عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان مؤتمره السنوي للعام 2021 تحت عنوان “التجربة الفلسطينية في نزاهة الحكم ومكافحة الفساد السياسي”، عاكساً التحديــات الراهنة على صعيد نزاهــة الحكــم في ظل اســتمرار تــآكل احتــرام مبــدأ الفصــل بين السـلطات فـي ممارسـة الحكـم للنظـام السياسـي الفلسـطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، والـذي تعـزز فـي العقـد الأخيـر بفعـل الانقسـام الداخلـي، ما أضعف من ثقة المواطنين في السلطة الحاكمة، وأعاق جهود مكافحة الفساد، وزاد من هيمنـة السـلطة التنفيذيـة على أعمال السـلطتين التشـريعية والقضائية بدون رقابة ومساءلة حقيقية فـي الضفـة والقطـاع.
لا بد من حوار وطني جامع من أجل الخروج من أزمة الحكم الحالية
ودعا ائتلاف أمان المسؤولين السياسيين جميعهم، بدءاً من أعلى هرم السلطة الوطنية الفلسطينية للمبادرة إلى عقد لقاء وحوار وطني جامع يهدف إلى التوافق على حلول ومخارج لأزمة الحكم الحالية عبر اعتماد خطة عمل وطنية تمنع تدحرج الوضع الحالي للعنف أو تهديد السلم الأهلي أو تعطيل حياة البلد أو الانتقال إلى نظام استبدادي، وتستعيد الوحدة ورص الصفوف لمواجهة التناقض الرئيسي مع الاحتلال الإسرائيلي، وتهيئة الظروف والعمل على إعادة بناء الثقة بين المواطنين ونظامهم السياسي، وتضمن ممارسة الحريات العامة المنصوص عليها في القانون الأساسي، واتباع إجراءات وتدابير وسياسات للقيام بعملية إصلاح سياسي جوهري شامل يعكس إرادة حقيقية في التغيير، بحيث يبنى على احترام سيادة القانون، إعادة الاعتبار للسلطة التشريعية بتحديد موعد جديد للانتخابات العامة “التشريعية والرئاسية” في آجال قريبة (لا تتجاوز مدة ستة أشهر)، ومراجعة القرارات بقوانين الصادرة نهاية العام 2020 لناحية ضمان استقلالية وحيادية الجهاز القضائي، وإعمال مبادئ الشفافية في ممارسة الحكم، وإعادة النظر في دور المؤسسة الأمنية وعقيدتها، وإحداث تغييرات في المناصب العليا في النظام السياسي بما يكفل النزاهة والشفافية في الوصول إليها وفقا للكفاءة ومبدأ تكافؤ الفرص، وإعادة النظر في بنية مؤسسات الإعلام العمومي وخطابه بما يعبر عن تطلعات وهموم مختلف الشرائح الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني وآرائه السياسية، وبما يعزز الوحدة الوطنية باعتباره اعلاماً يعبر عن المواطنين كافة، وتعزيز المساءلة والمحاسبة لجميع المسؤولين عن الأعمال التي كانت وراء الأزمات الأخيرة، والكف عن تجاهل تقارير وتوصيات لجان تقصي الحقائق، إضافة إلى دعوة مؤسسات المجتمع المدني، بأشكالها المتنوعة واهتماماتها المختلفة، للانخراط في مكافحة الفساد السياسي من خلال انشاء تحالفٍ واسعٍ للمساهمة في إحداث التغيير اتجاه نزاهة الحكم.
النظام الفلسطيني: غير ديمقراطي ويعاني من التفرّد في الحكم
استهل المؤتمر بكلمة لرئيس مجلس إدارة ائتلاف أمان، السيد عبد القادر الحسيني، والذي وضّح بدوره دوافع اختيار ثيمة المؤتمر، لما يشهده النظام الفلسطيني من تفرد في الحكم واختطاف مؤسسات الدولة لصالح أفراد متنفذين فيها، وتضييق مساحات عمل مؤسسات المجتمع المدني، وحالة التراجع في الحقوق والحريات، ومصادرة حرية الرأي والتعبير، وصلت ذروتها بمقتل الناشط السياسي نزار بنات، وانتهاكات لحرية التنظيم والتجمع في مخالفة جسيمة لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني وانقلاب على نصوص وثيقة إعلان الاستقلال، وخرق القانون والتشريعات الفلسطينية، وتنكر للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، إضافة إلى اعتداء السلطة التنفيذية على القضاء من خلال تعديل قانون السلطة القضائية إلى هدم المبادئ الدستورية الحامية لمبدأ الفصل بين السلطات واحترام سيادة القانون، التي جرى التأكيد عليها في وثيقة الاستقلال والقانون الأساسي الفلسطيني، ما قود عمل السلطات الثلاثة وتحديدا بعد تعطيل وحل المجلس التشريعي وجعله تحت سيطرة ووصاية السلطة التنفيذية، ما يؤسس لنظام شمولي أمني غير ديمقراطي، يركز السلطات كافة بيد السلطة التنفيذية دون رقابة أو محاسبة أو مساءلة، خلافاً لقيم النزاهة والشفافية والحكم النزيه.
نزاهة الحكم في مواجهة الفساد السياسي
استعرض مستشار مجلس إدارة أمان لشؤون مكافحة الفساد، الدكتور عزمي الشعيبي دلالات ومؤشرات الفساد السياسي من جهة وتلك المرتبطة بنزاهة الحكم على المستوى المحلي والاقليمي والدولي، وواقع التجربة الفلسطينة في مقابل هذه المؤشرات، حيث أن الواقع يغلب الفساد السياسي في إدارة الحكم بسبب ممارسة واستغلال مسؤولين عن إدارة شؤون الدولة السلطة الممنوحة لهم، بإصدار تشريعات أو تبني سياسات أو إصدار قرارات لمصالح خاصة وليس للمصلحة العامة للمواطنين.
كما تطرق إلى الاشكاليات المتعلقة بتجريم الفساد السياسي والذي يصعب تجريمه في حالات عدم وجود نصوص قانونية تتعلق بهذه الجريمة وهو الحال في معظم دول المنطقة، وبالتالي تعتبر عملية التحصين واتخاذ تدابير وقائية تعزز من نزاهة الحكم أفضل وسائل مكافحة الفساد السياسي، ويشمل ذلك مرتكزات الحكم النزيه الذي يقوم على نزاهة الوصول إلى السلطة من خلال التعيينات والانتخاب، نزاهة ممارسة السلطة بعد الوصول الى الحكم، بالاضافة إلى التشاركية والشفافية وتجنب تضارب المصالح في اتخاذ وصنع القرارات لتصب في المصلحة العامة.
ضعف مقياس نظام النزاهة الوطني 2020
واستعرض الباحث الرئيسي في ائتلاف أمان، السيد جهاد حرب، مقياس النزاهة في فلسطين، والذي يعد توصيفاً دورياً لواقع نظام النزاهة في فلسطين في مكوناته التي تشمل القطاع الحكومي أو العام والأهلي والخاص. وقد حصل التقرير السنوي التاسع “لمقياس نظام النزاهة الوطني” على 486 علامة من أصل 1000 علامة، وهذه العلامة تدل على أنّ نظام النزاهة ما زال ضعيفاً لاستمرار العديد من الفجوات التي تحدّ من توفير المناعة لنظام النزاهة الوطني، وتحد من قدرة أدوات مكافحة الفساد، ما زاد من مدى ضعف ثقة المواطنين بالسلطة وتراجعا ب 70 نقطة عما كانت عليه نتائج 2018.
وقد أشارت نتائج المقياس إلى ضعف مرتكزات نزاهة الحكم في المجالات الثلاثة؛ الوصول إلى السلطة، وممارسة الحكم، والرقابة الرسمية. فعلى صعيد الوصول إلى السلطة؛ حصلت المؤشّرات المتعلقة بوسائل وآليات الوصول إلى السلطة كالانتخابات والتعيينات على علامات متدنية ومتدنية جداً. أمّا على صعيد اتخاذ القرارات؛ فقد أظهرت المؤشّرات المتعلقة بشفافية اتخاذ القرارات وتضارب المصالح ضعفاً شديداً. شكّلت المؤشّرات المتعلقة بفعّالية المساءلة الرسمية تحدياً كبيرا لنزاهة الحكم بسبب شلل المجلس التشريعي وعدم إجراء الانتخابات.
هيمنة السلطة التنفيذية على صلاحيات المجلس التشريعي هو احتكار للسلطة
فيما استعرض المستشار القانوني لائتلاف أمان، المحامي بلال البرغوثي، حالة هيمنة السلطة التنفيذية على دور المجلس التشريعي وأثر ذلك على نزاهة الحكم، حيث أدى غياب المجلس التشريعي وضعف مؤسسات الرقابة الرسمية الى تفرد وتحكم السلطة التنفيذية بإدارة الشأن والمال العام، بما يخدم تكريس هيمنة القائمين على مفاصل الحكم واحتكار السلطة والتفرد بها، كما أدّت سيطرة السلطة التنفيذية على التشريع نتيجة غياب المجلس التشريعي منذ العام 2007 بسبب الانقسام السياسي إلى تغوّل السلطة التنفيذية في الضفة الغربية من خلال استخدام سلطة الرئيس الممنوحة له والمقيّدة في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في سن قرارات بقوانين عُدّلت بموجبها القوانين الصادرة عن المجلس التشريعي بخصوص مجالات متعددة استهدفت التحكم بالعملية الانتخابية أو حتى الغائها كما حصل في العام 2021، وسن أو تعديل بعض التشريعات مست بالاستقلال الممنوح للهيئات الرقابية المساندة من خلال تعيين رؤساء المؤسسات الرقابية من قبل الرئيس ودون مصادقة المجلس التشريعي.
غياب للشفافية والنزاهة في تعيينات كبار المسؤولين
استعرضت منسقة البحث والرصد، السيدة صمود البرغوثي، تقريراً حول آليات شغل المناصب العليا في فلسطين خلال السنوات الأخيرة، والنظر في وسائل الاستحواذ والسيطرة عليها من قبل المتنفذين من خلال استغلال السلطة الممنوحة لهم، وذلك لتعيين موالين ومقربين لهم بصفة شخصية أو حزبية لأسباب مختلفة، من دون إتاحة الوصول للمعلومات الخاصة بعملية التعيينات ونشرها على نطاق واسع، بهدف ضمان السيطرة على مراكز اتخاذ القرار في هذه المؤسسات.
منح امتيازات مالية على حساب المال العام لزيادة فريق الموالين
وقد تطرقت البرغوثي لأشكال شغل الوظائف العليا الحساسة في فلسطين، فهناك حالات تم فيها منح امتيازات لمصالح شخصية على حساب المال العام لزيادة فريق الموالين، وبعض الحالات جرى فيها استخدام فحص السلامة الأمنية، لضمان التأكد من كونهم من المؤيدين ولاستبعاد المعارضين للإطار السياسي الحاكم، وشكلت سياسة الفصل من الوظيفة العامّة على خلفية الانتماء السياسي إحدى سمات حقبة ما بعد الانقسام، بينما برز التقاعد القسري كمظهر لتسييس الوظيفة العامّة في معاقبة المعارضين. كما أن هناك تعيينات تمت استرضاء لأشخاص معينين مقربين من متنفذين، كالتعيينات التي جرت في السنوات الأخيرة في وزارة الصحة والخارجية والنيابة العامة لأقارب متنفذين في الوظيفة العامة.
إنشاء لجنة الجودة للرقابة على نزاهة التعيينات
وقد أوصت البرغوثي مجلس الوزراء إنشاء لجنة مختصة بنزاهة التعيينات (لجنة جودة الحكم في القطاع العام) مكونة من شخصيات/مؤسسات مستقلة ونزيهة وذات خبرة (أكاديمية وقانونية) ليس لها أي مصالح مع القطاع العام، تقوم بالمتابعة والإشراف على عمليات التعيين وتتمتع بالخبرة والنزاهة لتنظر في تعيينات المرشحين للوظائف العليا (المدنية منها والأمنية) في القطاع العام، وتحديد الإجراءات المتعلقة بالمنافسة والإعلان عن الشواغر الوظيفية للفئات العليا، والنظر في الشكاوى المتعلقة بالتعيينات في القطاع العام.
تغييب مبدأ المواطنة وإحلال الفئوية والزبائنية يشكل تربة خصبة لنشوء الفساد السياسي
وقد تضمنت الجلسة الثانية مجال ممارسة السلطة، إذ قدم المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الانسان، السيد عصام عاروري، ورقة حول احترام الحريات العامة، مصرحاً أن الشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال، ومحكوم في الوقت ذاته من قبل سلطتين تشكلان أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة، وهما السلطة الوطنية الفلسطينية الحاكمة لأجزاء من الضفة الغربية، وسلطة الأمر الواقع في قطاع غزة، مع تغييب لمبدأ المواطنة، وإحلال الفئوية والزبائنية مكانه، ما يشكل تربة خصبة لنشوء الفساد السياسي، حيث يحتكر حزبان حاكمان الوظائف العليا في بنية السلطتين القائمتين، بما يشمل الرتب العليا في الأمن، التي لا تقوم على التنافس الحر والفرص المتساوية، مع تأسيس خلايا حزبية تدير الوزارات وأجهزة الأمن، خلافا للقانون ويصعب الفصل بين الوظيفة الرسمية والحزب الحاكم، مع تبعية النيابة للسلطة التنفيذية في الأزمات، مما يحول البلد في جوانب عديدة إلى ما يشبه مزرعة.
كما أشار إلى ممارسات السلطة التنفيذية المتعلقة بتقييد بعض الحريات العامة وبشكل خاص تضييق مساحة عمل مؤسسات المجتمع المدني والاعلام والنشطاء المجتمعيين في ممارسة حقهم في المساءلة والنقد، حيث تم وضع قيود على الحق في التجمع والتنظيم، حرية الاعلام والصحافة، حرية الرأي والتعبير وذلك لاضعاف منظومة المساءلة المجتمعية على الأداء العام.
السلطة التنفيذية تفرض سياسة الأمر الواقع على المواطن بقراراتها الفجائية
تطرق المدير التنفيذي لائتلاف أمان، السيد عصام حج حسين، إلى ممارسة السلطة، منوّها أن السلطة التنفيذية تعاني في ممارستها للسلطة من ثلاث إشكاليات رئيسية تؤثر على نزاهة الحكم، ما يعزز منظومة الفساد السياسي، أولها: ضعف التزام المسؤولين للضوابط التي تحد من تضارب المصالح عند اتخاذ القرارات، ثانيا: ضعف الشفافية في اجراءات العمل، وثالثا: ضعف التشاركية والفرص المتساوية في التأثير على صنع السياسات. وأوضح حسين أن واقع ممارسة سلطة الحكم جوهرها هو عدم الشفافية والعمل بسرية، بلغة أخرى فرض الأمر الواقع على المواطن. ومن الأمثلة على ذلك، المراسيم المرتبطة بقوانين بالغة الأهمية كتلك المرتبطة بالقضاء أو بعمل مؤسسات المجتمع المدني، أو تلك المرتبطة بالتعيينات وإحالات التقاعد القسري وغيرها.
وركز حسين في مجمل حديثه حول وجود احتكار واضح للتأثير العالي من قبل فئة قليلة من المتنفذين المقربين من دائرة صنع القرار مع تغييب لأطراف مجتمعية مؤثرة، يمكن أن تساهم في بلورة القرارات لتصب في المصلحة العامة وتعزز ثقة المواطن بالحكم. ففي ظل غياب صانع التشريع، وإضعاف ضمان العدالة وسيادة القانون، أنتجت سلطة تنفيذية تتحكم بكافة مراكز صنع القرار ولا تخضع للمساءلة.
وبدوره تطرق مدير المكتب الإقليمي لائتلاف أمان في قطاع غزة السيد وائل بعلوشة وحول ذات السياق في ممارسة الحكم وتجربة السلطة التنفيذية إلى المعايير والتدابير الواجبة لتعزيز نزاهة الحكم في ممارسة السلطة في قطاع غزة، والمتمثلة في ضرورة تعزيز التشاركية والشفافية في صنع القرار من خلال تبني مبدأ الانفتاح على المواطنين من قبل المسؤولين من خلال إعمال مبادئ الشفافية وحق المواطنين في الاطلاع على المعلومات العامة والمشاركة في اتخاذ القرارات في إدارة الشأن العام، واخضاع أي مسؤول لا يلتزم بهذا المبدأ للمساءلة والمحاسبة، ومن جهة أخرى وتعزيزا لعدم تضارب المصالح، وأوصى بضرورة تحديد المناصب السياسية العليا التي قد تكون عرضة لمخاطر التعرض للتأثير من قبل دوائر المتنفذين، والالتزام بتقديم إقرارات الذمة المالية خاصة لذوي المناصب السياسية العليا، والمطالبة بتشكيل لجنة جودة الحكم لمتابعة ومراقبة التعيينات العليا.
ضرورة الإفصاح عن التعاقدات لتوريد الموارد العامة في قطاع غزة
واستعرضت منسقة الرصد والدراسات في قطاع غزة السيدة هداية شمعون تقريرا حول إدارة الموارد والثروات الطبيعية في قطاع غزة، حيث أشار التقرير إلى عدم وجود مرجعية عمل إدارية موحدة تدير الموارد العامة والثروات الطبيعية في قطاع غزة، حيث تدير لجنة متابعة العمل الحكومي في قطاع غزة الموارد العامة والثروات الطبيعية في القطاع، وجزء من الإدارة لدى السلطة الوطنية الفلسطينية وأخرى يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي. وأوصى التقرير لإعادة النظر في الاتفاقيات المتعلقة باستغلال الثروات الطبيعية، أو التعاقد مع أطراف لتوريد الموارد العامة مثل الكهرباء والمياه من الجانب المصري، والاسرائيلي، أو التعاقد مع شركات التنقيب الدولية وعرضها على المجلس التشريعي لمناقشتها ونيل موافقة المجلس التشريعي بموجب القانون حال عقد الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وضرورة تبني سياسة واضحة لتنظيم استقبال الهدايا أو تعليمات محددة لمنع تضارب المصالح لدى العاملين في المؤسسات العاملة في إدارة الموارد العامة أو الثروات الطبيعية. وأن يتم تحويلها إلى إجراءات ونماذج تنفيذية لاستخدامها. كذلك تفعيل قانون الكسب غير المشروع في قطاع غزة، وضرورة الافصاح عن المصالح وإقرار الذمة المالية لكبار العاملين في السلطة بمن فيهم أعضاء لجنة متابعة العمل الحكومي، وضرورة تدريب العاملين في إدارة الموارد العامة والثروات الطبيعية على مدونة قواعد السلوك الوظيفي التي أصدرها ديوان الموظفين في قطاع غزة والمقرة لديهم، لضمان حسن تنفيذ بنودها.
إضافة إلى ضرورة تعزيز الشفافية في إدارة الموارد العامة والثروات الطبيعية، ومطالبة الحكومة الفلسطينية بالإفصاح عن العقود الموقعة لشراء الموارد العامة أو استغلال الثروات الطبيعية، وملاحقها، ونشرها للجمهور الفلسطيني، وإصدارها عبر صحيفة الوقائع.
الإعلام العمومي منحاز بالكامل للنظام السياسي
وفي ورقة قدمها الأستاذ معز كراجة أشار إلى أن الإعلام الفلسطيني الرسمي لا تتوفر له القاعدة القانونية والاستقلالية والموارد التي يمكن أن تحميه من هيمنة سلطة حكم ذات لون سياسي واحد، وهو ما أضعف بشكل كامل التزامه واعتباره “إعلام دولة” يعبر عن عموم المجتمع بكل ما فيه من تيارات سياسية وقوى اجتماعية، بل واقع الحال أنه العام منحاز ولا يوفر ذات المساحة لمختلف الأصوات والآراء ووجهات النظر.
إذ يعتمد الإعلام الرسمي استراتيجية تقوم على الإنحياز الكامل للنظام السياسي بمختلف مؤسساته المدنية والأمنية، والحكومة، وتغييب الأصوات المعارضة للنظام السياسي والحزب الحاكم
إن ارتهان الإعلام الرسمي للنظام السياسي وللحزب الحاكم وتبنيه المطلق لروايتهما والدفاع عنهما، يعني عمليا الفتك في مرتكزات العمل الديمقراطي والتعدي على حقوق المواطنين وحرياتهم.
كما فشل الإعلام العمومي في دوره الرقابي وفي ضمان تدفق المعلومات بين النظام السياسي والمجتمع بما يحقق المكاشفة بين الطرفين ويسمح للمواطن تحديدا بالاطلاع ومعرفة ما يدور داخل مؤسساته الرسمية.
لا فرصة لنجاح أي مبادرات إصلاح دون البدء بإصلاح الجهاز القضائي
وفي الجلسة الثالثة والمتعلقة بالرقابة الرسمية على سلطة الحكم، قدم د. جورج جقمان، ورقة بعنوان ” الأولوية في مكافحة عدم النزاهة في الحكم”، حيث اشار الى أنه ليس من قبيل المصادفة أن استحوذت السلطةُ التنفيذيةُ على الجهازِ القضائيِ ككل. فهي تدركُ تماماً “خطر” نزاهةِ القضاء واستقلالِه عليها. وبالتالي فأن مساعي الإصلاح، باختلافها وتنوعها وتعدد الأطرافِ التي تسهمُ فيها في السياقِ الفلسطيني، مستمرةٌ منذ سنوات، لكن النتائجَ محدودةٌ وضعيفة. والسبب الرئيسي حسب ما اوضح هو انهيارُ النظامِ القضائيِ ككل، وهيمنةُ السلطة التنفيذية عليها، وفقدان كل إمكانية للجوء إليه لتحدي السلطة التنفيذية، على سبيل المثال، في موضوع إلغاء الانتخابات النيابية دون مستند قانوني يعطي الصلاحية بذلك. لذا، إن الأولوية الأولى ينبغي أن تتمثل في تضافر الجهود في مجهودٍ جماعي، لكل مؤسسةٍ أو نقابةٍ أو هيئةٍ منظمةٍ في المجتمعِ للعملِ بشكلٍ منظمٍ ومبرمجٍ لغرضِ إصلاحِ النظامِ القضائيِ وجعله مستقلاً عن السلطة التنفيذية. دون ذلك، لن يحدثَ أيُّ إصلاح.
واقع المجلس التشريعي وهيئات الرقابة العامة في غزة تتأثر بما يتطلبه مصلحة السلطة الحاكمة في غزة
وقدمت السيدة مروة أبو عودة منسقة المساءلة المجتمعية في قطاع غزة ورقة حول: واقع المجلس التشريعي وهيئات الرقابة العامة في بناء نظام سياسي نزية في قطاع غزة وأشارت إلى أن الانقسام السياسي الفلسطيني وعدم اجراء انتخابات دورية تضمن تداول سلمي للسلطة أثر سلبا على أداء المجلس، وأدى إلى تركز السلطة التشريعية والمهام الرقابية للمجلس في يد لون واحد ومن نفس لون الإدارة العليا للحكم، فهناك عدم وضوح كيف يتم مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة وإقرارها واستلام التقارير المالية الدورية من قبل الجهات المختصة حيث لا تتم المساءلة على الأداء المالي الحكومي، بسبب عدم تقديم الحساب الختامي المدقق من قبل ديوان الرقابة المالية والادارية.
كما أشارت إلى عدم استخدام المجلس التشريعي لكافة أدواته المرتبطة بالمساءلة والمحاسبة والاعتماد على جلسات الاستماع الخاصة بأعضاء لجنة متابعة العمل الحكومية بالدرجة الأولى، حيث لم يستخدم المجلس الحالي جلسات المساءلة البرلمانية العلنية سوى مرتين منذ انتخابه. كما تطرقت أبو عودة في ورقتها إلى دور كل من ديوان الرقابة المالية والإدارية في قطاع غزة، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تعزيزا لبناء نظام سياسي نزيه في قطاع غزة.
ضرورة إصلاح القضاء سيعزز من استقلاليته وسيزيد من ثقة المواطنين بالمنظومة القضائية
وفي ورقته الموسومة ب “دور القضاء في نزاهة الحكم في قطاع غزة” تطرق الدكتور سامي غنيم إلى ثلاثة محاور رئيسة تمثلت في دور القضاء في الوقاية من الفساد ومراقبة نزاهة الحكم، وما يتعلق بالتجريم وانفاذ القانون، بالإضافة إلى بيئة النزاهة والشفافية والمساءلة في عمل السلطة القضائية
وأشار إلى أن السلطة التنفيذية انتهزت غياب المجلس التشريعي لإصدار تشريعات تحد من دور السلطة القضائية في الرقابة الادارية على أعمال السلطة التنفيذية، أي ضمان عدم قدرة القضاء على مساءلة السلطة التنفيذية من خلال السيطرة على عمليات تعيين القضاة وعزلهم ونقلهم. مستعرضا التعديلات التي أجريت على قانون السلطة القضائية وبشكل خاص ما يتعلق بالقضاء الاداري.
وقد أوصى الباحث في ورقته إلى مطالبة السلطة القضائية بكافة مكوناتها بالانفتاح بشكل أكبر على المواطنين عبر نشر تقارير دورية عن طبيعة اعمالهم، والنجاحات، والاخفاقات، والمعيقات، وضرورة تبني نظام واضح حول تضارب المصالح، والمطالبة باتباع القضاء لسياسة مشابهة لسياسة النيابة في الشكاوى وتطويرها والبناء عليها، واعتماد نظام محدد لحماية المبلغين والشهود وذويهم، بالإضافة إلى العمل على نشر الأحكام الصادرة من القضاء في الدعاوي الادارية خاصة التي يتم فيها إلغاء قرارات إدارية، وذلك لتشجيع المواطنين وطمأنتهم حول التوجه للقضاء ومخاصمة السلطات العامة.
هذا وقد استعرض الدكتور ممدوح العكر البيان الختامي للمؤتمر والذي تم التاكيد فيه أن الحوار الوطني الحقيقي الذي نريد، يجب أن يتحول إلى ورشة عمل متواصلة يشارك فيها كل مكونات المجتمع الفلسطيني وقواه السياسية والاجتماعية الحية، ويعبر عن قناعة راسخة بالشراكة الحقيقية في صنع القرار وإدارة الشأن العام، على أن يتم الالتزام بنتائج هذا الحوار ووضع خطة عمل لتطبيق مخرجاته على أرض الواقع في إطار زمني محدد.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.