معاريف – بقلم: ألن بيكر “نية الإدارة الأمريكية بإعادة فتح قنصليته المقدسية كجسم تمثيلي للقيادة الفلسطينية وتقديم خدمات قنصلية لسكان “المناطق” [الضفة الغربية] تصبح عقبة سياسية كأداء للعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة. فتعقيد وحساسية المسألة يضافان إلى مطالبات القيادة الفلسطينية لإعادة تقسيم القدس وإلغاء اعتراف الإدارة السابقة بالقدس كعاصمة لإسرائيل. ثمة بضع نقاط قانونية ذات صلة بالمسألة.
أولاً، إعلان الولايات المتحدة في أيار 2018 باعتراف رسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل شكل تغييراً مهماً في سياسة الولايات المتحدة. فقد ألغت الوضع الذي كان قائماً قبل ذلك، والذي لم تكن فيه القدس منذ قيام الدولة في 1948 تعد في نظر الولايات المتحدة أرضاً سيادية إسرائيلية. وخلق الاعتراف الأمريكي الرسمي بسيادة إسرائيل في القدس وضعاً قانونياً جديداً حل محل سياسة عدم الاعتراف السابقة، وبموجبها اعترفت الولايات المتحدة بفرض القانون الإسرائيلي في القدس. لقد أتاح الوضع السابق للولايات المتحدة، مثلما أتاح لدول أخرى الاحتفاظ بقنصليات مستقلة موجودة منذ الحكم العثماني في المنطقة في منتصف القرن التاسع عشر والتي كانت تستهدف خدمة الأمريكيين الذين يزورون البلاد المقدسة.
مع التوصل إلى اتفاقات أوسلو في 1993 طورت القنصلية الأمريكية المستقلة والمنفردة في القدس دوراً جديداً يتمثل بالإشراف على علاقات الولايات المتحدة مع هذا الكيان السياسي الفلسطيني، وكذا مع الفلسطينيين سكان شرقي القدس، ومناطق الضفة الغربية في يهودا والسامرة وفي قطاع غزة. وكما أسلفنا، باعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل في القدس فإن الإعلان الصادر في 2018 بشكل لا مرد له غيّر الوضع وجعل وجود القنصلية الأمريكية المستقلة في القدس التي تخدم الحكم الفلسطيني وسكان المناطق أمراً زائداً لا داعي له.
ثانياً، تقوم منظومة العلاقات القنصلية القائمة بين إسرائيل والولايات المتحدة على أساس ميثاق فيينا للعلاقات القنصلية من العام 1963، وتقضي المادة الرابعة منه بأن الاحتفاظ بوظائف قنصلية أو كل مكتب آخر يشكل جزءاً من الوظيفة القنصلية في أرض دولة ما متعلق بموافقة هذه الدولة. كما أن المادتين 7 و 8 من الميثاق تعتقدان بأن تحقيق الوظائف القنصلية حيال أو عن دولة أخرى تتطلب إذناً محدداً.
ثالثاً، بالاتفاق الانتقالي بين إسرائيل وم.ت.ف (اتفاقات أوسلو “ب”) في 1995 اتفق الطرفان على ألا تكون للسلطة الفلسطينية صلاحيات ومسؤوليات في مجال العلاقات الخارجية، بما في ذلك إعطاء إمكانية لإقامة ممثليات أجنبية في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، وتعيين أو استقبال طاقم دبلوماسي وقنصلي وتنفيذ وظائف دبلوماسية. والمادة إياها في الاتفاق تقضي بإمكانية إقامة “ممثليات” من دول أجنبية في المنطقة التي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية كوسيلة لتنفيذ الاتفاقات الاقتصادية والثقافية وغيرها من الاتفاقات، في صالح السلطة الفلسطينية. وفتح ممثلية أمريكية كهذه في رام الله أو غزة أو في كل مكان آخر في “المناطق” التي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، سيكون وفقاً لتوثيق المسيرة السلمية التي اتفقت عليها إسرائيل والفلسطينيون وأيدتها الولايات المتحدة وغيرها، ولا يتطلب موافقة إسرائيل، وذلك لأن القانون الإسرائيلي لا يطبق في هذه المناطق.
وعليه، فهكذا فقط يكون بوسع الولايات المتحدة أن تقيم ممثلية لتقديم خدمات للسلطة الفلسطينية وسكانها، تتناسب وسياسة الولايات المتحدة، مع تعهدات القانون الدولي للولايات المتحدة، ودون المس بتعهدات وإعلانات الولايات المتحدة.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.