يديعوت – بقلم: عيناف شيف “بيان عن زيارة ممثلي حزب ميرتس (وزير الصحة، ووزير التعاون الإقليمي، ورئيسة الكتلة) لرئيس السلطة الفلسطينية لاقى -كما كان متوقعاً- وابلاً من الغضب اليميني، بما في ذلك فرصة أخرى لمناكدة رئيس الوزراء وباقي ممثلي اليمين في الائتلاف. بمعنى أنه على فرض أن نفتالي بينيت لا يزال يتذكر بوجود أمر كهذا- الفلسطينيون في الضفة الغربية. فحسب خطابه في الأمم المتحدة، لا يعد هذا أمراً مسلماً، به.
غير أن اليسار يرغبون في النظر إلى تقاليد اللقاء مع أبو مازن من زاوية نظر أخرى. مثلاً، وزير الدفاع كان الممثل الأول للحكومة الذي أمّ مكتب رئيس السلطة. لنفترض أنه من المهم لبيني غانتس أن يحافظ على التنسيق الأمني، وأن يدير علاقات أكثر صحة قدر الإمكان بين المحتل والخاضع للاحتلال مما اعتاد عليه أبو مازن تحت حكومات نتنياهو. ولكن، حسب ما نشر في “استديو الجمعة”، نقل غانتس أيضاً رسالة تأييد شخصية لحل الدولتين بل وأعطى تطلعاته عنواناً كبيراً “يريد أن يكون رابين الجديد”. حسناً، وما الذي يفترض بأبو مازن أن يفعله بهذا؟ أن يغني له “إسرائيل تنتظر رابين الجديد”؟ ثمة نقطة أكثر مبدئية: حتى لو كان غانتس و”ميرتس” يستخدمان مكانة اللقاء مع أبو مازن كي يشيرا إلى أن الجناح المعتدل في الحكومة، فإن هذا ليس فرصة صورة تحت غطاء السياسة، بل وإعطاء ائتمان لنظام إشكالي جداً. نظام مشكوك أيضاً أن يكون ممكناً التوصل معه إلى أي تسوية، وبالتأكيد في الصيغة الكلاسيكية لحل الدولتين.
بداية. لم يعد أبو مازن منذ زمن بعيد الزعيم المنتخب للجمهور الفلسطيني، ولا حتى الذي في مناطق السلطة: فقد مرت 16 سنة منذ الانتخابات الأخيرة للرئاسة وأكثر من 10 سنوات منذ أن انتهى مفعول ولايته القانونية. والانتخابات التي كان يفترض أن تجرى في 2021 ألغيت، ولا خوف من أن تفتح صناديق الاقتراع قريباً.
إضافة إلى ذلك، لم تمر إلا أربعة أشهر منذ قتل نزار بنات، الناقد البارز للسلطة الفلسطينية. فقبل شهر من موته، أطلق رجال يركبون دراجة نارية النار على بيته. وفي حزيران، اعتقلت أجهزة الأمن بنات، وأعلن عن وفاته بعد ساعة. ادعت السلطة بداية بأن الوفاة كانت “في ظروف طبيعية” وبعد ذك تبين أن بالفعل، الجسد ينهار بشكل “طبيعي” عندما يضربونك بوحشية.
هذا الحدث الذي شبه بتصفية الناشط والصحافي السعودي جمال خاشقجي، شهد مرة أخرى على انعدام قيود حكم أبو مازن، ولكنه شهد أيضاً على خوف عميق مما سيأتي. لقد شهد العالم هزات هائلة تثير الكثير من المصاعب على المفاهيم الدارجة: ما هما “الدولتان” في واقع الأمر؟ وما هو المضمون العملي للتسوية في عهد يتحدى معنى مفهوم “الدولة”؟ ألا يزال هذا الحل ذا صلة في فترة تسعى السياسة فيها لإعادة تعريف علاقتها مع الجمهور؟ أما زال أبو مازن، الرجل ابن 85 مع قليل من الصبر تجاه حقوق الإنسان، قادراً على إدخال الشعب الفلسطيني في بوابات واقع يفحص مفاهيم أساسية ويخترع مفاهيم جديدة؟ إذا كان الهدف أكثر بقليل من أسباب الخصام على التويتر، فعلى هذه الأسئلة أن تقلق أيضاً اليسار الإسرائيلي. أيحتمل أن يكون هذا أكثر نجاعة بقليل من التبليغ عن “لقاء بروح طيبة”، برفقة صورة لألبوم لا يهتم به أحد.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.