكيد فيها على أن 205 أمتار تفصل بين المعسكر الحربي والمدرسة.

هذا بيان، وبالأحرى اعتراف، غريب جداً. هل يتفاخر الجيش الإسرائيلي بالقصف قرب مدرسة؟ أم هي محاولة لاتهام حماس بـ “الاختباء” في أوساط السكان؟ بالمناسبة، ليعرف المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي أن ثمة “مدارس (بيخوريم وعيروني أ) خلف الشارع المحيط بقاعدة الكرياه في تل أبيب”.

جوهر التوتر بين إسرائيل وغزة، الآن وبشكل عام، ليس البالونات أو الأسماك أو الغابة. وما هذا إلا طرف جبل الجليد الذي يظهر للعين أحياناً. هناك عدد قليل من الإسرائيليين يعرفون عن التعقيد الموجود في سياسة الإغلاقات للمساومة العسكرية والسياسية. بالنسبة لهم، استيقظ ذات صباح عدد من الفلسطينيين وقرروا الإطلاق بهدف الاستمتاع ببالونات حارقة على حقول الأشواك في تجمع “أشكول”. لن نعثر على حل لغزة إذا واصلنا تجاهل السياق.

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.