تتعرض الأراضي الزراعية في فلسطين سنويا إلى اندلاع الكثير من الحرائق وخصوصا في فصلي الصيف والخريف، مسببة خسائر مادية كبيرة للمزارعين نتيجة فقدان المحاصيل الزراعية، سواء كانت المحاصيل الموسمية كالمحاصيل الحقلية، او المحاصيل الدائمة والتي يتم خسارة انتاجها لعدة سنوات كالاشجار المثمرة والغابات، او فقدان مساحات واسعة من المراعي والتي تعتمد عليها الاف الاسر الفلسطينية لرعي الأغنام عدا عن الاضرار البيئية الناتجه عن فقدان جزء من الرقعة الزراعية.
وعلى أبواب فصل الصيف، يزداد خطر اندلاع الحرائق وانتشارها على الأراضي الزراعية.
ويقول مقبل أبو جيش مدير برنامج تطوير الاراضي في الاغاثة الزراعية، أنه وخلال مراجعة أسباب الحرائق في الأراضي الزراعية للسنوات السابقة، فقد كان من اهم الأسباب تعمد الاحتلال والمستوطنين اشعال الحرائق بالاراضي الزراعية والذي ازداد خلال الايام السابقة في الكثير من المواقع او الحرائق الناتجه من التدريبات العسكرية في أراضي المراعي والأراضي الزراعية.
كما يتعمد الاحتلال حرمان المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية كالأراضي المعزوله خلف الجدار او القريبة من المستوطنات، مما يعيق قيام المزارعين بالعناية بها من تنظيف للاعشاب وتقليم للاشجار ويجعلها عرضه لاندلاع الحرائق المتعمدة وغير المتعمدة.
ومن الاسباب كذلك اهمال بعض المزارعين بتنظيف أراضيهم الزراعية من الأعشاب او القيام بالتخلص منها بواسطة الحرق او عدم القيام باعمال التقليم او عدم تنظيف الأراضي الزراعية من مخلفات التقليم وعدم تنظيف الأراضي من العبوات الزجاجية، والذي زاد من فرصة اندلاع الحرائق في تلك الأراضي.
وكذلك قيام البعض بالقاء اعقاب السجائر او العبوات الزجاجية وخصوصا على جوانب الطرق حيث لوحظ ان معظم الحرائق تحدث في الأراضي المحاذية للطرق الرئيسية والفرعية.
وقيام بعض المتنزهين باشعال مواقد النار داخل الغابات او الأراضي الزراعية في الأماكن غير المخصصة لذلك، او ترك النيران مشتعلة بعد مغادرة المكان، وخصوصا مع افتقار العديد من المواقع التي يقصدها المتنزهون للوحات الارشادية والتحذيرية التي تساهم في زيادة وعي المواطنين لاتباع الإجراءات الوقائية للحد من الحرائق.
وتعمد البعض اشعال النيران في أراضي الغابات والمحميات الطبيعية بهدف الاستفادة من بقايا الاخشاب المحترقة او بهدف الاطماع في تحويل تلك الأراضي إلى أراض زراعية خاصة.
وقيام بعض البلديات او المواطنين باشعال النيران في مكبات النفايات والتي غالبا تكون قريبة من الأراضي الزراعية.
ويشرح أبو جيش مخاطر الحرائق على القطاع الزراعي، وأهمها الخسائر الاقتصادية الناتجة عن تدمير مصدر رزق المزارعين سواء كانت محاصيل حقلية او اشجار مثمرة او الأراضي الرعوية، عدا عن التكاليف العالية لعمليات الإطفاء او حرق ممتلكات المزارعين مثل المنازل او الثروة الحيوانية التي تقع في الأراضي الزراعية.
كما أن حرائق الأراضي الرعوية يؤدي إلى ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج لمربي الثروة الحيوانية بسبب اعتماد المزارعين على الاعلاف لتغذية الثروة الحيوانية كبديل عن المراعي التي يتم حرقها.
وللحرائق تاثير على المناخ والبيئة من حيث ارتفاع درجات الحرارة والتاثير على تماسك التربة، مما يعرض تربة الأراضي الزراعية إلى الانجراف.
ويضاف إلى ذلك التاثير على التوازن الطبيعي من خلال القضاء على الغطاء النباتي وخصوصا الأشجار ذات القيمة العالية والتي يزيد اعمار بعضها على مئات السنين او القضاء على الكائنات الحية المفيدة للتوازن الطبيعي.
وتحويل بعض المساحات الزراعية إلى مساحات جرداء متصحرة.
والتسبب في انتاج كميات كبيرة من غاز ثاني أوكسيد الكربون ودقائق الغبار التي تصل إلى مناطق بعيدة عن الحريق مسببة مشاكل صحية وبيئية, حيث تعتبر الحرائق احد العوامل التي تساهم في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري .
ويستعرض ابو جيش اهم الإجراءات الوقائية للحد من الحرائق، ومنها ضرورة قيام المزارعين بالعناية باراضيهم الزراعية بالتخلص من الأعشاب، والقيام باعمال التقليم للاشجار والتخلص من مخلفات التقليم خارج الأراضي الزراعية، مع التركيز على الأراضي الزراعية التي تتعرض باستمرار لاعتداءات الاحتلال والمستوطنين.
وعدم القاء أعقاب السجائر والاجسام المشتعلة والعبوات الزجاجية على جوانب الطرق، واثناء التنزه عدم اشعال النيران الا بالاماكن المخصصة، وعند الانتهاء من استخدام النار يجب إطفاؤها بأسرع وقت ممكن.
ويتوجب على المجالس المحلية وضع النفايات في أماكن بعيدة عن الأراضي الزراعية او إزالة الأعشاب لمسافة تزيد عن 500 متر حول الجهات المختلفة لمكب النفايات وخصوصا المكبات القريبة من الأراضي الزراعية.
وفي الأماكن التي يقصدها المتنزهون وخصوصا الأراضي الحرجية، ينبغي على الجهات ذات الاختصاص تحديد الأماكن الملائمة لاشعال مواقد النيران التي يستخدمها المتنزهون، وكذلك أهمية نشر المزيد من اللوحات الارشادية لتوعية المزارعين بأهمية اتباع الإجراءات الوقائية للحد من الحرائق.
وضرورة اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المتسببين باندلاع الحرائق وخصوصا المتعمدين لاشعال الحرائق.
ودعا ابو جيش الجهات ذات الاختصاص للقيام بالاعمال اللازمة للحد من خطر الحرائق في الغابات والمحميات الطبيعية والمراعي من خلال القيام باعمال التقليم وتنظيف الأعشاب في الأماكن القريبة من الطرق وانشاء خطوط النار والجاهزية العالية في فصلي الصيف والخريف لمكافحة الحرائق.
واقترح على وزارة الحكم المحلي والدفاع المدني تنفيذ برنامج تدريبي للمجالس المحلية حتى تكون تلك المجالس قادرة على تقديم التوعية للمواطنين لاتباع الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع انتشار الحرائق او لكيفية التعامل مع الحرائق في حال اندلاعها، على ان يكون لتلك المجالس الأدوات الأولية اللازمة لاطفاء الحرائق.
وأشار إلى ضرورة ان يكون هناك توزيع ملائم لسيارات الإطفاء على مستوى الوطن مع التركيز على المواقع التي يتكرر فيها الحرائق، مع ضرورة ان يكون هناك خارطة واضحة لمصادر التزود بالمياه لسيارات الإطفاء تشمل كافة التجمعات السكانية ومتوفرة لدي جهاز الدفاع المدني.
ويطالب بأن يكون هناك بيان رسمي صادر عن وزارة الزراعة بعدم تعويض أي مزارع عن أي اضرار ناتجة عن الحرائق بسبب اهمال المزارع لارضه وعدم تنظيفها من الأعشاب في الوقت المناسب لذلك.
وقدم أبو جيش جملة من الارشادات لكيفية التصرف في حال اشتعال النيران في الأراضي الزراعية، وأولها الاتصال الفوري بالدفاع المدني برقم الطوارئ المجاني 102 من الهاتف الثابت والمحمول في كافة محافظات الوطن، وكذلك الاتصال بالمجلس المحلي ليقوم باتخاذ الإجراءات الملائمة واستخدام أي إمكانيات متوفرة لدى المجلس للمساعدة في اخماد الحرائق، ولتحديد المصدر الملائم لتزويد سيارات الإطفاء بالمياه، وفي حال معرفة فريق مدرب على إطفاء الحرائق محاولة الاتصال به بأقصى سرعة ممكنة.
والمبادرة بجهد الأهالي والمتطوعين لإيقاف امتداد الحرائق لغاية وصول فريق الإطفاء، وفي حال الحرائق البسيطة يتم الإطفاء بواسطة الأدوات اليدوية المخصصة لذلك، اما في حال كان الحريق كبيرا فمن الممكن العمل على انشاء خطوط النار بإزالة الاغصان واوراق الشجر والاعشاب سريعة الاشتعال حيثما امكن بعرض تقريبي يزيد عن 3 متر.
ويتوجب ابعاد أي مواد قابلة للاشتعال قريبة من مكان الحريق في حال المقدرة على ذلك، واخلاء المواطنين وخصوصا الأطفال من مكان الحريق.
Comments are closed.