قال الدكتور ناصر القدوة، رئيس الملتقى الوطني الديمقراطي، إن نقطة بداية تطبيق المبادرة التي طرحها الملتقى أو غيرها يمكن أن تكون بموافقة أو التزام أحد الجانبين الأساسيين عليها، إما السلطة أو حماس، أو طرف ثالث، وربما يكون مجموعة مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية والجهاد، مضيفًا أننا حاولنا، لكن، للأسف الشديد، لم ننجح.
وبيّن أنه إذا كنا نريد أن نتعامل مع الوضع الفلسطيني بشكل حقيقي، سواء استنادًا إلى المبادرة، أو إلى طريقة أخرى، فالمطلوب أن تكون الأطراف الأساسية جزءًا من هذا التفاهم، موضحًا أن ذلك ممكن من خلال تشكيل حالة ضاغطة جماهيرية شعبية، ومن خلال الشخصيات الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والحراكات، على الرغم من أنها تجربة مؤلمة ولا تبشر بالخير.
وقال إن المبادرة تطرح تصورًا للخروج من المأزق الذي يعاني من الفلسطينيون من خلال إنهاء الانقسام أولًا، وعلاج هذه المشكلة عبر تصور يوضح كيفية إنهاء الخلاف فيما يتعلق بالملفات الأساسية المتعلقة بالانقسام، ومن ثم إعادة بناء منظمة التحرير بدءًا بمجلس وطني جديد، وعقد الانتخابات العامة، التشريعية والرئاسية، وتشكيل حكومة جديدة بعيدًا عن شروط الرباعية، وتشكيل لجنة وطنية قانونية لمراجعة بعض القوانين وتعديلها، لا سيما القوانين الملحة، مثل قانون الانتخابات، موضحًا أن إنجاز هذه المهمات بحاجة إلى آلية عبر تشكيل جسم قيادي مؤقت معروف ومحدد، ويكون له تاريخ بداية وتاريخ نهاية.
وتطرق القدوة إلى موقف الأطراف من المبادرة، موضحًا أن السلطة والقيادة الحالية لحركة فتح تستبعد التعامل مع هذه المقاربة، لأنهم ليسوا معنيين بأي تغيير، وهم سبب رئيسي لما نحن فيه. أما “حماس” فبعد تأجيل الانتخابات، أصبحت أكثر جدية للتعامل مع هذه الأفكار، لكن بعد معركة سيف القدس أصبح لديها الاعتقاد بأنه آن الأوان لاستلام كل شيء. أما الأطراف الأخرى فهي غير فاعلة.
وأشاد القدوة بالعمل البطولي الذي قام به الأسرى الستة، موضحًا أنه أثر على الحالة الفلسطينية، ويجب أن يقدر، وسيكون له ما بعده.
وبخصوص ذكرى أوسلو، أشار إلى أن ما لدينا الآن لا علاقة له بأوسلو، لأن أوسلو كان فكرة ترتيبات حكم انتقالي تتخللها مفاوضات للحل النهائي، موضحًا أن ما لدينا شيء جديد يمكن أن نسميه “روابط مدن”.
جاء ذلك خلال ورشة نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) ضمن برنامج “بدائل وخيارات”، الذي سيستضيف مجموعة من الشخصيات التي لديها وجهات نظر ورؤى للخروج من المأزق الحالي، وذلك بمشاركة أكثر من 100 من السياسيين والأكاديميين والباحثين والنشطاء والشباب، من مختلف التجمعات الفلسطينية، عبر تقنية “زووم”.
وقال هاني المصري، المدير العام لمركز مسارات، الذي أدار الحوار، إن هذه الورشة الأولى التي تأتي ضمن برنامج جديد أطلقه “مسارات” بعنوان “بدائل وخيارات”، الذي يستهدف استضافة عدد من الشخصيات، سواء من ممثلي القوى أو ممثلي الحراكات، أو شخصيات مستقلة، من الذين لهم له وجهة نظر، وذلك من أجل تقديم طرح حول الطرق والسياسات والإستراتيجيات التي يمكن أن نواجه بها التحديات والمخاطر التي تهدد القضية الفلسطينية، وكيفية توظيف الفرص المتاحة.
وأضاف: دأب مركز مسارات على إعادة طرح سؤال ما العمل، لأن هذا السؤال لم يلق الإجابة المناسبة، بدليل الأوضاع المأزومة فلسطينيًا، إذ ندور حول أنفسنا، ولم تحل أي قضية، على الرغم من مظاهر الصمود والبطولة والمقاومة، التي كان آخرها نفق الحرية الذي فتح لنا أفقًا جديًدا.
وأوضح القدوة أن المبادرة تقوم على تحديد أهم المشكلات التي تواجه الشعب الفلسطيني، موضحًا أن الانقسام هو أسّ البلاء، ومن ثم اهتراء وتفكك منظمة التحرير ، وغياب الديمقراطية وسوء الحوكمة، وغياب سيادة القانون، مشيرًا إلى أن هناك أزمة عميقة جدًا في الحالة الفلسطينية، والمطلوب تغيير واسع وعميق، وليس إصلاح و”طبطبة”، ولكن ليس بشكل انقلابي، ومن دون فرضيات غير منطقية مثل أن السلطة انتهت، أو أن حركة حماس لم يعد لها وزن، فهذه الأطراف ما زالت فاعلة، ويجب أن تكون جزءًا من أي تصور للمضي قدمًا إلى الأمام.
وحول سؤاله: هل تختلف هذه المبادرة عن المبادرات الأخرى، وما يميزها عن غيرها، وكيف سترى النور؟
قال القدوة المهم أن يكون هناك تلاقي وطني عام حول مجموعة من الأفكار التي نسهم في إيجادها والعمل معًا لتطبيقها، مشيرًا إلى أن الاتفاقات السابقة بين حركتي فتح وحماس لم تكن جدية، فمثلًا التقى الطرفان مرات عدة حول ملف الموظفين ولم يتم التوصل إلى نتيجة، مؤكدًا أنه من المستحيل التوصل إلى حل لهذا الملف بمعزل عن الملفات الأخرى.
وأضاف أن ما تضمنته المبادرة من نقاط هي ما يتحدث عنه الشعب الفلسطيني، موضحًا أننا لم نخترع العجلة، لكن المهم وضع العناصر كلها بشكل مشترك، على قاعدة فهم المشاكل القائمة، ووضع آليات مناسبة، والدفع نحو الأمام، مشددًا أنه من دون ضغط شعبي على “حماس” والسلطة لا يمكن التقدم إلى الأمام، وما طرحناه لم يكن يحتوي على ادعاء بأن الموضوع قد انتهى.
وحول سؤاله: إلى أي برنامج سياسي ستستند هذه المبادرة في حال لقيت فرصة للتطبيق؟
قال القدوة البرنامج السياسي مهم، لكن هذه المبادرة ركزت على الحالة الداخلية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الملتقى قدم برنامجًا جديًا يجيب عن كافة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الشعب الفلسطيني.
وأضاف: أنا لا أرى برنامجًا للتسوية، ولا برنامجًا للمقاومة، فهل هناك تسوية، نحن نتحدث أنه لم تعد هناك اتفاقات أوسلو، ولم يعد هناك حكم ذاتي، فالموجود “روابط مدن”. أما برنامج المقاومة فهو دفاع عن الذات، ومحاولة تغيير علاقة القوة بين “حماس” وإسرائيل فيما يتعلق بقطاع غزة.
وحول سؤاله: هل الانتخابات هي الحل كما يقول البعض؟
قال القدوة الانتخابات مهمة، والانتخابات في رؤيتنا هي جزء أساسي، فلن نستطيع مغادرة هذا المربع من دون انتخابات حقيقية، لكن أن تصبح الانتخابات مجرد شعار وهي الحل فكيف سيحدث هذا؟! متسائلًا كيف ستجري انتخابات في ظل الانقسام؟، موضحًا أن الانتخابات وحدها ليست الحل، إذ لا بد من التمسك بها ضمن رزمة شاملة لإحداث التغيير البنيوي العميق.
وحول سؤاله إذا كانت المبادرة مؤامرة إقليمية من أجل تغيير القيادة الحالية؟
أجاب القدوة: الملتقى يعاني من أزمة مالية، فكيف يكون الحديث عن مؤامرة إقليمية، موضحًا أن الإقليم غير مهتم بالحالة الفلسطينية، وأن القرار السياسي الإسرائيلي الأميركي هو استمرار الحالة القائمة، ودعم السلطة ماليًا وسياسيًا، والتوصل إلى تفاهمات مع حماس لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه.
وحول سؤاله عن استحالة تحقيق الوحدة بسبب الفصل الجغرافي، أجاب القدوة أن منظمة التحرير وحّدت وقادت الشعب الفلسطيني من دون وحدة جغرافية. وقال ردًا على سؤال وجه له حول أن الملتقى الوطني الديمقراطي الذي يرأسه بحاجة إلى تفعيل إنه يقبل هذا النقد.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.