ذكر صحيفة القدس العربي في تقريرها، أنه على خلاف ما جرى الترويج له خلال الفترة الماضية، بوجود “تقدم” في المباحثات السرية التي تقودها مصر بين حماس وإسرائيل بشكل “غير مباشر” بشأن صفقة تبادل الأسرى، تشير الأمور على الأرض، إلى أنه لم يجرِ تقدم يذكر، سوى عودة الاتصالات الهادفة لإنجاز الملف، فيما يرتقب أن يكون لزيارة وزير المخابرات المصرية نهاية الشهر الجاري إلى تل أبيب، أثر في تحريك الملف بشكل أفضل.
ورغم الاتصالات والمفاوضات “غير المباشرة” التي قادها الوسيط المصري خلال الشهرين الماضيين، إلا أن الأمور بين حماس وإسرائيل تراوح مكانها، في ظل رفض الاحتلال الاستجابة لمطالب الحركة التي لم تبدِ تجاهها أي تنازل، وفي مقدمتها إطلاق سراح أسرى من ذوي المحكوميات العالية.
ولذلك ذهبت تحليلات إسرائيلية للقول إن حماس هي من ترسم معالم صفقة تبادل الأسرى حتى ولو لم تتحقق، بعد وضعها الأسيرين مروان البرغوثي وأحمد سعدات على رأسها.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن جلسات عقدت مؤخرا مع الوسيط المصري، كان من بينها تلك التي عقدت خلال زيارة وفد حماس برئاسة إسماعيل هنية للقاهرة الشهر الماضي، ناقشت آخر تطورات ملف صفقة التبادل، والأعداد المطلوبة لإنجاز الصفقة، وكذلك نوعية الأسرى التي تطالب حماس بخروجهم من السجن.
وقد نُقلت مطالب حماس للجانب الإسرائيلي، الذي لا يزال يرفض التعامل مع طلبات إطلاق سراح الأسرى من ذوي المحكوميات العالية، والمتهمين بالمشاركة في هجمات أدت إلى مقتل إسرائيليين.
ويتردد أن أبرز ما شهدته تلك المحادثات، هو “تطورات فنية” تمثلت في طلب إسرائيل الحصول على ما يؤكد سلامة أسراها لدى حماس، حيث تقول إن اثنين من الأسرى الأربعة، وهما جنديان أعلن جناح حماس المسلح أسرهما في الحرب التي شنتها إسرائيل عام 2014، قد قُتلا خلال المعارك البرية، فيما ترفض حماس تقديم أي معلومات دون الحصول على ثمن.
وهناك معلومات تشير إلى أن حماس تطلب مقابل ذلك إطلاق سراح الأسيرات، على غرار ما حدث قبل صفقة 2011، حيث خرج الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في شريط مصور أعدته حركة حماس، ونقله الوسيط المصري للجانب الإسرائيلي، إضافة إلى إطلاق سراح الأسرى الذين تحرروا في صفقة 2011، وأعيد اعتقالهم من جديد.
وبما يشير إلى ذلك، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية: “من المبكر أن نقول بأننا قاب قوسين أو أدنى من إنجاز صفقة التبادل، لأن الاحتلال غير جاهز لدفع الثمن”، وأكد الحية أن حركة حماس جاهزة لإبرام صفقة تبادل أسرى، وقال: “إذا لم يدفع الاحتلال ثمن صفقة التبادل، فلن يرى جنوده النور”.
وقال إن حماس عرضت “خارطة طريق” لإنجاز الصفقة، لافتا إلى أن الحركة طرحت مبادرة إنسانية للإفراج عن الأسرى المرضى، وكبار السن مقابل الإفراج عن معلومات عن الجنود الأسرى، لكن الاحتلال رفضها. وجدد الحية تأكيد حركة حماس وعدها بالإفراج عن الأسرى الذين نفذوا عملية الفرار من سجن “جلبوع”، لافتا إلى أن حماس تسعى بكل ما أوتيت من قوة بأن يكون القائد مروان البرغوثي والقائد أحمد سعدات ضمن أسماء صفقة التبادل.
وكانت “القناة 13” العبرية نقلت عن مسؤولين أمنيين في تل أبيب، تأكيدهم وجود “فجوات كبيرة” بين إسرائيل وحماس حول تفاهمات صفقة التبادل، وذكرت أنه لا يوجد أي تقدم حقيقي فيما يتعلق بالصفقة. لكن المسئولين الأمنيين أكدوا أن المحادثات “غير المباشرة” مع حماس مستمرة.
ونقلت تقارير عبرية عن مسؤول إسرائيلي مشارك في الاتصالات قوله: “على السنوار (قائد حماس في غزة) أن يفهم أن إسرائيل لن تفرج عن إرهابيين ملطخة أيديهم بالدماء، ويجب أن لا تنخدع العائلات بذلك” بحسب تعبيره، في إشارة منه لعوائل الجنود الإسرائيليين.
لكن رغم ذلك، تُعقد آمال كثيرة على الزيارة المرتقبة لمدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، نهاية الشهر الجاري، والتي تشمل تل أبيب ورام الله، حيث لم يعلن إن كان الرجل سيزور غزة على غرار ما قام به بعد الحرب الأخيرة في مايو الماضي أم لا.
ومن الممكن أن تساهم لقاءات كامل في تل أبيب مع كبار المسؤولين هناك، بمن فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، في إحداث اختراق في الملف، كونها ستتعدى المسئولين الأمنيين الذين كانوا يزورون القاهرة خلال الفترة الماضية، وكانوا كل مرة يرجعون إلى قيادة الحكومة لنقل ما عرض عليهم من الوسيط المصري.
كما ستكون على طاولة الاجتماعات، إلى جانب ملفات عدة أبرزها التهدئة في غزة، والحفاظ على تطويرها، مناقشة ملف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وهو ملف يهدد بتفجير مواجهة عسكرية جديدة بين المقاومة وقوات الاحتلال، رفضا لما يتعرض له الأسرى من عمليات تعذيب وتنكيل، خاصة وأن قادة الفصائل الفلسطينية التي زارت القاهرة مؤخرا، نقلت تهديدات لإسرائيل عبر الوسطاء.
وحسب هيئة البث الإسرائيلية “مكان” سيبحث اللواء كامل خلال زيارته القريبة لإسرائيل مواضيع مختلفة، من بينها الجهود للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد في قطاع غزة، والوضع الأمني في سوريا، والملف الإيراني، وصفقة تبادل الأسرى.
وذكرت أن اللواء كامل سيطرح على بينيت، التصور المصري الذي قبلت به حماس، في إطار التسهيلات المقدمة لقطاع غزة خلال الفترة المقبلة، حيث يحتاج الأمر إلى موافقة إسرائيلية.
وأوضحت أن مصر ترى أن هناك إجراءات بسيطة إذا أقدمت عليها الحكومة الإسرائيلية ستساهم في فرض حالة التهدئة، والمساعدة في التوصل إلى اتفاق طويل الأمد.
وكان كامل قد قال خلال محادثة نادرة مع صحافيين إسرائيليين قبل أيام، أن مصر “تعمل ليلا نهارا” لإبرام صفقة تبادل الأسرى.
وروى كامل أن رجاله يتحدثون يوميا مع إسرائيل وحماس والسلطة الفلسطينية حول الأوضاع في قطاع غزة، مشددا على أن الازمة في القطاع يجب أن تحل من خلال صفقة واحدة كبيرة وشاملة، تشمل وقف إطلاق نار طويل المدى، وتسهيلات إضافية للسكان، وإعادة إعمار غزة وحل قضية الأسرى والمفقودين.
وأشار وقتها إلى أنه سيصل لزيارة إلى إسرائيل قبل نهاية الشهر الجاري، حيث ستكون هذه زيارته الثانية منذ تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة، ومن المحتمل أن يزور رام الله أيضا.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.