معاريف – بقلم: النائب يئير غولان مقال موضع خلاف كتبه رفيقي النائب موسيه راز في هذه الصفحة (31/1،”شراكة، وليس انفصالاً”). وادعى فيه بأنه ضد الانفصال عن الفلسطينيين، لكنه مع حل الدولتين. قد تكون المسافة بيننا أصغر مما يخيل، وعليه فبودي أن أوضح موقفاً، وهو موقف لا بد أنه يمثل الكثيرين في اليسار الصهيوني. أنا مع حسم واضح بين الضم والانفصال عن الفلسطينيين من يهودا والسامرة(الضفة الغربية) وغزة.
أما الضم، سواء كان بدوافع عنصرية أم دوافع مثالية، مثل “ويسكن الذئب مع الخروف”، أم لأي دافع آخر، فهو مصيبة لإسرائيل في النظرة بعيدة المدى. بكلمات النائب راز، فإن فكرة الانفصال تصبح فكرة اليمين، وهي ليست كذلك. أما فكرة التقسيم (الانفصال) فقد كانت فكرة اليسار الصهيوني، التي عارضها اليمين بشكل تقليدي. بن غوريون ورابين وشارون كانوا مع الانفصال، ثم خلفهم وقفت أغلبية الشعب، أغلبية مواطني إسرائيل، وهي أغلبية متماسكة ومصممة لو وجدت استجابة إرادة طيبة من الطرف الفلسطيني، لكنا اليوم منذ زمن بعيد مع دولتين للشعبين.
يخيل أن مقال النائب راز ينقصه شيء مبدئي-الفلسطينيون غير موجودين فيه. الشراكة المنشودة من النائب راز لا ينشدها قسم كبير من الفلسطينيين؛ فصوتهم في المقال لم يسمع، وحضورهم لم يعترف به، وعدالة النائب راز ليست بالضرورة عدالتهم. لنفترض أن كل الإسرائيليين يرغبون في الشراكة صباح الغد، فهل سيلغي الإعراب عن هذه الرغبة رؤية حماس بشأن تصفية الكيان الصهيوني؟ وهل سيبدي الجهاد الإسلامي الفلسطيني، المدعوم من إيران، وجهاً رقيقاً في شكله صباح غد؟ وماذا عن خلايا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في يهودا والسامرة، المعروفين بالعمليات الفتاكة التي نفذت في الماضي، هل سيتوبون توبة كاملة تامة؟ سبق وثبت بأن في الشرق الأوسط لا يمكنه البقاء فقط على أساس الإيمان بطبيعة الإنسان الخيرة. فمن يريد القليل من خطوات الحذر التي يكون بوسعها قمع نوايا إجرامية وتصعب الأمور على الإرهابيين المحتملين، يجدر به أن يعتمد على عائق عميق وعلى قدرة استخبارية وعملياتية متطورة. لقد سبق للحكماء أن قالوا: “جدر عالية، جيرة طيبة”.
يجدر بنا أن نتبنى هذه القاعدة، وعلى أساسها نبني علاقات اقتصادية، وتجارية، وثقافية، وعلمية ورياضية، كلما تحسن الوضع الأمني. وعلى أساس بناء علاقات ثقة منهاجية وحذرة.
نهاية مقال النائب راز تركتني مشوشاً بعض الشيء، فبعد أن شرح مدى الحاجة لبناء الشراكة، يعود إلى فكرة الدولتين للشعبين. فما معنى الدولتان لم تكن انفصالاً؟ هل المقصود نوع من الاتحاد الفيدرالي أو الكونفدرالي؟ وفق فهمي المتواضع، لا يمكن أن تقام كونفدرالية دون قدر من الإرادة الطيبة من الطرفين المشاركين، وليس هناك ما يمكن الحديث فيه عن الفيدرالية. قد تبدو كلمة “انفصال” أقل جودة من “الشراكة”.
ولكن إذا ما تركنا الأماني والمجاملات اللفظية للحظة، وفكرنا بعلاقات العداء والحساب الدموي المرير والفروقات الساحقة من حيث مستوى التطور الاقتصادي بين الفئتين السكانيتين، فسنصل إلى الاستنتاج الواحد والوحيد: يجب الانفصال عن الفلسطينيين. فهو جيد لهم ولنا. وفي هذه الأثناء، أي في العالم العملي، يشكل العرب 21 في المئة من مواطني إسرائيل، ينبغي أن نطور علاقات شراكة كاملة معهم. هي مهمة صعبة، مليئة بالعقبات، ولكنها ممكنة. في منصبي كنائب وزيرة الاقتصاد والصناعة، أبذل ساعات طويلة كل أسبوع في التنمية الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة في المجتمع العربي. ثمة مبادرات رائعة، وثمة بحر من الإرادة الطيبة، وهناك ميزانية مناسبة يمكن العمل بها. النجاح مع عرب إسرائيل، والانفصال عن الفلسطينيين من يهودا والسامرة وغزة، هي مفاتيح المحافظة على الهوية الإسرائيلية، ووجود قومي مناسب، وتحسين العلاقات مع الشعوب العربية وخلق احتمال حقيقي للسلام.
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.