في القدس وحي وادي الجوز ووزارة القدس والتراث

بقلم الدكتور: عماد عفيف الخطيب

أعلنت بلدية القدس الإسرائيلية في 3 آب هذا العام مصادقتها من خلال لجنة التخطيط والبناء المحلية على مخطط إنشاء مباني مجمع الأعمال في حي وادي الجوز. ذكرت البلدية أنها طورت المخطط بالتعاون مع وزارة “القدس والتراث” الإسرائيلية بحيث ينفذ المخطط على مساحة أرضية تقدر بنحو 80 الف متر مربع. تمتد مساحة المخطط الإنشائي من شارع عثمان بن عفان جنوبا بإتجاه الشمال محاذياً للشارع الرئيسي، بحيث يشتمل على بناء متعدد الطبقات يبدأ جنوباً بإرتفاع ثمانية طوابق ويتدرج شمالاً ليبلغ إرتفاع البناء أربعة عشر طابقا. كما تبلغ مساحة البناء نحو 200 الف متر مربع يستخدم معظمه للأعمال والتجارة، إضافة لتخصيص 10% منه للإسكان. وتذكر وزارة القدس والتراث على صفحتها بأن هذا المشروع المدعوم من الحكومة سيعزز السيطرة على حوض البلدة القديمة من القدس.
أما الوزارة فكانت قد تأسست “لشؤون القدس” في العام 1990 لكنها تحولت في العام 2005 إلى وزارة “القدس الكبرى” وأستمرت حتى العام 2013 حيث تحولت لوزارة “القدس والشتات.” وفي العام 2015 قامت حكومة نتنياهو بمنح الوزارة دوراً أكبر في القدس وحولتها لوزارة “القدس والتراث” للتركيز على دمج البعد التراثي في المخططات والفعاليات الخاصة بمدينة القدس تحديداً. وكانت الوزارة محور الخطط التي تم الموافقة عليها حكومياً وحملت القرار 3790 المعنون “تقليص الفوارق الإجتماعية والإقتصادية” بين أحياء القدس بما يشمل تنمية البنية التحتية السياحية بما فيها البلدة القديمة، والتأسيس لمجتمع الأعمال التقنية وما يتعلق بتشجيع إقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة وشركات تكنولوجية وتنمية ريادة الأعمال في الشطر الشرقي من المدينة. وقد أعلنت الوزارة أن المشروع في حي وادي الجوز سيخدم هذه التوجهات. وفيما يتعلق بالتحضيرات لتنفيذ القرار 3790 بما يشمل مشروع وادي الجوز، وزعت بلدية القدس الإسرائيلية قبل نحو عامين أوامر إخلاء بعنوان “وقف الإستخدام الإستثنائي” لما يقرب من 180 منشأة مقدسية قائمة في موقع ومحيط المشروع المقترح، حيث إعتبرت البلدية أن المنشآت القائمة طوال العقود السابقة، موجودة بشكل إستثنائي مخالف للقانون.
أما حي وادي الجوز فقد إشتهر بأراضية الخصبة والتي كانت تزرع من قبل عائلات فلسطينية حتى نهاية القرن التاسع، وقد سمي الحي تيمناً بأشجار الجوز. توسع البناء في الحي مع بداية القرن العشرين، وفي العام 1935 شيد الإنتداب البريطاني “متحف روكفلر الفلسطيني” على الطرف الجنوبي للحي، وقامت عائلة عابدين لاحقاً في العام 1939 ببناء مسجد عابدين في وسط الحي. في ستينات القرن الماضي قامت بلدية القدس، التي رأسها الراحل روحي الخطيب، بنقل المنشآت الصناعية التي كانت في شارع نابلس بالقرب من باب العمود الى أراضي الحي بهدف توسعة محطة الباصات المركزية هناك. وخلال السنوات التي تلت إمتدت المنطقة الصناعية في حي وادي الجوز على مساحة تجاوزت ١٢ دونماً لأرض موقوفة إستولت عليها لاحقاً دائرة الآثار الإسرائيلية.
وأمام ما زال يُخطط ويُنفذ فلا بأس من تكرار ما يرجوه المقدسيون الفلسطينيون من ضرورة توحيد الجهود لمواجهة التسارع في إستهداف القدس وأكنافها، والنظر بجدية لأهمية تعزيز صمود شعب إختاره العلي القدير مرابطاً وحامياً للأرض والمقدسات والتراث والهوية ولا زال عصياً على التدجين.
في 21 آب هذا العام، أي قبل أسبوع، مرت الذكرى 53 لإحراق المسجد الأقصى المبارك التي مثلت حدثاً جللاً في آب من العام 1969، ومنذ ذلك التاريخ ونحن والعالم العربي والإسلامي نحيي الذكرى الأليمة ولا ننسى إصدار بيانٍ “بالذكرى.”

Comments are closed.