تواصل حكومة الاحتلال الإسرائيلي تنكرها وتهربها من قضايا الملاحقة التي رفعت ضدها من قبل مؤسسات صحفية وحقوقية، وذلك بعد أن قدم الاتحاد الدولي للصحفيين ونقابة الصحفيين الفلسطينيين والمركز الدولي للعدالة للفلسطينيين(ICJP) المذكرات القانونية التي تتهم إسرائيل بالاستهداف الممنهج للصحفيين، التي ترتقي لمستوى جرائم حرب، إلى المحكمة الجنائية الدولية في 25 أبريل الجاري.
وتفصل الشكوى في عمليات الاستهداف المنظم للصحفيين الفلسطينيين، وتقدم بالنيابة عن 4 شهداء هم، أحمد أبو حسين وياسر مرتجى ومعاذ عمارنة ونضال اشتية الذين اُغتيلوا أو أصيبوا من قبل قناصة إسرائيليين أثناء مظاهرات داخل قطاع غزة و الضفة الغربية، وجميع هؤلاء الضحايا كانوا يرتدون سترات مكتوبا عليها “صحافة” حينما أُطلقت عليهم النيران.
ورُفعت قضايا قانونية أمام المحكمة الجنائية الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب بسبب استهدافها للصحفيين الذين يعملون في فلسطين وتقاعسها عن التحقيق في عمليات القتل التي يتعرض لها العاملون في وسائل الإعلام.
قنص متعمد للصحفيين
وتطالب والدة الشهيد الصحفي أحمد أبو حسين بمحاكمة جنود الاحتلال الذين قتلوا ابنها الصحفي أحمد قائلة: “يجب محاكمة كل من يقف وراء استهداف الصحفيين الفلسطينيين، ما ذنب هؤلاء الصحفيين أن يقتلوا بصورة متعمدة من قبل جنود الاحتلال؟!”.
وتابعت أم أحمد في حديثها لقناة “الغد”: “أحمد كان يرتدي ملابسه الخاصة بالصحفيين ،الدرع والخوذة، ما يثبت أنه صحفي، ولا يوجد أي مبرر لقنصه برصاصة قاتلة، الاحتلال لا يريد للصورة أن تظهر وتفضح جرائمه”.
وأشارت إلى أنه في يوم الجمعة 13 أبريل 2018 أثناء تغطية مسيرات العودة، تمكّن أحد قناصي الاحتلال من رصده واستهدافه برصاصة حاقدة قاتلة متفجرة محرمة دولياً أسقطته أرضاً وسط جموع الصحفيين والشباب المنتفضين على الحدود.
وأضافت والدة الشهيد أحمد أبو حسين: “نحن عبر المؤسسات الحقوقية والصحفية سنظل نلاحق الاحتلال لقتلة الصحفيين أمام المحاكم الدولية والجنائية وسنبقي نطالب بحقنا ولن نصمت”.
الجنايات الدولية
ومن جهته، قال نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين تحسين الأسطل: “الاحتلال الإسرائيلي يتحمل مسؤولية استهداف الصحفيين الفلسطينيين في كل مكان، من خلال الطريقة التي يستهدف بها الاحتلال قصف المؤسسات الإعلامية وتدميرها وعمليات قنص واغتيال للصحفيين وتصفيتهم وإطلاق الرصاص وقنابل الغاز وإغلاق مؤسساتهم وحرمانهم من حرية العمل والتنقل بصورة متعمدة”.
وتابع الأسطل في حديث صحفي: “الاحتلال يعتمد سياسية معلنة وواضحة باستهداف الصحفيين الفلسطينيين، لذا يجب ملاحقة هذا الاحتلال في المحاكم الجنائية الدولية.. وطالبنا الاتحاد الدولي للصحفيين والأمم المتحدة بالتدخل لوقف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي”.
وبدورة، قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني” حشد” صلاح عبد العاطي، إن متابعة جرائم الاحتلال أمام حكمة الجنايات الدولية، جرى إحالة هذه الملفات في عام 2018 وفُتح تحقيق في عام 2020، بعد تأخير بسبب الضغوط الأمريكية الإسرائيلية.
وأكد عبد العاطي، في حديثه، أن متابعة هذا الملف مستمرة من قبل المؤسسات الحقوقية عبر بلاغات إحاطة وتقارير من أجل دعم مسار التحقيق الجدي من قبل مكتب الادعاء العام، ولكن لدينا تخوف أنه منذ قدوم مدعي عام محكمة الجنايات الدولية كريم خان هناك تباطؤ في سير التحقيقات المطلوب تحقيقها، وذلك بعد أن فتحت المدعي العام السابق فاتو بنسودا تحقيقا جديا في استهداف الصحفيين والتي كان آخرها استهداف الصحفية شرين أبو عاقلة.
وأضاف: “كل ذلك يأتي في ظل حديث إسرائيل عن وقف التحقيقات في قضية الانتهاكات ضد الصحفيين، لذلك هناك ضرورة للتحرك في محكمة الجنايات الدولية لمسائلة دولة الاحلال وفتح تحقيق جدي من قبل لجنة تقصي الحقائق الدولية التابعة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان”.
وقال المركز الفلسطيني للحريات والتنمية “مدى” في تقرير له، أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خلال السنوات الخمس والنصف التي يغطيها هذا التقرير(من بداية 2016-منتصف 2021) ما مجموعه 1845 انتهاكا.
وبلغ عدد الاعتداءات الجسدية المباشرة (الناجمة عن استخدام الأسلحة والذخائر بأنواعها أو بسبب الضرب) 786 اعتداءً، أي أن ما نسبته 43% من مجمل الاعتداءات الإسرائيلية ضد الصحفيين تندرج ضمن هذا النوع من الاعتداءات، في حين يتوزع ما تبقى على نحو 20 نوعاً آخر من الانتهاكات الإسرائيلية.
وأوضح تقرير “مدي” أن الاعتداءات الجسدية الإسرائيلية أدت منذ مطلع العام 2000 الى استشهاد 46 صحفياً في الضفة الغربية وقطاع غزة، 6 منهم قتلوا خلال السنوات الخمس والنصف الأخيرة التي يغطيها هذا التقرير، فيما عانى وما يزال عشرات آخرون من إعاقات مؤقتة ودائمة، ستلازمهم طوال حياتهم، جراء إصابات بليغة وخطيرة تسبب بها الاحتلال لهم، مثل الصحفيين، عطية محمد درويش، ومعاذ إبراهيم عمارنة، وسامي جمال مصران، الذين فقد كل واحد منهم إحدى عينيه جراء إصابات مباشرة استهدفتهم أثناء عملهم في الميدان من قبل جنود الاحتلال خلال العامين 2018 و2019.
وأظهر تقرير آخر لمركز مدى حول اعتداءات الاحتلال على الصحفيين أثناء تغطيتهم مسيرات العودة السلمية في قطاع غزة، أن قتل الصحفيين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين بطريقة متعمدة، ليستا الجريمتين الوحيدتين اللتين ارتكبهما جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن مساعيه الرامية لإقصاء الصحفيين ووسائل الإعلام ومنعهم من تغطية أحداث مسيرات العودة السلمية.
Comments are closed.