أفرز الانقسام الفلسطيني العديد من الأزمات التي أصابت كافة مناحي الحياة على مدار سنواته الخمس عشرة، وأثقلت كاهل المواطن الغزي الذي يعيش أسوأ أزماته الاقتصادية، نتيجة الغلاء المتلاحق في أسعار السلع الواردة إلى قطاع غزة، والازدواج الضريبي الذي تفرضه حكومتا رام الل وغزة.
وبشكل مفاجئ ارتفعت أسعار العديد من السلع الأساسية إلى جانب أسعار الغاز في قطاع غزة، والمتعلق بحالة الغلاء العالمي وفرض الحكومة في غزة ورام الله ضرائب إضافية على توريده، ما يصعب على المنهكين اقتصادياً تغطية التزاماتهم البيتية بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار السلع.
وعبر مواطنون وأصحاب مطاعم شعبية في غزة عن بالغ استيائهم من قرار رفع الأسعار وخاصة سعر أسطوانة الغاز، حيث وصلت إلى 75 شيكلا بعد أن كانت 62 شيكلاً، وهذا الارتفاع في الأسعار يجبر الكثيرين على عدم شراء الغاز نتيجة الظروف الاقتصادية المنهكة، إضافة إلى أن المطاعم رفعت أسعار بيع المأكولات بسبب التكاليف الباهظة الواقعة عليهم.
وتستورد غزة العديد من السلع والبضائع إلى جانب المحروقات من إسرائيل، كما تستورد كميات من مصر، لكن رفع حكومتي غزة ورام الله قيمة الضريبة على السلع المستوردة ، تسبب بزيادة أسعارها. واتخذت لجنة متابعة العمل الحكومي في غزة قراراً يقضي بفرض ضريبة القيمة المضافة التي تقدر بـ16 في المئة على كل صنف يدخل القطاع من الضفة الغربية، وكانت البضائع المستوردة من الضفة مستثناة من أي ضرائب جمركية أو قيمة مضافة.
وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف، إن حكومة غزة قامت بهذا الإجراء في إطار المعاملة بالمثل، إذ تفرض السلطة الفلسطينية ضرائب على البضائع الواردة من غزة.
ويمر مواطنو القطاع بأوضاع معيشية سيئة للغاية، رفعت معدلات الفقر والبطالة في صفوفهم، وقالت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس، إن الوضع الاقتصادي في غزة مقلق للغاية ويستدعي التدخل الفوري، وبات السكان غير قادرين على تلبية أبسط الاحتياجات، وهذا الأمر يجب إيقافه على الفور بأي طريقة وتسهيل حركة التوريد للسكان، فهناك أزمة فقر مدقع متزايدة في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الغذاء.
وفي وقت يشتكي مواطنون من ارتفاع أسعار الغاز، يتذرع أصحاب المحطات بوجود نقص في الكميات من أجل بيعه بأسعار مضاعفة على حساب قدرة المواطن الشرائية.
في سياق ذلك يقول رأفت عفانة إن الأوضاع المعيشية في قطاع غزة أصبحت لا تطاق نتيجة الغلاء الفاحش في أسعار جميع السلع لا سيما القفزة الكبيرة في أسعار غاز الطهي بسبب إزدواجية الضرائب، حيث تعتبر السلع التي شهدت أسعارها ارتفاعاً، من التي لا يمكن الاستغناء عنها.
وأوضح لـ«القدس العربي» أن سكان غزة يدفعون على مدار أكثر من عشر سنوات ثمن المناكفات السياسية، ومنها منع الحكومة في رام الله إدخال بعض السلع إلى غزة إلى جانب رفع قيمة الضرائب عليها.
وأشار إلى أن هذا الإجراء لا يمكن أن يخدم طموحات الحكومة في غزة على وجه الخصوص، نتيجة تكدس البضائع في السوق لعدم قدرة المواطن على شرائها مقارنة بتدني مستوى الأجور وارتفاع معدلات الفقر بين الغزيين.
وتعاني الحكومة في غزة من أزمة مالية خانقة أثرت على صرف رواتب موظفيها، حيث تصرف الحكومة التابعة لحماس راتبا بنسبة 50 في المئة للموظفين، نتيجة تراجع الدعم الخارجي وانخفاض الجباية الداخلية، وهذا يدفعها إلى فرض ضرائب إضافية على السلع لتزيد من إيراداتها في محاولة لسد العجز المالي.
من جهته قال المختص في الشأن الاقتصادي معين رجب إن الفلسطينيين في غزة يعيشون ظروفا اقتصادية صعبة، إلى جانب ارتفاع ملحوظ في معدلات الفقر والبطالة، وهذا الحال المتأزم هو أحد مخرجات الانقسام الفلسطيني عام 2007 والذي أدى فرض إسرائيل حصارا على غزة وتخلي السلطة الفلسطينية عن كامل مسؤولياتها تجاه القطاع.
وأوضح رجب أن الازدواج الضريبي هو إجراء غير قانوني ينهك المواطن، ويجب على الجهات الحكومية المختصة في غزة، مراعاة الظروف الصعبة التي يمر بها المواطنون بعيداً عن المناكفات السياسية، والتراجع عن أي إجراء لا يخدم المجتمع بل يزيد من معاناته.
ولفت إلى أن المواطن في غزة بات ينادي بإنهاء الانقسام بسبب تراكم الأزمات العالقة، والمطلوب في هذه المرحلة من قبل الجهات المعنية في غزة، السعي نحو إنهاء الانقسام للتخفيف من معاناة السكان، والاستجابة لمطالب الفلسطينيين في غزة، من خلال قيام السلطة الفلسطينية بالدور التنموي والتطويري تجاه القطاع.
Comments are closed.